الــقطّ الشيــرازي
———————–
وَيُــحــكى أنَّ قِــطّــاً فــارسيّاً
أتَــى لــلحيّ من شيرازَ مُوفَدْ
–
لــهُ عــينانِ زرقــاوانِ تَــسْبِي
قــلــوبَ الــمُعْجباتِ إذا تَــنَهَّدْ
–
وقِــطّتُه الأنــيقةُ كــم تــباهتْ
بــأطواقِ الــلآلئِ والــزَبَرْجَدْ
–
فأَوغلَ في قِطاطِ الحيِّ ضرباً
وفــي أمــوالِهمْ بــالليلِ عَــرْبَدْ
–
فــعانى الــحيُّ مــن ظُلمٍ كبيرٍ
وبـــاتَ الــقطُّ دونَ اللهِ يُــعْبَدْ
–
وصــاروا إنْ يَــمُؤ القِطُّ مَوْءًا
لــفكِّ رمــوزِه الــندواتُ تُعقَدْ
–
لإظــهارِ الــمقاصدِ والمعاني
بــذاكَ الــقولِ والــفكرِ المُوَقَّدْ
–
ولــمَّا شــاخَ وانــحَدَرَتْ قواهُ
وكــانَ الــخوفُ عنهمْ قدْ تَبَدّدْ
–
فــثارَ الــحيُّ مُــنْتفضاً عــليهِ
ومـــن أتــبــاعهِ قِــسْمٌ تَــمرَّدْ
–
فــأسرعَ لــلكلابِ يــريدُ عوناً
وعــادَ بــجحْفَلٍ كــالليلِ أَسْوَدْ
–
فــعاثوا فــي الدّيارِ وأَفْسَدُوها
ومــا تركوا بها حجراً مُنَضَّدْ
–
وقَــتَّلَ كــلَّ مــنتفضٍ خَــؤُونٍ
ومــن وَالَاهُــمُ أضحى مُشَرّدْ
–
وحــصَّنَ عــرشَهُ بعدَ اهتزازٍ
شــعورُ الخوفِ عنه باتَ أَبْعَدْ
–
وأصــبحَ يَــنْفِشُ الأَوبَارَ نفشاً
بــأنيابِ الــكلابِ رَغــا وأزْبَدْ
–
وبَــاتوا أوصِــياءَ عــلى بــنيهِ
ومــن كــلِّ الأمورِ غدا مُجَرَّدْ
–
وفــي أفــحوصِهِ نامتْ كلابٌ
وصارتْ دونَهُ الأبوابُ تُؤصَدْ
–
يَــهــزُّ الــذيلَ يــشكرُ مُــنْقذيهِ
وكــانَ عــلى الــمذلّةِ قدْ تَعوَّدْ
–
وقــالَ بــلهجةٍ فــيها انــكسارٌ
أنــا الــعبدُ الــمطيعُ لكمْ تَوَدَّدْ
–
مُــرُوا مــا شئتمُ من أيِّ شيءٍ
بــلادي كــلُّها نَــهْبٌ ومَــرْفدْ
–
فــردَّ الــكلبُ يَــهْزَأُ من عميلٍ
لــقدْ خــانَ الأمــانةَ مــا تَرَدَّدْ
–
أخَــذْنَا مــا نــشاءُ بــغيرِ إذنٍ
ولا نَــحــتَاجُ قَـــوَّاداً مُــحَــدَّدْ
–
وجُــودُكَ قَــدْ غَــدا عِبْئاً ثقيلاً
ومــا ظَــنِّي عَــوَاقبَهُ سَــتُحْمَدْ
–
فَــهَــيَّا لَــمْلِم الأغــراضَ هــيّا
رَحِــيلُكَ بــاتَ مَحْسوماً مُؤَكَّدْ
–
فَــمَنْ يَــطْردْهُ مــن بيتٍ ذووهُ
بِــلاَ شَــكٍّ من الأغرابِ يُطْرَدْ
–
عبدالناصر عليوي العبيدي