شؤون محلية

العلماء يربطون وباء الكوليرا في اليمن بالمضادات الحيوية


اكتشف خبراء الصحة في اليمن وأوروبا أن السلالات المحصنة ضد الأدوية من وباء الكوليرا لم يتم نقلها إلى اليمن من الخارج وإنما كانت نتيجة الاستخدام المكثف للمضادات الحيوية من نوع ماكرولايد وأزيثروميسين. وتوصل الخبراء إلى هذا الاستنتاج بعد تحليل جينومات 260 عينة من العامل المسبب للكوليرا.

لندن ـ عدن اوبزيرفر:تفشت عام 2016 أكبر موجة من وباء الكوليرا في اليمن، تزامنا مع الاستخدام المكثف لأدوية ماكرولايد هناك. واكتشف فريق علمي دولي أدلة على أن السلالة المقاومة للأدوية التي تسببت في أكبر وباء كوليرا في تاريخ اليمن، ظهرت في أواخر عام 2018 بعد الاستخدام واسع النطاق للأزيثروميسين ومضادات حيوية أخرى من نوع ماكرولايد. ونشر العلماء نتائج الدراسة بهذا الشأن في مجلة “نيتشر ميكروبيولوجي”.

وأظهر التحليل أن السلالات “المحصنة” من ضمة الكوليرا لم يتم نقلها إلى اليمن من الخارج. فقد ظهرت فيه خلال نهاية عام 2018 نتيجة الاتصال الطويل الأمد لأسلافها بالمضادات الحيوية من فئة ماكرولايد. وأدى ذلك إلى ظهور أنواع أقل عدوى من البكتيريا التي تحمل جينات مقاومة للمضادات الحيوية، وتنقل هذه “القوة العظمى” إلى السلالة المعدية “في سي أيتش 9 جي”، مما يجعلها محصنة ضد معظم الأدوية.

وتوصلت إلى هذا الاستنتاج مجموعة من العلماء من اليمن وأوروبا بقيادة البروفيسور نيكولاس طومسون من مدرسة لندن للصحة والطب الاستوائي بعد تحليل جينومات 260 عينة من العامل المسبب للكوليرا، وهو فيبريو كوليرا، وتم جمع العينات في عامي 2018 و2019، خلال بلوغ وباء الكوليرا ذروته في اليمن.

وبدأت سلالة “في سي أيتش 9 جي” في الانتشار بسرعة كبيرة في جميع أنحاء اليمن عام 2019 لتحل محل جميع سلالات ضمة الكوليرا الأخرى، مما أدى إلى تفشي مرض الكوليرا الموسمي الشديد بشكل غير عادي وطويل الأمد في صيف عام 2019. ويشير العلماء إلى أن هذا السيناريو لظهور الكوليرا “المحصنة” يسلط الضوء على الحاجة إلى المراقبة الجينية أثناء الأوبئة للسيطرة على ظهور مسببات الأمراض المقاومة للأدوية.

◙ ظهور الكوليرا “المحصنة” يسلط الضوء على الحاجة إلى المراقبة الجينية أثناء الأوبئة للسيطرة على ظهور مسببات الأمراض المقاومة للأدوية
يذكر أن أكبر وباء للكوليرا في تاريخ البشرية المعاصرة بدأ في اليمن عام 2016، وأصبحت الأوضاع الصحية حادة خاصة بحلول عام 2019، عندما بدأت سلالات جديدة من ضمة الكوليرا المقاومة لعدد كبير من الأدوية والمطهرات تنتشر في جميع أنحاء البلاد.

وبحلول نوفمبر 2021 تجاوز عدد المصابين 2.5 مليون، وتوفي أكثر من 4 آلاف يمني بسبب المرض. ووفقا لأحدث بيانات منظمة الصحة العالمية، لا يزال تسجيل حالات الإصابة بالكوليرا في جميع أنحاء البلاد متواصلا، حيث أن حوالي ربع الحالات أطفال دون سن الخامسة. وأعلنت وزارة الصحة العامة والسكان في اليمن عن اكتشاف حالات جديدة للكوليرا في اليمن.

ومنذ آخر تحديث في 6 ديسمبر الماضي أُبْلِغَ عن اكتشاف 1173 حالة جديدة يشتبه في إصابتها بالإسهال المائي الحاد (الكوليرا) ووقوع 3 وفيات إضافية. واعتباراً من 13 ديسمبر أُبْلِغَ عما مجموعه التراكمي 14810 حالة مشتبه في إصابتها بالكوليرا، واشتملت على 92 وفاة مرتبطة بها في جميع المحافظات المتضررة، وذلك بمعدل إماتة للحالات قدره 1 في المئة. وقد ارتفع عدد الحالات المؤكد مختبرياً إصابتها (بضُمَّة الكوليرا) إلى 156 حالة.

وتشتمل المناطق المتضررة على 135 منطقة في محافظات أبين وعدن والبيضاء والضالع والحديدة والجوف وعمران وذمار وحجة وإب ولحج وريمة وصنعاء وتعز وكذلك مدينة صنعاء. ومع ذلك، فإن أكثر من 65 في المئة من الحالات المبلغ عنها كانت من عدن والبيضاء والحديدة وتعز. ووقعت نحو 70 في المئة من الوفيات في محافظات عدن والبيضاء والحديدة وإب وتعز.

ومازال فريق العمل المعني بالكوليرا الذي تقوده منظمة الصحة العالمية، في شراكة مع وزارة الصحة واليونيسف ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية والمنظمات الشريكة الأخرى، يعمل على تعزيز أنشطة التصدي للكوليرا على الصعيد الوطني وعلى صعيد المحافظات. وكانت جهود الوقاية والتدخل التي اتخذت حتى الآن فعّالة في الحد من عدد الحالات.

وسميت بكتيريا “ضمة الكوليرا” بهذا الاسم نظراً لشكلها تحت المجهر الذي يشبه الضمة في اللغة العربية، وتسبب هذه البكتيريا مرض الكوليرا الشهير، والذي ينتشر بشكل وباءٍ يصيب العديد من الأشخاص ويقتل نسبة كبيرة من المصابين خصوصاً من فئة الأطفال.

◙ سلالة “في سي أيتش 9 جي” بدأت في الانتشار بسرعة كبيرة في جميع أنحاء اليمن عام 2019 لتحل محل جميع سلالات ضمة الكوليرا الأخرى

وتعد الكوليرا مرضا مُعديا من أعراضه الإسهال، وتحدث الإصابة بها جراء ابتلاعِ غذاءٍ أو ماءٍ ملوثين ببكتريا الكوليرا، ويُقدر عدد حالات الكوليرا بما يتراوح بين ثلاثة ملايين وخمسة ملايين حالة، ويقدر عدد الوفيات الناجمة عنها بما يتراوح بين مئة ألف ومئة وعشرين ألف حالةِ وفاةٍ في كل سنة، كما أن قصر فترة حضانة الكوليرا، والتي تتراوح بين ساعتين وخمسة أيام، يعزز إمكانية الانتشار السريع للمرض، وهناك ترجيح وشبه توافق على أنَّ جذور الكوليرا استوطنت شبه القارة الهندية، ثم انتقل منها المرض إلى باقي أنحاء العالم.

ومازال المرض يهدد الدول الفقيرة ويشكل خطرا عليها؛ لأنها لا تقدر على توفير مياه شرب آمنة. وعلى النقيض من ذلك لا يمثل المرض تهديداً حقيقياً في الدول الصناعية؛ نظراً إلى المعالجة الجيدة للمياه، وسنعرض في السطور الآتية تاريخ هذا الوباء من القرن التاسع عشر إلى يومنا هذا.

تعاني ثماني دول من بين 22 دولة في إقليم شرق المتوسط من فاشيات الكوليرا والإسهال المائي الحاد. وعلى مستوى العالم، هناك 29 فاشية للكوليرا حاليا، وهو أعلى رقم مُسجّل في التاريخ. والخطر يتمثل في انتقال الكوليرا من بلد إلى آخر، لذلك فإن الفاشيات الحالية تعرّض البلدان المجاورة لخطر متزايد وتؤكد الحاجة إلى مكافحة الكوليرا بشكل سريع. العرب

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى