الحذر من تأويل التباينات ووجهات النظر والتشكيك بوطنية أصحابها
/ صالح شائف
من بديهيات الحياة السياسية؛ ومنطق الأمور في كل نشاط منظم في إطار الكيانات والأحزاب وتجمعات القوى السياسية المختلفة؛ أن تحصل التباينات وتعدد وجهات النظر وتعارضها في بعض التفاصيل؛ بل وحتى حصول الإختلافات المعبرة عن رؤية ورأي هذا أو ذاك من الأفراد المنضوين في إطار هذه الهيئة القيادية أو تلك؛ والتي تنتج عادة عند إتخاذ القرارات ووضع خطط النشاط العام؛ أو تقييم الأداء وبحث سبل المعالجات للأخطاء وأوجه القصور؛ غير أن حلها ليس صعباً ومتاح عبر لغة ومنطق الإقناع؛ وبالحجة الواضحة لتبيان عدم صحة وصواب هذا الرأي أو ذاك؛ أو الأخذ به عند الإقتناع بصحته وصوابه؛ ويصبح بعد ذلك موقفاً عاماً معبراً عن هذا الكيان السياسي أو ذاك؛ والإحتكام في كل حالة يحصل فيها التباين وخلافه؛ للقواعد المنظمة للعمل التي تمت صياغتها في إطار الوثائق المقرة والملزمة للجميع.
إن العمل السياسي على تعدد ميادينه وأشكال فعله وتجسيده في واقع حياة الناس في المجتمع؛ والذي يهدف لإستنهاض هممهم دفاعاً عن مصالحهم؛ ورفع درجة الروح الوطنية لديهم؛ وحشدهم في سبيل الإنتصار للمهمات والقضايا الوطنية والتاريخية؛ لهي عملية صعبة ومعقدة للغاية؛ وليست سهلة يمكن تحقيق النجاحات فيها وإنجازها وفقاً للقرارات أو للرغبات مهما كان نبلها ومشروعيتها؛ لأنها تتم في إطار عملية صراع شاملة؛ متعدد الأوجه والأشكال والميادين؛ كما هو حال قضية شعبنا الوطنية في الجنوب.
لذلك فإن المجلس الإنتقالي الجنوبي؛ بصفته كياناً وطنياً عريضاً ويحمل على عاتقه في هذه المرحلة المفصلية؛ المهمة الرئيسة الكبرى المعبرة عن إرادة شعبنا الوطنية؛ وبالعودة إلى التجارب العملية وفي مراحل مختلفة؛ أكان ذلك على الصعيد الوطني؛ أو ما شهدته تجارب بلدان أخرى؛ فإنه عرضة مثله مثل أي كيان وطني وسياسي يخوض معركة وطنية كبرى؛ للكثير من حالات الجدل وعدم التوافق التام عند بعض الأمور والسياسات المتبعة بشأنها؛ وحصول التباينات وإختلاف وجهات النظر الواردة الحدوث؛ وبشكل مستمر ومتجدد بتجدد القضايا وتنوع المهمات؛ وما يرافق ذلك من نقاشات قد تصل إلى درجة الحدة في بعض الأحيان؛ والمرتبطة بتقدير هذا أو ذاك للأمور والموقف المطلوب منها؛ وهذا أمر وارد وطبيعي؛ بل ومنطقي ولا ينبغي القلق منه أبداً؛ بل هي حالة صحية تماماً طالما هي منسجمة مع الخط المبدئي العام للمجلس الإنتقالي الجنوبي؛ ولا تخرج عن وحدة الموقف والقيادة والقرار؛ والهدف الوطني العام للشعب الجنوبي.
غير أن الخطر يكمن في حالة أن يذهب البعض إلى تأويل بعض التباينات وتعارض بعض وجهات النظر والترويج لها؛ بعيداً عن واقع الحال المعاش؛ وإحتسابها من وجهة نظرهم مواقف معارضه ومثيرة للشك والريبة بسلوك أصحابها والإنتقاص من وطنيتهم وإخلاصهم؛ ولمنع حدوث مثل هذه التأويلات يتطلب إتباع الشفافية والوضوح وعدم ترك الأمور للغموض عندما يتطلب الأمر ذلك؛ وبما يقطع الطريق أمام هواة التأويل الضار والخطير؛ والذي يعبر عن قصر نظر وغباء سياسي قد لا يكون بريئاً في كثير من الحالات؛ ويؤسس دون وعي وإدراك لحالة من الإنقسامات والتمترس اللا منطقي واللا مبرر واللا مقبول؛ وسيخدم أعداء الجنوب وقضية شعبنا الوطنية.