ادب وثقافة

في رثاء مدينة درنة


ستُزهِرُ أرضُهَا باليَاسَمِينِ
و يُشْرِقُ سَقْفُهَا بالأزهرينِ

ستفْرَحُ رَغْمَ فَاجِعَةِ الطوامي
و هدأةِ طعنة الرمح الرُّدِينِي

هنا أَثَرُ الصحابةِ قال صَبْرًا
فدنيانا الزهيدةُ كالكمينِ

أَضَعْنَا في غياهبها و ضِعْنَا
و لمْ نرجِعْ بِشِيْءٍ مِنْ حُنِينِ

تُشيِّدُ بالشمالِ قصورَ جاهٍ
و تهدِمُ كُلَّ شَيءٍ باليَمِيْنِ

عَمَتْهَا أعينٌ لا كُمْهَ فيها
و أبصرها “رهينُ المحبسينِ”

فطعمُ الموتِ في ثوبٍ رخيصٍ
كطعمِ الموتِ في ثوبٍ ثمينِ

و كان الناسُ من طينٍ و ماءٍ
فصاروا اليومَ في ماءٍ وَطِيْنِ

و عاشَ البعضُ في ركنٍ خرابٍ
و متنا نحنُ في الركنِ الحصينِ

بَكَتْ دُوْرٌ بِ”دَرْنَة” واكْفَهَرَّتْ
و قد تبكي الديارُ مِنَ الحَنِيْنِ

و ضَجَّتْ أَعينٌ حتَّى ازْمَهَرَّتْ
كما ضجَّتْ مياهُ الرافدينِ

و مِن أعشاشِها هربَتْ طيورٌ
كما هربتْ مع الماضي سنيني

و لِي في “جَارةِ الوادِي” قلوبٌ
تَعَتَّى الموجُ بينَهُمُ و بيني

رننتُ رننتُ حتَّى انْهَارَ صبري
وهل يُجدي إذا رحلوا رنيني ؟!

فأضحى طعمُ قهوتِها المُسَجَّى
كطعمِ الحزنِ في النايِ الحزينِ

هنا أثرُ “الصحابةِ” و”الرفاعي”
و بؤسٌ تلَّ “درنةَ” للجبينِ

هنا وَلَدٌ هَوَىْ و الأمُّ تبكي
وَ رَجْعُ صَدَاهُ أمِّيْ سامحيني

هنا موسى الرضيعُ قَضَىْ غريقًا
و ضاعتْ أُخْتُهُ في الأَغْزَرَيْنِ

هنا غَرِقُوْا بدمعكِ يا “إِرَاسَا”
و كَمْ غرقوا بِحُبِّكِ للوتينِ

هُنَا أَلْقَوْكِ في جُبٍّ سحيقٍ
وَلَمْ يُلْقَى القَمِيْصُ على الجفونِ

فَيَا “غَرْنَاطَةَ” الوطنِ المُفَدَّى
أفيضي بالأَسَى حتَّى تلينِي

و يا جرحًا عميقًا في بلادي
تآلَفَ فِيْهِ شَمْلُ الجَحْفَلِيْنِ

سَتُزْهِرُ أََرْضُكِ السمراءُ يَوْمًا
وَ يَعْطِسُ فِيْكِ زَهْرُ اليَاسَمِيْنِ

قلم/ حامد حفيظ / ليبيا
#درنة

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى