شؤون محلية

صحيفة دولية : تحركات سعودية تمهّد لخروج سريع من حرب اليمن.


دخول السعودية في عملية سلام شامل في اليمن بدأ يتحوّل من خيار إلى ضرورة تفرضها عملية تصفير المشاكل وتبريد الصراعات لإفساح المجال أمام انخراط المملكة في مشاريع تعاون اقتصادي ضخمة إقليميا ودوليا، وهي عملية قطعت فيها الرياض أشواطا متقدمة لكنها ستظل مهدّدة بالانتكاس إذا لم تتخلص السعودية من عبء الملف اليمني وتعقيداته.

عدن –عدن اوبزيرفر: يحمل انخراط المملكة العربية السعودية في مشاريع تعاون اقتصادي ضخمة على صعيد ثنائي كما هي الحال مع الهند، أو على صعيد جماعي إقليمي ودولي كما هو الشأن بالنسبة إلى الممر الاقتصادي بين الهند أوروبا عبر منطقة الخليج العربي والأردن وإسرائيل، بارقة أمل إضافية بخروج اليمن من حالة الحرب التي يعيشها منذ تسع سنوات.

ويقول مراقبون إنّ إنجاز تلك المشاريع التي أبرمت السعودية مؤخرا اتفاقات بشأنها يحتّم استكمال تبريد الصراعات وبسط السلام في المنطقة ما سيتطلّب من المملكة قرارات جريئة في ما يتعلّق بالملف اليمني على غرار قراراتها بمصالحة قطر وتركيا واستئنافها العلاقات مع إيران وشروعها في التطبيع مع إسرائيل.

ويبدو أن الحوثين التقطوا حاجة السعودية العاجلة للسلام وشرعوا في الضغط عليها لتحقيق أقصى قدر ممكن من المكاسب.

وقال دبلوماسي خليجي سبق له العمل في الرياض إنّ الشروع في مدّ خط حديدي ضخم يعبر آلاف الكيلومترات من الأراضي السعودية في نطاق الممر الاقتصادي الدولي قد لا يكون ممكنا إذا لم يتم تحييد خطر الصواريخ والطائرات المسيّرة الحوثية.

وذكر أن تأمين الخط أثناء الإنجاز وبعده بالدفاعات المتطورة أمر ممكن تقنيا لكنه مكلف ماديا ما يجعل أفضل ضمانة للسعودية لاستكمال مشروعها وحمايته هو إرساء سلام راسخ في اليمن، خصوصا وأنّ التقارب مع إيران بات يهيئ الأرضية لتفاهم سعودي – حوثي قد تكون الاتصالات جارية بشأنه بمشاركة فاعلة من سلطنة عمان ذات العلاقة الوثيقة بالحوثيين وداعمتهم إيران.

وكانت نيران الحوثي قد طالت في فترات سابقة مناطق سعودية أبعد من المنطقة التي يتوقّع أن يمرّ منها الخط الحديدي الجديد، حيث بلغت منشآت النفط التابعة لشركة أرامكو السعودية ببقيق وخريص شرقي المملكة.

ورغم إعلان الرياض أن زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمّد بن سلمان الأخيرة إلى السلطنة هي زيارة خاصة، لم يمنع ذلك بعض اليمنيين من ربط تلك الزيارة بترتيبات السلام في بلدهم.

وورد على أحد المواقع الإخبارية اليمنية أنّ “قطاعا يمنيا واسعا ينظر إلى نتائج زيارة ولي العهد السعودي إلى سلطنة عمان”. ونقل موقع عدن الغد عن مصادر إعلامية يمنية وأخرى سياسية أنّ “الزيارة ربما تناقش تطورات الوضع في اليمن وإمكانية إعلان توافقات إنسانية تمهّد لإنهاء الحرب في البلاد”، مضيفا “رغم أن الحكومة الشرعية والحوثيين لم يعلنوا عن أيّ تحركات تتواكب مع الزيارة إلاّ أن مصادر إعلامية تحدثت عن قرب اتفاق بخصوص الملف اليمني”.

وقال مراقبون إنّ تكتّم الرياض على محتوى زيارة ولي العهد إلى مسقط ولقائه السلطان هيثم بن طارق يتلاءم تماما مع أسلوب سعودي مألوف في إدارة بعض الملفات الحساسة يقوم على التكتّم وإنضاج القرارات الهامة بشأنها بعيدا عن الأضواء.

ولفت تعليق عبر منصة “إكس” لأحد المحسوبين على أسرة الحريزي ذات النفوذ في شرقي اليمن والمقرّبة من دوائر صنع القرار في سلطنة عمان بالتزامن مع وجود الأمير محمّد بن سلمان في مسقط. وكُتب في الحساب الذي يحمل اسم علي صالح الحريزي ويحمل صورة الوجه القبلي البارز في محافظة المهرة علي سالم الحريزي “أبشّركم بأخبار خير لكل اليمن سيعلن عنها من العاصمة العُمانية مسقط خلال الأيام القادمة”.

ومع وجود ولي العهد السعودي في مسقط بادرت جماعة الحوثي لتسليط المزيد من الضغوط على المملكة على أساس أنّها الطرف المبادر للسلام وصاحبة المصلحة في تحقيقه.

ونقلت قناة المسيرة الفضائية الناطقة باسم الحوثيين عن عبدالعزيز بن حبتور رئيس ما يُعرف بحكومة الإنقاذ الوطني قوله إن الوساطة العمانية في ملف الصراع اليمني صادقة ولكنها ذات تأثير محدود.

وهدّد بن حبتور بالعودة إلى مربع ما قبل التهدئة الحالية والتي حرصت السعودية نفسها على إرسائها قائلا “نعطي آخر فرصة لدول التحالف.. نحن الآن منكبون على الاحتفال بالمولد النبوي الشريف وما بعده الأمور مفتوحة على العودة إلى المربع الأول”.

وجاء كلام رئيس حكومة الحوثيين في سياق المطالبة بإيصال الإيرادات المالية إلى صنعاء ودفع رواتب الموظفين التابعين لحكومته.

وأكد سلطان عمان وولي العهد السعودي الثلاثاء “المضي قدما في تعزيز أوجه التعاون الثنائي”. وجاء ذلك وفق مصدرين رسميين سعودي وعماني بشأن “الزيارة الخاصة” غير محددة المدة التي بدأها الأمير محمد بن سلمان الاثنين.

وأفادت وكالة الأنباء السعودية بأن “السلطان هيثم بن طارق استقبل في قصر البركة بالعاصمة مسقط الأمير محمد بن سلمان خلال الزيارة الخاصة التي يقوم بها”. وجرى خلال الاستقبال “تبادل الأحاديث الودية واستعراض العلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين”.

ووفق وكالة الأنباء العمانية استعرض الجانبان “العلاقات الأخوية التاريخية الراسخة بين البلدين وأكدا عزمهما المُضي قُدُمًا في تعزيز أوجه التعاون الثنائي القائم في شتى المجالات”.

مع وجود ولي العهد السعودي في مسقط بادرت جماعة الحوثي لتسليط المزيد من الضغوط على المملكة على أساس أنّها الطرف المبادر للسلام وصاحبة المصلحة في تحقيقه

ووصل ولي العهد السعودي، مساء الاثنين، إلى مسقط للقاء سلطان عمان في زيارة خاصة عقب اختتام زيارة الأمير محمد بن سلمان إلى الهند بعد حضوره قمة مجموعة العشرين وعقد مباحثات مع رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي.

وكان لافتا لليمنيين أنّ زيارة ولي العهد السعودي إلى عمان بدأت بعد ساعات من لقاء أجراه وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان مع رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي وطغى عليه بشكل لافت موضوع التسوية السياسية في اليمن.

وقال الأمير خالد عبر منصة “إكس”، “استعرضنا العلاقات الأخوية بين بلدينا وبحثنا مستجدات الأوضاع في اليمن”، مؤكدا استمرار المملكة في “دعم مجلس القيادة الرئاسي اليمني، وحرصها الدائم على دعم كافة الجهود للتوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة اليمنية يُحقق الأمن والاستقرار لليمن وشعبه”.

كما لفت انتباه المراقبين خلوّ المحادثات من أيّ مواضيع ذات صلة بتخصص الوزير وهو الشؤون العسكرية والدفاعية من قبيل تأكيد الدعم السعودي للشرعية اليمنية في مواجهة الحوثيين وهو موضوع كان معتادا التطرق إليه في فترات سابقة خلال اللقاءات التي تجمع بين القادة والمسؤولين السعوديين واليمنيين، وذلك في حرص على تبليغ رسائل سعودية بأن المملكة ماضية في تدخلها العسكري في اليمن واستخدامها خيار القوة في التصدّي لتحركات الحوثيين المدعومين من قبل إيران.

ولم تتردّد مصادر سياسية يمنية في القول إن ما دار بين العليمي ووزير الدفاع السعودي هو بمثابة إعلام سعودي لقيادة الشرعية اليمنية بوجوب الاستعداد للسلام والعمل مستقبلا في ضوء هذا المعطى.العرب

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد ايضا
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى