ادب وثقافة

منال الكندي تكتب : مراجعة نقدية للروايات الثلاثة الأولى من سلسلة ابن الفوضى




مراجعات نقدية حول روايات سلسلة ابن الفوضى للكاتب والروائي اليمني أحمد ابراهيم الخليل
رواية -اللحظة صفر
بداية الرواية معقدة نوعا ما، خصوصا الحوارات بين موسى وروبرت دسمة للغاية، ولكن في طيات هذا التعقيد يوجد شيء دفعني إلى المواصلة، ربما بعض من المجهول، كثير من الفضول، ورغبة عارمة في اكتشاف سبب هذا التعقيد، والهدف النهائي منه!
في البداية كدت أتوقف عن القراءة، رغبة برمي الرواية جانبا، صراع في داخلي، شيء يقول لي توقف، وشيء يدفعني للاستمرار، ثم سرعان ما اكتشفت أن هذا الصراع الذي في داخلي هو ذاته الصراع الذي يعيشه أبطال الرواية أنفسهم! كانت هذه لحظة فارقة بالفعل، كيف لي أن أعيش صراع أبطال رواية خيالية وكأنها حقيقة أعيشها بنفسي!
اللحظة الفارقة التالية كانت عندما ظهرت شخصية بيبرس، لاحت في الأفق بعض الإجابات، ثم الكثير من الأسئلة الجديدة! وسرعان ما تحول الأمور إلى إدمان للمواصلة، حرب استخباراتية! غسيل أدمغة! صراع دولي، طالما أحسسنا بوجود مثل هذه المعارك في الخفاء، لكن لأول مرة أقرأ رواية تتحدث عنها، تفاصيل معارك الظل التي أحسسناها دون أن نعلم عنها شيء.
ثم كانت المفاجئة من العيار الثقيل، سؤال لن يبرح ذهنك طوال الوقت، لمَ كتب هذا الروائي جملة “لا تخف من هذه إلا رواية عابرة وسوف تنتهي” على غلاف الرواية وفي مقدمتها؟!
حين تكررت مثل هذه الجملة على لسان بطل الرواية، عرفت عندها السبب، وكأن الهدف النهائي ليس رسلان ولا روبرت ولا المطرقة ولا المقر ألفا ولا البلورة ولا كاترينا ولا كريستين ولا جميع شخصيات الرواية! بل الهدف هو أنا، أنا نفسي، هذه السلسلة كلها كتبت من أجلي.
ثم عدت بذاكرتي للبداية، عندما كنت أقلب صفحات الفيس بوك، ظهر لي نقد معجبة برواية اللحظة صفر، تكلمت عن رحلتها في الرواية، شدني بعض ما كتبته، ولم أكن أعلم أن رحلتي ستبدأ ليست مع رواية واحدة بل ثلاث روايات.
اللحظة صفر مفتاح يفتح لك أبوابا لم تكن تتوقعها، كما يؤكد بطل الرواية بأن كل شيء متوقع في عالم الفوضى، حتمية كُتبت دفعة واحدة.
يأخذك الكاتب لعالم يعيش المغامرات وكأنك تشاهد فيلما من نوع الأفلام الجاسوسية الاستخباراتية لكن بلون مختلف، سرد عذب لحركية الأحداث نشاط متوهج يستقطب القارئ ويشوقه للاستمرار.
فيها شخصيات من ثقافات مختلفة وخلفيات متنوعة تدور أحداثهم في رحلة حول العالم في كل بلد مفتاح يفك لغز ما حول تلك الشخصيات، وكل فصل يُجيب على التساؤلات التي عصفت في الذهن في الفصول السابقة، التشويق لمعرفة الحقيقة، تلك التي يرى بطلها كونها أكثر من كذبة مقنعة.


رواية الطائفة



رواية قبل قراءتها تكون في عالمك الساكن الرتيب، ثم تبدأ فتنتزع من داخلك جنونك الذي قيل لك دوما أنه سيكون سببا في نبذك وطردك خارج القطيع، هو جنون يكتب مصير كل إنسان ويحدث فرقا وبصمة في رحلة حياته.
ومع كل فصل من فصولها تتبدل معها وتدخل عالمها الذي لن يأخذك بعيدا عن واقع يعيشه المواطن العربي مع أنظمة يحكمها ديكتاتور بالحديد والنار ليرضي شهواته ورغباته التي يغلفها بأقنعة كثيرة، أهمها الوطن ووحدته! وإن كان على حساب التنكيل بشعب كامل.
لعلك لا تنتبه لخطورة بعض التفاصيل منذ البداية، لكن في نهايتها تجد نفسك مرغما أن تعيد قراءتها مرة أخرى بحثا عن أدق التفاصيل لتربط الأحداث والشخصيات والتاريخ لتفكيك الألغاز وإن بدت لك سهلة واضحة!
رواية تكشف دهاليز عالمنا العربي فيه المواطن عبد لا حقوق له، مواطن تم تحويله لمسخ.
هو واقعنا الذي أبدع الكاتب أحمد أ. الخليل في سرد تفاصيله عبر شخصيات الرواية والأحداث المترابطة رغم أنها قد تبدو للوهلة الأولى عكس ذلك. لكنك تعيش معها رحلة تفكيك الألغاز واللعبة الاستخباراتية.
شكرا لإبداعك.



رواية لعنة زينب

ما أن تنتهي من اللحظة صفر، ثم الطائفة، حتى يكون الفضول قد بلغ بك مبلغا عظما لمعرفة بطل هذه السلسلة! ما قصته؟ من هو؟! ثم تأتي لعنة زينب، لتحكي لنا حكايته! ليس منذ تاريخ مولده، بل قبلها بمائة عام وأكثر، حيث بدأت الأحداث في عام 1910 ميلاديا وقبله كذلك، تفاصيل مهمة لا يمكن تجاهلها كونت شخصيته، فهذا الرجل ولد قبل مولده بعشرات السنيين! ثم تسأل نفسك، هل أنا ولدت كذلك قبل مولدي بعشرات السنيين؟!
لعنة زينب تسافر بك في مراحل زمنية في عمق التاريخ، تنتقل من الإمبراطورية العثمانية وسقوطها، واللعنة التي حلت على تاريخ الدولة العربية نتيجة الانقلابات العسكرية وأسقطتها في هوة سحيقة.
قلم رشيق يرسم الأحداث والشخصيات ويربطها بالتاريخ بواقع الحقيقة، حبكة درامية تنتقل عبر أحداثها التاريخية وقصص أبطالها.
لعنة زينب هي مفتاح البداية لمعرفة حقيقة ابن الفوضى، وكيف الأقدار كتبت مصيره، ليسطر أحداث حكايته، وحيد وسط الفوضى أعيش، ووحيد قد أموت، لكن ما بينهما، فأنا من سيكتبه.
ثم تنتهي الرواية! لكن لا تنتهي الأسئلة! تعمد الكاتب عدم البوح بحقيقة اللعنة! هل هي لعنة فرعونية حقيقية خرجت من ذلك السرداب، أم مجرد حالة نفسية انتقلت من جيل إلى جيل لتصنع بطل الرواية؟!
لا يمكننا الجزم بهذا، لعلها تكون لعنة حقيقة تماما، ولعلها حالة نفسية! ربما يكمن الجواب في الرواية الأخيرة من هذه السلسلة التي نترقبها بشوق، اللحظة بيبرس.
في النهاية، يبدو أن هذه السلسلة كاللعنة تماما، لن تستطيع التخلص من لعنتها، لا بد من أن تكمل رحلتك مع ابن الفوضى للنهاية، لذلك سيكون لزاما أن ننتظر اللحظة بيبرس لنبحر معها في عالم التفاصيل متناهية الصغر، تلك التي سوف تقرر مصيرنا في يوم ما.

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد ايضا
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى