صراع النفوذ في إفريقيا.. من يغذي الانقلابات هناك؟
عدن اوبزيرفر:عكست وتيرة الانقلابات المتزايدة في القارة الإفريقية مستويات كبيرة من التنافس بين قوى دولية، للبحث عن موطئ قدم ونفوذ هناك، في امتداد لحالة الاستقطاب الحاد العالمية خاصة بعد الحرب في أوكرانيا منذ 18 شهراً.
وبينما تشير المعطيات السياسية في الدول الإفريقية التي شهدت انقلابات بشكل واضح إلى تراجع في النفوذ الفرنسي في هذه الدول، يظهر دور أكبر لروسيا عبر تأييد مباشر من الأنظمة الجديدة التي أفرزتها الانقلابات، أو بسبب دفعها تجاه موسكو بفعل المواقف الغربية.
تنافس دولي
ويرى الكاتب والباحث المختص في الشأن الإفريقي الدكتور محمد تورشين، أن “الانقلابات في إفريقيا تشير بشكل واضح إلى خارطة جديدة لنفوذ القوى العظمى في القارة الإفريقية”.
وقال: “فيما يتعلق بالانقلابات التي حدثت في إفريقيا، في مالي وبوركينا فاسو والنيجر، تشير، إلى حد ما، إلى صراع حول النفوذ بين القوى الكبرى فرنسا والولايات المتحدة من جانب، وروسيا من جانب آخر”.
ويشير إلى أن “الانقلاب الذي حدث في الغابون يمكن وصفه بشكل مختلف على أنه انقلاب داخل القصر، خاصة بعد الاتهامات الواسعة بالتزوير للانتخابات الرئاسية التي سبقت الانقلاب”.
وأضاف أن “تعاطي المجتمع الدولي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وفرنسا مع تداعيات الانقلابات في إفريقيا بهذه الشكلية، سيسهم بشكل أو بآخر في دخول القارة الإفريقية حلبة الصراعات الدولية”.
وقال تورشين إن “هذا التنافس سيجعل القارة الإفريقية تشهد انقلابات وانقلابات مضادة أكبر، الأمر الذي سيجعل الوضع أكثر هشاشة، ما يستدعي إعادة النظر في المواقف التي ينبغي أن تكون مبدئية ورافضة لكل الانقلابات”، مشيراً إلى أن “ردة الفعل الغربية تجاه الانقلاب في الغابون غير موضوعية وغير منطقية”.
خارطة نفوذ جديدة
وقال الباحث المختص في الشأن الإفريقي إن “فرنسا بدأت تخسر نفوذها في القارة الإفريقية، وهو ما يظهر من خلال الأنظمة السياسية التي أفرزتها الانقلابات في مالي وبوركينا فاسو والنيجر، والتي ترفع شعارات معادية لفرنسا والغرب عموماً، وبالتالي الاتجاه نحو روسيا والصين”.
وأضاف أن “الصين تكتسب حضوراً متزايداً في القطاع الاقتصادي، والنشاط الروسي في إفريقيا سيسهم في تلاشي النفوذ الفرنسي شيئاً فشيئاً”.
وأوضح أن “الصراع على النفوذ في القارة الإفريقية سيكون مفتوحاً، وسيعقّد المشهد أكثر، وسيجعل الكثير من البلدان تدخل حلبة الصراع بشكل أعنف”، مضيفاً “الخاسر الأكبر سيكون الأفارقة أنفسهم، لأن مثل هذه الصراعات تجعل الدول ذات تبعية لنظام أو دولة معينة، وهو ما يضر بالمصالح الجيوسياسية والاقتصادية لها”.24