حتى لا يفسد الدلال أطفالنا
فاطمة المزروعي
بعض أولياء الأمور يعانون من الإفراط في حماية الأبناء من جميع مصاعب الحياة، ومحاولة تجنيبهم الألم والحزن وإبعادهم عن كل ما يضرهم، ويندفعون في ذلك من منطلق عاطفي رغم أن هذا الأمر يؤثر على الطفل ويحرمه من تراكم خبراته الذاتية تجاه الحياة والآخرين، وذلك لأن الوالدين يتدخلان في جميع المشكلات ويحرمان الطفل من الاستفادة من الأخطاء التي قد يقع فيها، فلا يستطيع استخدام قدراته على تقييم نفسه والآخرين فيفتقد مهارات حلّ المشكلات.
أو معرفة الخطأ من الصواب، ولذلك فإن تدخل الأبوين الدائم قد يقف أمام الأطفال ويسبب لهم نوعاً من افتقار الخبرة.
لذلك لا يمكننا أن نتجاوز المبادئ والقيم والقصص والأمثال التي كبرنا عليها منذ طفولتنا وتعلمناها من الآباء والأجداد، فالدلال الزائد والحماية يؤثران على الأطفال ويعرضان الأبوين لمشكلة كبيرة وضرر كبير على سلامة الطفل النفسية.
كان الآباء والأجداد يعهدون لأبنائهم ببعض المهام والأعمال التي تعودهم على المسؤولية، مثل مساعدتهم في الزراعة ورعاية الإبل والأغنام حتى يقوى الطفل ويستطيع مواجهة الصعاب وتحمل المسؤولية، تلك المهام رغم صعوبتها قد تقوي الطفل وتعلمه كيفية اجتياز صعوبات الحياة وتقبلها، اختصاراً لكلمات الفيلسوف الألمانيّ نيتشه «ما لا يقتلك يُقوّيك»، هذه الثقافة أسهمت في حماية الطفل وتجنبه للألم والتعاسة والإحساس بالضعف ولذلك في ظل هذه التقنيات الحديثة والعزلة أتوقع أننا اليوم بحاجة لمساعدة الطفل على مواجهة التحديات في الحياة، بل يجب أن يكون منفتحاً على الدوام لسماع ما قد يحزن لسماعه، وللتفكير به، ومن ثم يقرر بعد البحث فيه إذا ما كان يستحق أن يؤخذ بعين الاعتبار من عدمه.
والمثل الصيني يقول: «إذا كنت تحب ابنك فاجلده، وإن لم تكن تحبه فامنحه السكاكر»، رغم أنني لست مع العنف في التربية، ولكنني مع الشدة والدقة والتوجيه حتى لا يفسد الدلال أطفالنا.