كتاب عدن

هل ستتمكن الحكومة هذه المرة بتنفيذ القانون المالي؟!



د. يوسف سعيد احمد
لاتزال مؤسسات الخدمة العامة في عدن والمحافظات الأخرى حتى اليوم تضع مواردها في حسابات جارية لدى البنوك التجارية والإسلامية وشركات الصرافة وهو الأمر الذي وفر مداخل للفساد بعد أن أصبح مدراء هذه المؤسسات الإيرادية لايفرقون بين المال العام والخاص لكن هذه المؤسسات الإيرادية تقع تحت إشراف الوزراء المختصين وهم أعضاء في الحكومة. هؤلاء مع مدراء هذه الهيئات والمؤسسات والشركات العامة يعلمون علم اليقين:

أن القانون المالي رقم “8” لسنة 1990ولائحتة التنفيذية يمنع ويحرم على المؤسسات والهيئات والمرافق الحكومية الإيرادية التابعة للدولة القيام بفتح حسابات جارية لها في البنوك التجارية سواء في الداخل أو الخارج ويلزمها بفتح حسابات جارية لها فقط و حصرا في البنك المركزي اليمني .لكن بسبب التفلت الذي لازال سائدا منذ عام 2015 وربما من قبل لازالت تضع معظم إن لم يكن جميع مؤسسات وهيئات القطاع العام الإيرادية في عدن وكافة المحافظات التابعة للحكومة الشرعية تقوم بتجنيب مواردها بعيدا عن البنك المركزي والاحتفاظ بحسابات جارية لها لدى البنوك التجارية الخاصة بل ولدى شركات الصرافة والأخيرة التي أصبحت تقوم بوظيفة غير وظيفتها في فتح حسابات العملاء خارج القانون .

ولمرافق القطاع العام وهو الأمر الذي مكن مدراء هذه المؤسسات والمرافق والهيئات والشركات الحكومية الإيرادية من إنفاق هذه الموارد العامة دون التمثل للقانون المالي

وانفاقها هذه الموارد بعيدا عن الأولويات وبعيدا عن رقابة الدولة. وهو وضع يعبر على المدى الذي وصل إليه حجم الفساد في منشآت القطاع العام .وحتى أكون دقيق فإن هذه الوضع على الأقل وفر البيئة المناسبة المولدة للفساد. لكن ماهو الجديد في الأمر؟

الجديد أن الأخ سالم صالح بن بريك وزير المالية في حكومة الشرعية أصدر يوم امس الثلاثاء الموافق29 أغسطس23 تعميم رقم “11”يدعو فيه وحدات الخدمة العامة بالعمل فورا على إغلاق كافة حساباتهم الجارية في البنوك التجارية والإسلامية وشركات الصرافة وعدم توريد الموارد إلا إلى الحسابات المخصصة لها والمفتوحة طرف البنك المركزي في العاصمة المؤقتة عدن وفروعة في المحافظات تنفيذا للقانون المالي ولائحته التنفيذية’ والالتزام بأحكام القوانين واللوائح النافذة ذات الصلة مع الالتزام والتقيد برفع كافة الكشوفات للحسابات الشهرية الجارية الممسوكة لدى هذه الجهات مرفق بميزان المراجعة الشهري خلال فترة أسبوع من صدور التعميم.

لكن تعميم وزير المالية الاخير الموجه لوحدات الخدمة العامة الإيرادية لم يكن الاول فهذا التعميم هو السادس تقريبا عدا عن الرسائل التي وجهتها وزارة المالية خلال السنوات السابقة لوحدات الخدمة العامة طالبتهم فيها بإغلاق حساباتهم الجارية لدى مؤسسات القطاع الخاص وتوريد مواردهم إلى البنك المركزي عدن وفروعه لكن مدراء هذه الوحدات لم يكترثواولم يستجيبوا ربما لأن مراكز قوى ظلت تحميهم وتوفر لهم الحماية من القانون والمحاسبة أو أن نفوذهم داخل الحكومة كان قويا. حدث هذا رغم أن مجلس الوزراء في مناسبات مختلفة على ما اذكر هدد باستبدال المدراء الذين لايلتزمون بإغلاق حساباتهم الجارية التي عملوا على فتحها خارج البنك المركزي دون الامتثال للقانون.

ورغم ذلك تجاهل مدراء وحدات الخدمة العامة الحكومة توجيهات مجلس الوزراء كما تجاهلوا مرارا توجيهات وزير المالية.

لذلك يتساءل الناس هل تستطيع الحكومة هذه المرة إلزام مدراء وحدات المرافق العامة الإيرادية في عدن والمحافظات بغلق حساباتهم الجارية المفتوحة لدى مؤسسات القطاع الخاص وتوريد هذه الموارد إلى حسابات طرف البنك المركزي وفروعه تنفيذا للقانون المالي ولائحته التنفيذية والقوانين الأخرى ذات العلاقة غير أنه إذا كانت هناك ظروف موضوعية دفعت مدراء هذه المرافق في السنوات السابقة فإن هذه الظروف انتهت . لذلك وبافتراض عدم التزام هذه الجهات بالقانون واستمرار تجاهل التوجيهات هل سنسمع قرارات حكومية باستبدال مدراء هذه المرافق كما سبق أن هدد مجلس الوزراء في وقت سابق بعيدا عن التلكؤ والحسابات السياسية..

وكاقتصاديين وباحثين ومواطنين سننتظر ماذا يحدث هذه المرة التي ينبغي أن تكون الأخيرة علما أنه لو حدث هذا التجاهل وبقى هذه الحال في بلد آخر يحترم القانون العام لقدمت الحكومة استقالتها بدءا بوزير المالية والوزراء التي تقع سلطتهم المؤسسات الإيرادية وانتهائها برئيسها وارجو أن لا يحدث ذلك!

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى