شؤون محلية

عيدروس: من الذي حاصر معاشيق..؟!


أظهر إعلام الفساد واللصوصية في اليمن تفوقاً باهراً في تزويغ الحقائق وتزييف الأحداث وتحويل الجلاد إلا ضحية والضحية إلى جلاد، والجاني إلى معتدى عليه والمتعدى عليه إلى معتدي واللص إلى ضحية.
جرى ذلك خلال طوال يوم أمس واليوم وقد تستمر الحملة الإعلامية المغرضة أطول حتى ينسى الناس جرائم المعتدي، والتغاضي عن معاناة الضحايا.
ماذا جرى في قصر المعاشيق؟؟
سأروي ما علمته من مصدر مسؤول في مجلس القيادة الرئاسي، دونما زيادة أو نقصان وسأرجئ رأيي إلى نهاية المنشور.
منذ تشكيل مجلس القيادة الرئاسي جرت اتفاقات عديدة من بينها قرار بإعادة تأهيل الكلية العسكرية بصلاح الدين، التي حول زعماء 1994م اسمها إلى معهد الثلايا، الشهيد العظيم الذي انتُحِل اسمه لتزييف الحقائق وتزوير التاريخ، ومن بين ما تم الاتفاق عليه تكليف رئيس الوزراء بصرف مخصصات إعادة تأهيل الكلية وافتتاح دورات تدريبية تأهيلية للقوات المسلحة الجنوبية، وفي حين وعد رئيس الوزراء بمعالجة الأمر جرى صرف عشرات المليارات لافتتاح وإعادة افتتاح العديد من المعاهد والمدارس العسكرية التي تهيمن عليها وحدات وقوات ” الجيش الوطني” المشهور بانتصاراته الساحقة في مأرب والجوف وفرضة نهم وغيره من الوحدات العسكرية التي ليس فيها جندياً جنوبياً واحداً، لكن شيئا لم يصرف لتنفيذ اتفاق افتتاح الكلية العسكرية، التي يعود تاريخ تأسيسها إلى مطلع السبعينات ومن بين طلابها الأوائل الشهيد سالم قطن والشهيد أحمد سيف المحرمي والشهيد عمر الصبيحي والشهيد ثابت مثنى جواس، والعميد الفقيد بدر السنيدي والشهيد عبد الله أسعد بن علي قائد اللواء الثالث مدرع، الذي قتلته قوات علي محسن في العام 1994م، والشهيد ومن طلابها الوزير هيثم قاسم طاهر والفقيد عمر العطاس والفقيد علي سعيد عبيد، وغيرهم الآلاف من أشرف رجالات الجيش الجنوبي وأكثرهم احترافية ونزاهة، ومن بين عمدائها المناضل أحمد سالم عبيد والمناضل الفقيد عبد الهادي ديان والمناضل العميد الحاج محمد العمري وغيرهم.
بالأمس ذهب عدد من الطلاب المرشحين للدراسة في الكلية العسكرية، ومعظمهم من رجال ألوية العمالقة، الذين على أيديهم تحررت مديريات الساحل الغربي في تعز والحديدة ومديريات بيحان في شبوة وحريب في مأرب، ذهبوا للقاء برئيس الوزراء بغرض مناقشته حول تنفيذ الاتفاق ببدء عمل الكلية وصرف المخصصات، فقيل لهم أنه نائمٌ، وطلب منهم موظفو مكتبه انتظاره حتى يكمل استراحته ليقابلهم، وقد فعلوا لكنهم بعد طول الانتظار أُبلِغوا بأن الرجل استيقظ وغادر إلى مكان آخر.
وقد أثار هذا التصرف من قبل رئيس الحكومة غضب الطلاب الذين انتظروه عدة ساعات واشتبكوا في ملاسنات كلامية مع حراسة رئيس الوزراء وتوجهوا إلى البوابة لمحاولة ملاقاة الرجل عند البوابة لإعادته لمقابلتهم، لكن يبدو أنه كان قد غادر إلى مكان مجهول.
تلك هي كل القضية، لكن وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي التي يمولها معين عبد الملك صعّدت القضية وادعت افتراء على أبي زرعة المُحَرَّمي بأنه هو من وجه (بمحاصرة) رئيس الوزراء، متكئةً على حديث سابق للعميد المرمي عضو مجلس القيادة الرئاسي عن فشل معين عبد الملك في مهمته، لتحول الموضوع إلى قضية شخصية بين الرجلين، وقد عرفت من متابعاتي أن الدكتور رشاد العليمي قد وجه بصرف مخصصات إعادة تشغيل الكلية العسكرية وستنتهي القضية إذا ما نفذت توجيهات رئيس مجلس القيادة الرئاسي.
بيد إن هذه القضية ليست معزولة عن سلسة من القضايا تتصل بأخطاء وخطايا رئيس الوزراء التي يرقى بعضها إلى مستوى الجريمة، وهذا ما قد تعرضنا له في منشورات سابقة وقد نتوقف عنده مرارا وتكرارا حتى يلاقي هذا الرجل جزاءه العادل.
وفي هذا السياق لا بد من التعرض للإيضاحات والحقائق التالية:
1. منذ نحو خمسة أشهر كان كاتب هذه السطور قد تقدم بمذكرة مساءلة لرئيس الوزراء أمام مجلس النواب الذي منحه الثقة منذ نحو أربع سنوات ونيف، عن فشله في تلبية الحاجيات الضرورية لحياة الناس في محافظات الجنوب، وطالبت في هذه المذكرة بسحب الثقة من الرجل وتقديمه للمساءلة والمحاكمة على جرائمه في حق الشعب والوطن في الجنوب وفي المديريات التي تحكمها حكومته،
ولأن مجلس النواب (الشائخ والبالغ من العمر أربعة أضعاف عمره القانوني) معطلٌ ولا يراد له أن يقوم بأتفه مهماته فقد أهملت المذكرة وأهمل الحديث عن تفعيل المجلس المعطل منذ 2015م، وربما يحضر هنا المثل الشعبي القائل “أنا وأخي على ابن عمي وانا وابن عمي على الغريب” والغريب هنا هو الشعب الجنوبي الذي يكتوي بنيران سياسات الأشقاء الهاربين من محافظات الشمال الحبيب الواقعة تحت سيطرة الجماعة الحوثية.
2. على معين عبد الملك أن لا ينتظر من أبناء عدن والجنوب أن يستقبلوه بالورود وقنائن العطور وعلب الشوكوليت بعد ما ذاقوه من المرارات الأمر من العلقم على أيدي حكومته ووزرائه وبسبب فساده الذي أزكم الأنوف بعد أن حول مخصصات الخدمات إلى مقاولات موقوفة التنفيذ مع شركاته وشركات أصدقائه التي عرفها القاصي والداني، وإذا كان بالأمس قد اصطدم مع 100 أو 200 من طلاب الكلية العسكرية فإن ما ينتظره في الغد هو مسيرات احتجاجية مليونية قد تطرح من بين المطالب، إقالته وإحالته إلى القضاء لينال جزاءه العادل على جرائمه في حق الشعب والمال العام وتسخيره الوظيفة الحكومية للفساد والإثراء غير المشروع.
3. المواقع الإعلامية التي يمولها معين عبد الملك تشن حملتها الخائبة على العميد أبو زرعة، لمجرد أن الطلاب الذين تشاكل معهم موظفو معين هم من رجال العمالقة التي يقودها أبو زرعة، وهم ذهبوا لمقابلته بشأن تنفيذ اتفاق هو موقع عليه ويماطل في تنفيذه لسنوات، فمن ستتهم تلك المواقع في الغد عندما يخرج أبناء عدن وأبناء الجنوب بمئات الآلاف إن لم يكونوا بالملايين، للمطالبة بخدمات الماء والكهرباء والصحة والتعليم والخدمات البلدية وسواها؟
4. ستبقى حالة التوتر وربما التصادم دائمة ولن تتوقف طالما بقي الجنوب محكوماً بأنظمة وقوانين ودستور، وشخوص 1994م، فظاهر المشكلة قد يكون موضوع الخدمات المعيشية والأمنية والمدنية والبلدية والتموينية، لكن كل تلك المظاهر ليست سوى ثمرة من ثمار نهج الحرب والعدوان على الشعب الجنوبي التي دشنت بعيد 22 مايو 1990م ولم تتوقف حتى اليوم وإن اختلفت الأدوات وتنوعت المظاهر وما من حل لكل هذه التداعيات إلا بعودة الشعبين في الشمال والجنوب إلى نظام الدولتين الشقيقتين المتجاورتين، وتركهما ليختارا من يدير شؤونهما.
إنها البجاحة والوقاحة في أقبح تجلياتها عند ما يقوم الرجل الأكثر فساداً والأشهر فشلاً بتحويل اتهامه بالفساد والفشل والتقصير إلى دعوى ضد الشرفاء الأحرار ذوي المواقف البطولية والنفوس النقية والأيدي والضمائر الطاهرة.
بقاء معين عبد الملك في رئاسة الوزراء، وبلا محاسبة وبلا أي رادع قانوني أو وازع سياسي أو أخلاقي وصمة عار على جبين اليمنيين جميعاً، وعلى جبين الجنوبيين خصوصاً، والمطلوب اليوم هو استبقاؤه في عدن وعدم السماح له بالمغادرة إلا بعد محاكمته واتخاذ العقوبة القانونية التي تناسب جرائمه في حق المواطنين وفي حق اللقب الوظيفي الذي يتقلده.
“والله يعلم المفسدَ من المصلحِ ولو شاء الله لأعنتكم إن الله عزيز حكيم”.

د.عيدروس نصر النقيب

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى