شؤون محلية

القبائل تنضم إلى معركة “الانتقالي” في اجتثاث القاعدة من أبين



أبين – عدن اوبزيرفر:دخلت القبائل في أبين على خط المواجهة الجارية بين القوات الجنوبية التابعة للمجلس الانتقالي وتنظيم القاعدة في المحافظة الواقعة شرقي اليمن، الأمر الذي سيكون له، وفق محللين، تأثيره الكبير على سير المعركة.

وأعلن عدد من قبائل أبين مؤخرا النفير العام، و“النكف القبلي“، مع تصاعد العمليات التي يشنها تنظيم القاعدة على القوات الجنوبية، والتي كان آخرها اغتيال قائد قوات الحزام الأمني عبداللطيف السيد الأسبوع الماضي في انفجار بعبوة ناسفة استهدف موكبه في منطقة وادي عويمران. والنكف القبلي هو عرف تقليدي في اليمن يتم اللجوء إليه في حال تعرض شخص أو فئة للظلم وأرادت قبيلة ما نجدته.

وأكدت القبائل، تتصدرها قبيلة “الجعادنة”، في بيان تناقلته وسائل الإعلام المحلية “مساندتها ووقوفها الكامل إلى جانب القوات الجنوبية في مكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه ومصادر تمويله التي تأتي من خارج المحافظة”.

ودعا البيان كل “أبناء قبائل أبين إلى الاستمرار في التصعيد الشعبي والنفير العام لمساندة القوات المسلحة الجنوبية والالتفاف خلف قيادتها حتى يتم استكمال تطهير كل مناطق ووديان وشعاب المحافظة من بقايا وفلول العناصر الإرهابية مهما كلف ذلك من ثمن، وذلك من أجل الحفاظ على الأمن والاستقرار والسكينة العامة للمواطنين”.

ولعبت بعض القبائل دورا رئيسيا في دعم القوات الموالية للمجلس الانتقالي خلال عملية تحرير أبين من تنظيم القاعدة العام الماضي، لكن التنظيم نجح من خلال خلاياه في العودة بقوة، عبر شن هجمات على عناصر القوات الجنوبية بعبوات ناسفة.

ويعد الهجوم الأخير الذي وقع الخميس الماضي وأودى بحياة قائد قوات الحزام الأمني وعدد من مرافقيه، بينهم شيخ عشائري بارز يدعى محمد كريد الجعدني، تحولا خطيرا في إستراتيجية التنظيم الجهادي، باستهداف شخصيات وقيادات عسكرية فاعلة على الميدان.

وذكرت أوساط يمنية أن تداعي القبائل في أبين لدعم القوات الجنوبية هو رد على مقتل أبرز شيوخها، لافتة إلى أن قرار القبائل الانخراط بقوة في تطهير المحافظة الواقعة شرقي البلاد من خلايا القاعدة يشكل عنصرا حاسما في عملية التطهير الجارية في المحافظة، ومعربة عن أملها في ألا يكون هذا الانخراط مجرد رد فعل انفعالي ينتهي بسرعة.

وقال الصحافي من أبين فواز الحنشي إن للقبائل في المحافظة دورا محوريا في مواجهة تنظيم القاعدة في المنطقة الوسطى، لما لها من تأثير وضغط على الشباب الذين ينتمي بعضهم إلى تلك القبائل.

وأضاف الحنشي في تصريحات لـ”العرب” أنه “من خلال متابعة مجريات الأحداث والمعارك المتقطعة هناك منذ سنوات، نلاحظ أن القبائل ترجح كفة القوة العسكرية في حال تم الاعتداء عليها، مثلما حدث مؤخراً عقب مقتل الشيخ القبلي محمد كريد بحادثة اغتيال العميد السيد، حيث هبت القبائل لمساندة القوات الجنوبية المرابطة في أودية عومران وجنن والرفض، ونقلت المعركة خطوات إلى الأمام، ومن دون شك ستكون هناك انتصارات وتحرير مناطق كان يسيطر عليها التنظيم”.

في المقابل فإن القبائل، وفق الحنشي، تعمد إلى النأي بنفسها عن المواجهة، في حال كانت الهدنة قائمة من طرف العناصر الإرهابية، وهذا الأمر يمكن تفهمه نظراً لغياب الدولة عن دعم هذه القبائل التي في حال المواجهة ستكون في فوهة المدفع وستُترك فريسة.

وشدد الصحافي اليمني على أنه ينبغي على الدولة أن تعزز من شأن القبائل في المنطقة الوسطى بمحافظة أبين وعليها المساهمة بشكل فاعل في صنع بيئة طاردة للفكر الإرهابي من خلال العمل على الأسباب التي تدفع الشباب إلى الالتحاق بصفوف تنظيم القاعدة.

وفي ظل تلاشي مؤسسات الدولة، بعد انقلاب الحوثيين في العام 2014، يعد المجلس الانتقالي حاليا الطرف الفاعل في جنوب البلاد، ويسعى المجلس جاهدا إلى تحرير العديد من المناطق التي سقطت في أيدي تنظيم القاعدة، الذي استغل فرصة الحرب لتعزيز نفوذه، لكنه يبقى في حاجة إلى إسناد من المجتمعات القبلية هناك.

وقد شنت القوات الجنوبية التابعة للمجلس الأسبوع الماضي حملة عسكرية واسعة ضد خلايا القاعدة في أبين، وهي الثانية بعد عملية التحرير الأولى التي جرت العام الماضي وأطلقت عليها اسم “سهام الشرق”.

ويصر المجلس الانتقالي على إنهاء العملية في أسرع وقت ممكن، في ظل إدراكه لخطورة استمرار التنظيم الجهادي في التحرك بالمحافظات الجنوبية، مع وجود مؤشرات على حالة تخادم بينه وبين جماعة الحوثي وبعض القوى الأخرى من أجل استنزاف القوات الجنوبية وإلهائها عن مشروع استعادة دولة الجنوب.

وأصدر رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي اللواء عيدروس الزبيدي قرارا الأحد يقضي بتعيين حيدرة السيد، وهو شقيق العميد الذي جرى اغتياله عبداللطيف السيد، قائدا جديدا لقوات الحزام الأمني.

وتعكس سرعة إصدار القرار رغبة الانتقالي في إيصال رسالة تفيد بأن الضربة التي تلقاها بمقتل السيد، الذي يعد أحد أبرز العسكريين الذين خاضوا مواجهات مع القاعدة على مدى السنوات الماضية، لن تثنيه عن عزمه إنهاء وجود التنظيم، وأن العملية الجارية ستتم وفق ما هو مرتب له مع بعض التحويرات لسد الثغرات.

ونجحت القوات الجنوبية المشتركة مسنودة بقبائل أبين السبت في تحرير معسكر “الحجلة” في مديرية مودية من التنظيم الجهادي، وهو ثالث معسكر يجري تحريره ضمن عملية “سيوف حوس” بعد معسكري “رفض” و”جنن”.

وقال الباحث السياسي صالح علي الدويل باراس إن “الحرب على الإرهاب ضرورة وطنية وقبلية في الجنوب”، مشددا على ضرورة إبعادها عن التجاذبات والخلافات السياسية. وأضاف الدويل، وهو من محافظة شبوة التي تشهد بدورها هجمات من قبل القاعدة، أن “الإرهاب يلوذ بالتجمعات القبلية سواء شبه الحضرية أو النائية عصية التضاريس، خاصة في محافظتي شبوة وأبين”.

وأشار الباحث اليمني في تصريحات لـ”العرب” إلى أن “الإرهابيين يستخدمون الخطاب الديني في تلك الحواضن لكسب الأنصار أو المتعاونين أو المتعاطفين، وهو خطاب يخفون به أجندتهم الإرهابية، حيث يجعلون من تلك التجمعات القبلية حماية ومنطلقا لهم، وهذا يشكل خطرا كبيرا على الحواضن القبلية التي لا تدرك معنى الحرب الدولية على الإرهاب إلا حين تصل إليها شظاياها، وطبعا أي حرب لها أخطاؤها العملياتية وبالتأكيد ستصل إلى تلك الحواضن القبلية تأثيرات مؤلمة”.

وأوضح أن “على القبائل في أبين وشبوة استشعار أهمية هذه الحرب وأضرارها التي بالتأكيد ستصيب الحواضن القبلية حين تكون سلبية أو متغاضية عن الإرهاب”، مشددا على أن على القبائل في المحافظتين أن تتحمل مسؤوليتها وتكون جزءا من جهود مكافحة الإرهاب وأن يكون موقفها واضحا ضد تلك المنظمات وأفرادها ونشاطاتها حتى يتم استئصالها”.

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى