كتاب عدن
تحذيرات الشيخ مقبل الوادعي التي تحققت.
محمد عبدالله القادري
لو كان اليوم حياً ، لكان لوحده فقط وبكلمات مقتطفة ، يشكل جبهة إعلامية متكاملة قادرة على دحض الحوثي فكرياً ، والتفاف الناس لقتاله والقضاء عليه ، تغنينا عن كل وسائل الإعلام من قنوات وصحف ومواقع وكتاب وناشطين ، والذين جميهم لا يشكلون نسبةظ 10% مما يشكل هو.
رجل الدين والفطرة والعلم والتواضع والبساطة والصدق والصراحة والوضوح والموقف.
صاحب نهج لا تقارب مع الشيعة ، والتمسك بالسلفية الحقة ، لا يداهن ولا يراوغ ولا ينافق ولا يراعي ولا يتردد في قول الحق ، لن يسكت عن انتقاد خطأك مراعياً لصحبة أو عشرة أو مصلحة أو غير ذلك ، يقدم كسب قول الحق والمصلحة العامة على كل المكاسب الأخرى.
ترى في جسمه هيئة المسكين ، وثياب المتواضعين ، ولكن علمه بحر زاخر ، ومنطقه بلسم وافر ، له مقام علي ، وقدرٍ جلي ، وموقع بين الكواكب والثريا معتلي.
الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله ، إمام المحدثين ، وروعة الزاهدين ، ومنار العلم والدين ، ورجل الحديث الثالث بعد البخاري ومسلم ، مؤلف كتاب الصحيح لما ليس في الصحيحين.
كان يحذرنا وكأنه ينظر بفراسة المؤمن للمخاطر التي سنؤول إليها ، ولو التزمنا بتحذيراته لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه.
حذرنا من الروافض وشر معتقداتهم وتقيتهم وسوء جرائمهم ونقضهم للعهود ورفضهم للتعايش ، وها نحن نرى الحوثي يمارس ذلك على الواقع.
حذر الرئيس السابق علي عبدالله صالح من مركز الشباب المؤمن ، وقال هؤلاء ثعبان سيقضون عليك ان لم تقضي عليهم ، ودارت الأيام وتحرك ذلك الثعبان من مران إلى صنعاء وقضى على صالح في عقر داره.
حذرنا من الأحزاب ، واليوم نشاهد الحال الذي وصلنا إليه بسبب صراع الأحزاب وتناكفها الذي وفر جو ملائم لمجيئ الحوثي ، وأصبح غالبية الناس اليوم يكرهون الأحزاب بشدة ، ووصلوا إلى يقين أنها من ضمن أسباب حلول البلاء ، وما دامت الحزبية سبب في حدوث ما حدث فهي حرام وإلف حرام.
حذر من حزب الاصلاح وقال عنهم الاخوان المفلسين ، وها هي الأيام تثبت لنا أنهم مفلسين حقاً من الدين والعلم والأخلاق والوطنية.
حذر من جامعة الإيمان ، وها نحن اليوم غياب دور خريجيها في مواجهة الحوثي عسكرياً وفكرياً.
صمد طلاب دماج ستة أشهر أمام الحوثي وهم محاصرون من كل الاتجاهات ، ولم تصمد جامعة الإيمان ساعتين وبجوارها قوات الفرقة الأولى ، بل أصبح من خريجيها من يقف مع العباهلة ويشتم الصحابي علي رضي الله عنه ليكون وجهاً آخر للحوثي والشيعة الذين يشتمون الفاروق عمر وبقية الصحابة رضوان الله عليهم.
حذر من الإرهاب والتنظيمات الارهابية وقال عنهم خوارج ، وها نحن نرى اليوم تخادم القاعدة وداعش مع الحوثي واتفاقهم بطريقة يتوحد فيها الخوارج والروافض.
حذر من التكفيريين ومن يطلقون دعاوي وفتاوى التكفير على المسلمين ، وها نحن نراهم اليوم متحدون مع الحوثي الذي هو في الأساس تكفيري.
لم يكفر الشيخ الوادعي أحد ولم يصدر أي فتوى بهذا الخصوص ، عايش حرب 94 ولم يصدر فتوى لتكفير أبناء الجنوب.
بل الشيخ كان يحارب دعوات التكفير ، سابقاً في بداية التسعينات كان التكفير قد انتشر في مديرية المخادر إب ، عبر جماعة تسمى أهل الهجرة والتكفير ، فنزل الشيخ مقبل رحمه الله إلى المخادر ودعا لمواجهتهم أمام الناس بالحجة وجادلهم وجعل الكثير من الناس يخرجون من تلك الجماعة مما كسر شوكتهم وحد من انتشارهم وأضعفهم إلى يومنا هذا.
محمد الإمام ومن معه الذين يكفرون ابناء الجنوب اليوم ويتحدون مع الحوثي ويأخونه ، هؤلاء خرجوا عن نهج الشيخ مقبل وأصبحوا تكفيريين يتحدون في نقطة التكفير مع الحوثي ومع أصحاب فتوى حرب 94 وجماعة التكفير والهجرة والذين جميهم متخادمون ومتحدون ضد السنة.
حذر الشيخ من المتاجرين بالدين والإسلام السياسي والكثير من علماء السياسة ، وعلى رأسهم الزنداني الذي أفتى أن الحوثي من آل البيت ويجب أن ندفع له الخمس ، وبعد هذه الفتوى سكت ولم نسمع له صوتاً أو محاضرة يحذر من خطورة فكر الحوثي وشر معتقده.
نزل الزنداني لساحة 2011 داعياً الشعب للثورة ضد الدولة مستدلاً بحديث أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر ، لكنه لم يدعوا اطلاقاً الشعب لثورة ضد الحوثي وكأن الحوثي سلطاناً عادلاً ولا يحتاج لمن يواجهه ولو بكلمة حق.
وهكذا بقية علماء السياسة والسلطة ، تجدهم في الخارج والفنادق ولم ينطقوا بكلمة ضد الحوثي ومعتقده والثورة عليه ولو بمنشور في مواقع التواصل ، خلافاً لما كانوا عليه في ساحات عام 2011 من تحريض وخطب رنانة ومحاضرات تدعوا الشعب لإسقاط النظام ، وكأن ذلك حلال والثورة ضد الحوثي حرام ولا تجوز.
كان الشيخ رحمه الله حريصاً على بقاء السلفية الحقة وتماسكها مدركاً خطورة الانسلاخ منها والتفرع بإسمها ، ولذا حذر من الكثير من العلماء السلفيين الذين انسلخوا رغم تلقيهم العلم على يديه.
حذر من عدة كيانات سلفية كجمعيات وغيرها.
وغالبية من حذر منهم يقفون اليوم مع الحوثي ويتخادمون ولا يشاركون في مواجهته بالجبهات.
وهؤلاء أصبحوا اليوم سلفيون متحوثون ومتحزبون ومتعبهلون ومتقيللون ، وجميعهم انسلخوا عن السلفية الحقة التي يمثلها الشيخ مقبل والتي تجد علامتها في مواجهة الحوثي بالمترس والكلمة معاً.
لست سلفياً ، بل لست شخصاً ملتزماً ، لكن لدي قناعة تامة أن السلفية الحقة على مسار الشيخ مقبل رحمه الله هي المنقذ من الوضع الذي وصلنا إليه والتمسك بها لإستعادة الدولة وبعد استعادتها ستكون عامل مساندة الدولة ونجاحها وتخليصها من الفساد وتماسك وترابط المجتمع وسلامة عقيدتهم بما لا يجعلنا نعود مستقبلاً لما نحن فيه اليوم.
والكلام في هذا المجال وفي التعبير عن الشيخ طويل جداً وعاجزون أن نوفيه ، وما كتبته قليل بحقه من قلم يجب أن يثني عليه ويقول الحق فيه.
رحم الله الشيخ مقبل الوادعي وجمعنا به يوم أن نلقاه.