«أيام الشمس المشرقة» .. سرد درامي للحياة في المهجر
تعد رواية «أيام الشمس المشرقة» للروائية والأكاديمية المصرية ميرال الطحاوي من أحد اهم الروايات المعاصرة التي تتناول القضايا الاجتماعية للمهاجرين والواقع والمتغيرات العالقة بين أسوار الشك والترقب في مشوار التكيف مع معطيات الحياة الجديدة، تلك التوليفة المعقدة على مسرح التغريبة الإنسانية لتشابك الشخوص والأحداث في سرد درامي متقن للحياة في المهجر ساهم في وصول الرواية إلى القائمة القصيرة في جائزة البوكر العالمية للرواية العربية، في دورتها السادسة عشرة، لعام 2023.
وفى أحداث الرواية المكونة من 278 صفحة تبرز العديد من التناقضات حول تكوين الشخوص النفسي والاجتماعي وتسلسل الأحداث المأسوية في تصاعد مسرحي شديد السوداوية ولكنه يفصل بدقة مكونات مجتمع متعدد الأعراق والثقافات وكذلك الديانات تحت سماء «الشمس المشرقة» بقعة متخيلة ساحرة على الحدود الجنوبية الغربية لأمريكا، وتشهد سواحلها بشكل يومي عمليات تهريب العمّال والمهاجرين غير الشرعيين ويلفها الغموض حتى في مسمياتها للطرق والأماكن، ومنها على سبيل المثال أطلقت الكاتبة على المقبرة مسمى «حديقة الأرواح».
وتسلط الراوية الضوء على العديد من الظواهر التي تعد نمطاً أصيلاً وجزءًا من تقاليد التعبير عن الغضب والسأم في دول المهجر كظاهرة الجريمة النفسية والمشحونة، عبر الكشف عن عراك مصحوب بإطلاق نار في إحدى المدارس والذي تشهد غرفة المدير مسرح أحداثه أثناء عقد اجتماع مجلس الآباء، وهنا تتصاعد أصوات صفارة الإنذار، ويسود الهلع أرجاء المدرسة لنكتشف أن هذا الشجار قد اندلع بين عامل البناء «الملوّن»، وبين مدير المدرسة.
قاع المجتمع
ولأن الرواية تتحدث عن حياة العرب في المهجر بشكل رئيسي تم تحديد جنسيات الشخصيات الرئيسية في الرواية فلسطيني وأخرى عراقية إلى جانب 3شخوص مصرية والتي كان لها نصيب الأسد من فصول الرواية حيت تعمقت الكاتبة في تفاصيل حياتهم بداية من مسقط رأسهم في مصر ووصولاً إلى بلاد الغربة، حيث ينغمس الفصل الأول من الرواية في مشاهد البؤس والحياه في قاع المجتمع الغارق في الجريمة والشتات فكثير ما يختفي سكانه سواءً بالموت أو بالرحيل المفاجئ دون ترك أثر.
سرة الأرض
وتظهر في الفصل الثالث «سرة الأرض» شخصية «ميمي دونج» الفتاه الجميلة الأفريقية السمراء. وفي فصل بـ(الربع الخالي) تبرز شخصية نجوى التي لا تتمتع بالذكاء، حيث جاءت للولايات المتحدة في بعثة دراسية، فلفظتها الجامعة إلى الشارع، وإلى زواج غير موفق قصير الأمد.
ومع تصاعد الأحداث يطل في الفصل الأخير من الرواية صديق نجوى «سليم النجار» الذي رسمت له الكاتبة شخصية حائرة بين الرثاء والهجاء، ويختلف عن معظم رفاق المهجر في أنه رجل مثقف خصب الخيال، يمزج الفجيعة الشخصية بالقومية، وتقوده مجريات الحياة للقاء متجدد يطوف طائر العشق حوله في بلد المهجر.