تقارير

مقاه عصرية في صنعاء خالية من النساء



صنعاء – عدن اوبزيرفر:تنتشر في العاصمة اليمنية صنعاء مقاه حديثة تقدّم لروّادها القهوة اليمنية الأصلية التي كادت تختفي من الأسواق بسبب التركيز على تصديرها، لكنها تقتصر على الرجال كزبائن دون النساء، اللاتي منعتهن ميليشيات الحوثي من ارتياد المقاهي والفضاءات العامة.

وللبلد الأكثر فقرا في شبه الجزيرة العربية والذي يشهد صراعا منذ أكثر من ثماني سنوات جذور عميقة مع القهوة.

وتقول روايات إن الساحل الغربي لليمن، وخصوصا منطقة المخا، شهد أول صناعة لحبوب البن في القرن الخامس عشر. ومع ذلك، ركّز رواد الأعمال اليمنيون حتى وقت قريب على تصدير أفضل منتجاتهم إلى الأسواق الخارجية.

من بين هؤلاء مختار الخنشلي الذي تحدّى مخاطر الحرب لشحن حاوية مليئة بحبوب البن خلال المراحل الأولى من النزاع، كما ورد في كتاب لديف إيدغارز في 2018 بعنوان “راهب المخا”.

لكن القيود التي فرضت على عمليات الاستيراد والتصدير خلال الحرب دفعت بيمنيين آخرين إلى التركيز على الداخل، ما أدّى إلى ظهور مقاه أغلبها بأسماء أجنبية في شوارع صنعاء، تحمل بعض ملامح مقاهي بروكلين وباريس والعواصم العربية.

ويقول صاحب مقهى “درر” راشد أحمد شاجع “كان الناس بدأوا يشعرون بأن القهوة اليمنية مكلفة وفقدوا الاهتمام بشرائها”، متذكّرا كيف انهارت سوق التصدير، لاسيما بعد تصاعد الحرب.

وقرّر شاجع فتح مقهاه في وسط صنعاء حيث يمكن للزبائن تذوّق القهوة من جميع أنحاء البلاد، محاطين بالفن اليمني والأثاث الخشبي محلي الصنع.

ويضيف شاجع “كان علينا التفكير في طريقة أخرى لدعم مزارعينا”، مضيفا “قال الجميع إن من المستحيل العمل في اليمن، وإن الناس ليست لديهم قدرة شرائية، لكننا أصررنا على الاستمرار”.

في حدة في جنوب صنعاء، قام حسين أحمد بمغامرة مماثلة في 2018 حين افتتح مقهى “موكا هانترز” في أحد الشوارع الراقية، تتويجا لرحلة شخصية طويلة مع القهوة بدأت عندما أسّس مع زوجته اليابانية مقهى في طوكيو قبل أكثر من عقد.

بعد انتهاء زواجه، حوّل أحمد انتباهه إلى التصدير، لكن الحرب وحظر سفر اليمنيين دفعاه إلى التفكير في الفرص المتاحة داخل اليمن.

في الأيام الأولى للمقهى، كانت أعداد الزبائن قليلة جدا، لكن فناء المقهى أصبح الآن ممتلئا في معظم فترات بعد الظهر بمحبي القهوة اليمنية.

ويقول أحمد “إنها أشبه بموجة”، معتبرا ذلك أمرا طبيعيا بالنسبة لبلد حوّل “رواد” القهوة فيه البنّ “إلى مشروب سحري”.

ويشدّد على أنّ القهوة التي يقدّمها مقهاه بعيدة كل البعد عن القهوة التجارية التي غالبا ما تكون ممزوجة بالحليب والسكر، مضيفا أن هذه الموجة تعيد إلى الواجهة “القهوة ذات المذاق الطيب”.

ولا يزال كل من “درر” و”موكا هانترز” يعتمدان بشكل كبير على أعمال التصدير الخاصة بهما، والتي أصبحت أسهل بعض الشيء بعد إعلان هدنة في أبريل من العام الماضي.

ويشتري المغتربون اليمنيون في العالم الذين يحنّون إلى وطنهم، القهوة اليمنية، ومنهم من افتتح مقهى في بلاد الغربة بخصوصيات يمنية كمقهى “أروى” بشمال تكساس المزيّن بقطعة فسيفساء كبيرة من 25000 قطعة رخامية معلقة على جدار مكشوف، تعرض مدينة صنعاء القديمة.

ويقول أحمد “أعتقد أن مغتربينا (…) وبسبب صعوبة السفر، يصبحون أكثر عاطفة بشأن وطنهم. لذلك يشترون المنتجات المحلية”.

وتابع “القهوة الخاصة أشبه بحركة عالمية، لكنّها في اليمن مسألة عاطفية”.

ويأمل أصحاب المقاهي في ازدهار الحركة أكثر، يقول غالب يحيى الحرازي، مدير مقهى حراز الذي فتح العام الماضي ويتسّع لحوالي ألف شخص، “هذا المكان سيصبح في المستقبل أكبر مقهى في الشرق الأوسط”، مضيفا “لدينا هدف، العودة إلى مجد وثقافة وأصل القهوة اليمنية”.

يذكر أن ميليشيات الحوثيين يطاردون النساء في المقاهي بذريعة وجود نساء يدخنّ الشيشة، كما أغلقت المقاهي النسائية كمقهى “بنات كافيه” الذي افتتحته صاحبته في 2013 لتوفير مكان مخصص بأكمله للنساء بعيدا عن التحرش.

وروت مالكة مقهى “أوفيليا” النسائي الذي كان يقع بشارع بغداد وسط العاصمة، كيف اقتحم أفراد الميليشيات الحوثية المحل وتهجموا عليها وأمروها بإخراج النساء، قائلين “ليجلسن في بيوتهن لماذا يخرجن”، وقذفوا مرتادات المقهى بألفاظ نابية عند إخراجهن من المكان عنوة.

وفي واقعة أخرى كان مسرحها كافيه “زهرة الليمون”، قام المسلحون باقتحام المكان وإغلاقه، بعد إلقاء عظة تتوعد العاملين في المقهى.

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى