الشباب ومعاناته في المجتمع
ابتسام عبد اللطيف
مما لا شك فيه أن الحديث عن الشباب حديث طويل وذو شجون، كوننا نتحدث عن فئة هامة وواسعة ونشيطة من السكان الذين تتجاوز أعمارهم مابين ال18 و35 عاما ، وهي دون شك من أهم واخطر المراحل العمرية في حياة كل إنسان وتبدأ تتجلى فيها ملامح شخصية الفرد وعلاقاته الاجتماعية ودوره في الحياة الاجتماعية الخاصة، على مستوى الأسرة الصغيرة، والشارع والحارة والمدرسة، أو على مستوى المجتمع الكبير الذي ينتمي إليه هذا الفرد وما تعتمل فيه من أحداث وصراعات ومتغيرات تنعكس كلها على حياة الشباب من الجنسين، ذكورا أو إناث.
ومما يميز مجتمعنا الجنوبي انه يمكن ان نطلق بتسمية (مجتمع الشباب) كونهم يشكلون الغالبية العظمى من السكان، والتي قد تصل الى مايقارب 70% من إجمالي عدد السكان في الجنوب العربي.وهذه الميزة تفتقر إليها العديد من المجتمعات وخاصة في أوروبا الغربية التي تعاني من شيخوخة مجتمعاتها ، ولذلك فهي تستقبل عشرات اﻷلاف من المهاجرين الشباب الذين ضاقت بهم سبل الحياة في بلدانهم بسبب المشاكل الاقتصادية والصراعات السياسية والحروب التي باتت من سمات هذه البلدان وخاصة في قارتي آسيا وأفريقيا.
إن عدم استقرار الحياة في جنوبنا الحبيب عدن وخاصة بعد الوحدة المشؤومة عام 90م وما شنه هذا النظام المتخلف من حروب عسكرية عامي 1994 و2015م وما تبعها من حرب اقتصادية على أرضنا وشعبنا تمثلت في سياسات تدمير عدد كبير من المصانع التي تجاوز عددها 50 مصنعا ومعملا كانت تستوعب الآلاف من اﻷيدي العاملة وخاصة من بين أوساط الشباب والنساء، بالإضافة الى سياسة النهب والتي ما زالت قائمة منذ أكثر من ثلاثين عاما، حيث يتم اﻷستحواذ على هذه الثروات النفطية والغازية والمعدنية من قبل جماعات لا يتجاوز عددها 10% من مجموع السكان ، وتهريب اموالها للخارج وتجاوزت قيمتها مليارات الدولارات كان يمكن الاستفادة منها في اقامة عدد من المشاريع الصناعية والزراعية والسمكية التي تستوعب عشرات الآﻻف من الشباب الجنوبي العاطلين عن العمل وبالتالي اهدار طاقات عملية جبارة للأسف ما زالت تهدر في دوامات من البطالة والفقر والحرمان لهذه الشريحة الاجتماعية الهامة ، مما ولحالات من الشعور باﻹحباط لدى عشرات الآلاف من الشباب الجنوبي ذكورا واناث من خريجي الجامعات والمعاهد التقنية والصناعية والذين تعبت نفوسهم واقدامهم من الجري ما بين وزارة العمل والقطاع الخاص الذي يستوعب أعداد قليلة من الايدي العاطلة، وبرواتب زهيدة جدا لا تتعدى الـ 50 دوﻻر في الشهر.
ان كل هذه الأوضاع التي ذكرناها لا شك انها اوضاع محبطة ليس للشباب فقط ولكن لأسرهم ومستقبل حياتهم كالزواج وبناء الاسرة، وهناك عدد من التقارير تشير الى مستوى ارتفاع حالات الطلاق والعنوسة والعزوف عن الزواج عند الشباب بل وانتشار عدد من الظواهر السيئة بين اوساطهم كالإدمان على تعاطي القات والحبوب المخدرة والإدمان على الإنترنت في المواقع الاباحية، والحالات النفسية كالاكتئاب وغيرها.
لقد تام الاعلان منذ عام تقريبا عن وجود 17 الف وظيفة لاستيعاب الشباب الخريجين من الجامعات والمعاهد، ومعان هذا الرقم لا يلبي الحاجة المطلوبة من الوظائف وقد استبشرنا به خيرا ، الا انه لم ينفذ على الواقع بسبب ما تعانيه الحكومة من فساد كبير ينعكس ليس قحط على حياة الشباب بل وعلى المجتمع الجنوبي ككل.