كيف نواجه جرائم حرق المصحف؟
كرم جبر
أتذكر بيان صدر عن المجلس الوطنى للأديان فى السويد عام 2014 بعنوان “رفض الكراهية”، يقول فى نهايته: أن ممثلى مختلف الأديان فى السويد متحدون فى موقفهم بالنسبة للعداء الدينى والكراهية تجاه المسلمين ومعاداة السامية.
وتم اعتماد البيان من المجلس الذى يعتبر منتدى للزعماء الدينيين فى السويد، ودعوة للتظاهرات لرفض الكراهية بين الأديان، ووقع على البيان كل أعضاء المجلس الوطنى للأديان فى السويد.
والسويد مجتمع لا تلعب فيه الأديان أدواراً مهمة فى الحياة السياسية والاجتماعية، ولا تشمل حرية الاعتقاد الدينى فى بلادهم انتقاد الديانات أو قول أى شيء باسم الدين أو أن يراقب أى شخص تدين الآخرين، فمثل هذه الأشياء لا تدخل ضمن الحريات الدينية المشمولة بالحماية.
فلماذا تسمح بحرق المصحف وآخر جريمة للمهاجر العراقى “سلوان موميكا”، وإثارة موجات من الغضب والاحتجاج فى العالم الإسلامي، ضد الدعوة السافرة للكراهية بين الأديان؟
لماذا تورط السويد نفسها فى مواجهة ضارية مع الدول والشعوب العربية والإسلامية، إذا كانت قوانينها لا تسمح بإهانة الأديان؟
وكيف نفهم البيان الصادر عن الحكومة السويدية الذى يدين قيام مواطن سويدى من أصول عراقية بحرق نسخة من المصحف أمام مسجد ستوكهولم الرئيسى معتبراً أن ما قام به “عمل معاد للإسلام”؟
جاءت الإجابات على لسان رئيس وزراء السويد أولف كريسترسون بأنه حان الوقت لكى تفكر السويد فى هويتها، وجاء تصريحه رداً على قيام متظاهرين عراقيين بمحاولة اقتحام السفارة السويدية فى بغداد، ولكنهم غادروا بعد وصول القوات الأمنية.
ويبدو أن السلطات السويدية بدأت تدرك حجم المخاطر الهائلة التى تتعارض مع قوانينها، بسبب إساءة استخدام بعض المقيمين فى أراضيها للحريات الدينية.
وامتد الغضب إلى حد سحب عدد كبير من الدول العربية والإسلامية لسفرائها فى ستوكهولم، وحث الدول فى جميع أنحاء العالم على الالتزام بالقانون الدولى الذى يحظر أى دعوة تحض على الكراهية الدينية.
القضاء السويدى هو الذى يسمح بالمظاهرات المعادية التى يتم فيها حرق المصحف، بحجة احترام الحق الدستورى فى التجمع والتظاهر بحرية، ويغل يد الشرطة من منع هذه التظاهرات، رغم العلم بأنها تستهدف حرق المصحف وليس الدفاع عن حق التظاهر بحرية.
وهنا يبرز السؤال: لماذا لم تقم المنظمات الإسلامية داخل السويد وخارجها برفع قضايا أمام المحاكم السويدية لمنع مظاهرات الكراهية ضد الأديان ووقف العمليات الاستفزازية بحرق المصحف؟
المحكمة الإدارية العليا فى السويد تدرس حالياً القرار الصادر من إحدى المحاكم بأن الشرطة ليس من حقها إيقاف تظاهرات حرق المصحف، وهذا معناه أن المعركة القضائية يجب ان يكون لها الصدارة بجانب استدعاء السفراء السويديين وتظاهرات الغضب وبيانات الشجب والإدانة.
* نقلا عن “أخبار اليوم”