لم تعد السفن تشتهى شيئًا (1)
هالة فاروق
قل للرياح أن تأتى حسبما ترغب، فلم تعد السفن تشتهى شيئًا!!
كلمات موجزة تعكس حالة من الألم والشقاء، واليأس المطلق، والاستسلام التام، ربما نتيجة التعرض إلى ابتلاء صعب، فقدان، غدر صديق، خيانة حبيب، ثقة في غير محلها، خسارة حلم، أو انعدام أمل.
عبارة تعكس وجع شعب كادح مكافح مطحون يُدهس تحت أقدام الحياة، ويجد صعوبة في توفير ما يضمن له البقاء، شعب يزداد غرقًا في دوامة الفقر بسبب الغلاء المستمر، ويجاهد ليعيش.
جملة تعبر عن الإحباط المسيطر على أغلب المصريين بسبب الهم، والغم (كلمتان فصيحتان تعنى الأولى حزن وانشغال العقل بما سيحدث، والأخرى الكرب وحزن القلب بسبب ما يحدث) الجاثمينِ على نفوسهم، فارتفاع الأسعار مع تدنى المرتبات- رغم محاولات رفع الحد الأدنى- وتدهور دخل المواطن، ومعاناته من أجل توفير أساسيات الحياة الكريمة، جعلت الحياة لا تطاق في نظر أغلب فئات الشعب المصري الذي أصبح عاجزًا عن تحمل مزيد من الأعباء الاقتصادية الملقاة على كاهله.
لم تعد السفن تشتهى شيئًا.. جملة معبرة عن لسان حال تلك السيدة المسكينة التي تبحث يائسة في طيات ملابسها عما تشترى به طعام لأسرتها، وعن شعور أم يسألها طفلها عن مذاق اللحم الذى شاهده في برنامج التليفزيون، وإحساس تلميذ عجز والده عن سداد مصروفاته الدراسية، ويطالبه الناظر بها أمام زملائه، وعمن يدون اسمه بقوائم الانتظار في المستشفيات الحكومية متشككًا في بقائه على قيد الحياة حتى يحين دوره في العلاج، ودموع الرجل المسن المقهور الذى يبحث في جيوبه فلا يجد ما يكفيه للعودة إلى منزله، وحال شاب لا يجد قوت يومه، وفتاة تحلم بالزواج والأمومة، وتقف الظروف عائقًا أمام حلمها.
إن الحزن، والقهر، والألم، والتعاسة.. كلها مشاعر تؤدى إلى حالة (لم تعد السفن تشتهى شيئًا)، ولكن..
للحديث بقية..
الاسبوع