كانت قديماً ديارا
احمد عبد اللاه
في مستهل الستينات كان “صوت العرب من القاهرة” يتفوق على أصوات العواصف. حينها كان الناس يبحثون عن عتبة للدخول إلى الحلم العربي. لكن تبدد كل شيء في ستة أيام (شيشيت هياميم). بردَ بعدها صوت المذياع وتجمدت الاناشيد في الحناجر وتراجع المبدعون إلى حزنهم، حتى أن سميح القاسم أصبح يرسم قوس قزح بشظية. وحين رصد النقّاد بأن “خلي بالك من زوزو” اكتسح بفارق فلكي فيلم “أغنية على الممر” أدركوا الحقيقة الجديدة وهي: أن الناس قد غسلوا أدمغتهم و طوى النسيان ذلك الحلم.
عقد بعد عقد ظل الشرق يتنقل بين الأزمات حتى انقض “الربيع العربي” كالوحش الجائع يثأر من انظمة الحكم من سافلها الى عاليها.
هناك في تاريخنا ما يمكن اعتباره لعنة البسوس و عقدة الزير (المهلهل). الفتنة و”الثأر الأبدي” و النهايات التراجيدية. متلازمات عبر القرون بأنماط وقوالب مختلفة: مرحلة تثأر من مرحلة وحاكم يثار من حاكم وايديولوجيات تثأر من سابقاتها و نهايات مأساوية تتكرر. وكأن الحاضر حفيد نجمي للسوبر نوفا الجاهلي.
استمرت حروب الربيع لأكثر من عقد وما تزال تنتج حروباً فرعية وكان “التغيير” عنواناً مركزياً لحراك الناس قبل اختطاف انفعالا