ماذا لو.. قمنا بتحويل الألم إلى فن؟
الدكتورة وفاء الناخي
إذا عزمت يوماً السفر إلى دولة كولومبيا في أمريكا الجنوبية، لابد لك من زيارة الحي 13 الواقع في مدينة ميديين.
تعتبر المدينة واحدة من أكبر المدن الكولومبية والواقعة قريباً من سلسلة جبال الأنديز. ما سيلفت انتباهك في الحي 13 ليس فقط مجموعات الشباب راقصي الشوارع، والذين يقدمون أداءً رائعاً ومفعماً بالحيوية، وإنما لن تستطيع إقفال فمك اندهاشاً من جمال الرسومات والألوان الجدارية وفن الكتابة على الجدران المعروف باسم «الجرافيتي»، وستشعر تماماً أنك تمشي في صالة فنون مفتوحة وبلا سقف.
من المعلومات التي يجب عليك معرفتها عن الحي 13، أنه خلال ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، اعتبر الحي من أكثر المناطق خطورة وعنفاً في منطقة أمريكا اللاتينية، لكون المنطقة تقع على منحدرات جبلية، وكانت تستخدم كممر للعبور وتدار من قبل عصابات الكارتل لتهريب الأسلحة والمخدرات.
بعد سنوات من الحروب والصراعات الدموية بين القوات الرسمية المحلية والجهات المسلحة غير الشرعية، استطاعت القوات الوطنية تهدئة المنطقة بعد سنين من الفوضى والاشتباكات ووقوع الكثير من القتلى والجرحى والمعتقلين وفرار العديد من المشردين.
في تلك الحقبة تحديداً، لم يكن لأحد أن يجرؤ حتى بالتفكير بالمرور من قرب الحي ناهيك عن دخوله. بعدما تمت عملية التطهير وتجاوب القاطنون مع السلطات المحلية، لوحظ التحسن التدريجي وانتعاش الحياة في المنطقة وانتقالها من ساحة حرب إلى أجمل المعارض الفنية المفتوحة في الهواء الطلق.
يعد الحي 13 في يومنا هذا من أكثر المناطق شهرة بفن الجداريات ومن أكثر المناطق اكتظاظاً بالزوار في كولومبيا، وبطبيعة الحال الجديد، أصبح من المناطق الآمنة والسياحية.
صار الحي 13 اليوم يستقطب فناني الجداريات من المدينة نفسها ومن المناطق المجاورة والدول اللاتينية الأخرى، ويجذب السياح من حول العالم.
ماذا لو قمنا بتحويل ألم الأمس إلى إبداع واستثمار ومصدر دخل في المستقبل؟ ماذا لو قمنا بتحويل ساحات الحروب والمعارك إلى معارض للفنون وورشات ومسارح للموهوبين والمبدعين؟