عربية ودولية

هل ينهي حقل الدرة مسار التطبيع بين السعودية وإيران؟


الرياض تؤكد أن ملكية الحقل مشتركة بين السعودية والكويت فقط.
الرياض- عدن اوبزيرفر:تواجه العلاقات السعودية – الإيرانية المستجدة اختبارا حساسا للطرفين بشأن ملكية حقل الدرة الغازي، بالتزامن مع مطالبة الكويت والسعودية بأن يبدأ البلدان المفاوضات حول ترسيم الحدود بينهما وبين إيران وفقا للقانون الدولي، الأمر الذي ترفضه طهران حتى الآن على الأقل.

وكانت السعودية وجهت رسالة حازمة بخصوص المنطقة البحرية التي يقع فيها حقل الدرة، وقال مصدر في وزارة الخارجية “إن ملكية الثروات الطبيعية في المنطقة المغمورة المقسومة، بما فيها حقل الدرة بكامله، هي ملكية مشتركة بين المملكة ودولة الكويت فقط، وإن السعودية والكويت لهما وحدهما كامل الحقوق السيادية لاستغلال الثروات في تلك المنطقة”.


وللمرة الأولى عرضت الكويت والسعودية التفاوض لترسيم الحد الشرقي للمنطقة المغمورة المقسومة بين المملكة والكويت، والتي يقع فيها الحقل، كطرف تفاوضي واحد مقابل الجانب الإيراني.

وتبعد السواحل الإيرانية عن الحد الشرقي للمنطقة المغمورة ضِعْف بُعْد السواحل الكويتية والسعودية عن الحد الشرقي، ما يجعل مطالبة إيران بأن يكون لها نصيب في ملكية حقل الدرة بعيدة عن المنطق.

وتتردد طهران في ترسيم الحدود بينها وبين الكويت والسعودية لأن أي ترسيم يجعل الخط الفاصل للحدود البحرية بعيدا بعشرات الأميال عن الحد الشرقي للمنطقة المغمورة، التي تعد -فضلا عن المسافات- جزءا موصولا بالجرف القاري السعودي والكويتي.

ويقول مراقبون إنه حتى لو أرادت إيران أن تحسب المسافة انطلاقا من جزيرة خرج الإيرانية، فإنه سيكون من الطبيعي للكويت أن تحسب المسافة انطلاقا من جزيرة فيلكة، وبالتالي تظل النتيجة هي نفسها لأن خرج تبعد عن الدرة ضِعْف بُعْد فيلكة عن الحقل.

ووفقا لما ما هو منصوص عليه في المادة 55 في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار عام 1982 “تمتد منطقة البحر التي تتمتع فيها دولة ذات سيادة بحقوق خاصة فيما يتعلق باستكشاف واستخدام الموارد البحرية، بما في ذلك إنتاج الطاقة من الماء والرياح، من الحد الخارجي للمياه الإقليمية (12 ميلًا بحريًا من خط الأساس) إلى 200 ميل بحري من ساحل دولة ما”. ويتم تقسيم مناطق الحقوق الاقتصادية في البحار ذات الشواطئ المتقاربة مثل الخليج العربي مناصفة.

ويقع حقل الدرة ضمن “الحدود السيادية” للكويت والسعودية، بينما لا توصل مناصفة الحقوق الاقتصادية إيران إلى أي طرف من أطراف الحقل المعروفة.

وبناء على قانون البحار لا سبيل إلى التنازع حول حقوق الكويت والسعودية. وإذا تم ترسيم الحدود بين هذين البلدين وبين إيران سيبتعد الخط الوسط عن الحد الشرقي لحقل الدرة بما لا يقل عن 25 ميلا بحريا (الميل يساوي 1.8 كيلومتر)، في حين أن ترسيم الحدود يشكل فائدة مشتركة للطرفين، في حال ظهرت حقول أخرى.

وعلى الرغم من أن إيران تقول إنها مستعدة لبدء أعمال الحفر في حقل الدرة، تؤكد الكويت أن إيران لم تبدأ أي أشغال هناك. ولكنْ في حال تعمدت إيران إرسال سفن حفر إلى المنطقة يمكن أن ينشب نزاع “كامل الأوصاف” ويهدد العلاقات بين الكويت والرياض من جهة وبين طهران من جهة أخرى.

ويقول المراقبون إن ذلك لن يكون اختبارا لصلابة تطبيع العلاقات بين السعودية وإيران فحسب، وإنما سيكون أيضا اختبارا للوساطة الصينية التي سهلت الانطلاق في مسار التطبيع.

وكان نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير النفط ووزير الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار في الكويت سعد البراك قد قال الاثنين الماضي إن دولة الكويت “ترفض جملة وتفصيلا الادعاءات والإجراءات الإيرانية حيال حقل الدرة البحري”.

وكانت شركة أرامكو لأعمال الخليج والشركة الكويتية لنفط الخليج قد وقعتا في ديسمبر 2022 مذكرة تفاهم لتطوير حقل الدرة المشترك بين البلدين، وذلك بهدف تسريع الأعمال وفقا لخطة تنفيذ البرنامج والجدول الزمني المعتمد من البلدين.


ويأتي تطوير الحقل تنفيذا لما جاء في مذكرة التفاهم التي وقَّعتها السعودية والكويت في 24 ديسمبر 2019، والتي تضمنت العمل المشترك على تطوير واستغلال حقل الدرة. وبحسب التقديرات سيوفر الحقل ما مقداره مليار قدم مكعبة من الغاز مناصفة بين الشريكين اللذين أسسا شركة الخفجي المشتركة لإدارة المشروع.

ويقول مراقبون إنه في حال اختارت إيران أن ترسل سفنا للحفر في المنطقة المغمورة، يمكن أن تندلع أزمة كبرى تدفع العلاقات بين السعودية وإيران إلى الهاوية من جديد، بكل ما قد يعنيه ذلك من أعمال قد تسفر عن التهديد باستخدام القوة لإبعاد السفن الإيرانية.

وتريد إيران اتفاقا لترسيم الحدود خارج قانون البحار، ما يجعل ترسيم الحدود موضوعا للتفاوض، وليس موضوعا للمقاييس المعتمدة في القانون المتعلق بالحقوق السيادية والحقوق الاقتصادية.

ولئن كان من غير المنتظر أن تستسلم إيران بسهولة للإعلان السعودي – الكويتي بشأن الملكية المشتركة لحقل الدرة، فإن فصولا للنزاع يمكن أن تنشأ، ما لم تتمكن الصين من كبح التداعيات وإعادة ضبط النزاع وفقا لما يقره القانون الدولي.العرب

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى