الحوثيون يمضون في تجفيف مصادر تمويل الحكومة متسلحين بسياسة الإنكار.
عدن اوبزيرفر- يمضي الحوثيون قدما في إجراءاتهم التي تستهدف تجفيف مصادر تمويل السلطة الشرعية في المناطق المحررة، بسن تشريعات واتخاذ قرارات اقتصادية ومالية تعمل على تضييق الخناق على الحكومة المعترف بها دوليا، دون الاهتمام بالمخلفات الكارثية على اليمنيين.
ويمارس الحوثيون في هذه الحرب سياسة الإنكار من خلال البحث عن شماعة لتبرير قراراتهم التي فاقمت من معاناة سكان المحافظات المحررة، وحتى تلك الخاضعة لسيطرتهم.
وشن الحوثيون، عبر ما يسمى بـ”اللجنة الاقتصادية العليا”، مؤخرا هجوما على الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ردا على بيان مشترك أصدرته الدول الثلاث، وانتقدت فيه الحرب الاقتصادية الجارية على الحكومة الشرعية.
واتهم الحوثيون في بيان الدول الثلاث بالوقوف خلف تعثر صرف مرتبات موظفي الدولة في المناطق الخاضعة لسلطة الجماعة، واتهم البيان الأطراف الثلاثة بأنها من خططت وأعطت الضوء الأخضر لنقل وظائف البنك المركزي من صنعاء، وقطع مرتبات موظفي الدولة ومعاشات المتقاعدين ومخصصات الضمان الاجتماعي.
وقال البيان الصادر عن اللجنة الاقتصادية العليا التابعة للحوثيين إن الدول الثلاث هي من تقف خلف “مواصلة الحرب الاقتصادية على الشعب اليمني والاستمرار في التصدي للمطالب الإنسانية والحقوق العادلة، على رأسها مرتبات موظفي الدولة في اليمن”، مؤكدا أنها “كانت ولا تزال رأس الحربة والعقل المدبر للعدوان والحصار على اليمن، واستخدام الاقتصاد كورقة حرب، بشكل لم يعد خافيا على أحد”.
ودافع الحوثيون عن القرارات المتعلقة بمنع تصدير النفط من المناطق المحررة عبر التلويح باستهداف السفن بواسطة الطائرات المسيرة، زاعمين بأن هذا القرار يهدف إلى “حماية وصون حقوق الشعب اليمني، ومنع استخدام عائداتها في الحرب”.
وجاء الموقف الحوثي ردا على بيان مشترك أميركي – بريطاني – فرنسي، الثلاثاء، دعا جماعة الحوثي إلى التخلي عن أي خيار عسكري، واتهمها “بمفاقمة الأزمات الإنسانية والاقتصادية الرهيبة في اليمن باستمرارها في منع صادرات النفط، بما في ذلك منع ناقلات غاز الطهي في مأرب من دخول المناطق الخاضعة لسيطرتها”، مطالبا إياها “بالكف فورا عن أي أعمال من شأنها أن تلحق المزيد من الضرر باقتصاد اليمن”.
وجاء الموقف الغربي في أعقاب استنفاد المجتمع الدولي لكل أوراق الضغط المتاحة لمطالبة الحكومة الشرعية بتقديم المزيد من التنازلات، وهو الأمر الذي كان يقابله الحوثيون برفع سقف اشتراطاتهم وتشديد الحصار الاقتصادي على المحافظات المحررة التي كانت تعيش وضعا أفضل في ظل استمرار صرف المرتبات وعدم فرض جبايات كالتي يفرضها الحوثيون في مناطق سيطرتهم.
ووفق الباحث الاقتصادي اليمني عبدالحميد المساجدي، فقد تسببت الحرب الاقتصادية التي يخوضها الحوثيون في مفاقمة الأوضاع المعيشية للمواطنين في مختلف مناطق الجمهورية اليمنية.
وقال المساجدي في تصريحات لـ”العرب” إن جماعة الحوثي تسببت بقرار منع تداول الطبعة الجديدة في مناطق سيطرتها في حرمان أكثر من سبعين ألفا من موظفي القطاعات الخدمية في الصحة والتعليم من مرتباتهم، كما أسهمت في ارتفاع عمولات التحويل وصعوبة نقل الأموال بالعملة المحلية داخل الجمهورية اليمنية، ما أوجد نظامين نقديين مختلفين.
وأشار الباحث الاقتصادي اليمني إلى أن القرار الحوثي بمنع تداول الطبعة الجديدة جاء في ظل امتناع الجماعة عن دفع مرتبات موظفي الدولة في مناطق سيطرتها، إذ إنها تتحصل على أغلب الإيرادات الجمركية الضريبية في الجمهورية اليمنية وبنسبة تفوق قيمة مبيعات النفط والغاز، والتي كانت عندها مستوياتها الأدنى بفعل الحرب.
وأضاف “رغم تعامل البنك المركزي اليمني في عدن مع كافة البنوك العاملة في الجمهورية بغض النظر عن موقع مراكزها الرئيسية، وفتح باب الاعتمادات المستندية ونظام المزادات، والتي تمكن التجار في مناطق الحوثي من الحصول على تسهيلات ائتمانية لاستيراد السلع والبضائع ما يوفر غطاء تأمينيا بشكل غير مباشر لقيمة العملة في مناطق الحوثي، إلا أن الميليشيات صعّدت من حربها وقصفت موانئ تصدير النفط ومنعت دخول شاحنات السلع والبضائع من المناطق المحررة إلى مناطق سيطرتها، بغرض إجبار التجار على الاستيراد عبر ميناء الحديدة لتعظيم مواردها الجمركية والضريبية، في وقت تمتنع فيه عن صرف مرتبات موظفي الدولة بما يعني أن الحوثيين يتسببون بكارثة اقتصادية في جميع مناطق اليمن”.
وحذّر رئيس الحكومة اليمنية معين عبدالملك، خلال مشاركته في جلسة حوارية بمؤتمر لندن السنوي الذي ينظمه معهد تشاتام هاوس، الخميس من تداعيات الحرب الحوثية على الاقتصاد في المناطق المحررة، مؤكدا أن “الحرب الاقتصادية التي يشهدها اليمن تنذر بانزلاق الوضع الإنساني إلى مستويات خطيرة”، وأن “الاعتداءات التي تمارسها ميليشيا الحوثي على القطاع الخاص باتت تهدد سلاسل الإمداد وانزلاق البلاد إلى مسار المجاعة”.
وقال الباحث الاقتصادي اليمني ماجد الداعري إن تحذيرات رئيس الحكومة من انهيار الاقتصاد اليمني تتزامن مع استماتة جماعة الحوثي في تنفيذ إجراءات كارثية من شأنها تقويض ما تبقى من دخل وطني واقتصاد قومي للبلد عموما، وتعطيل القطاع المصرفي وتحويل اليمن إلى سوق سوداء لصالح دعم اقتصاد الحرب لدى الميليشيات التي تستعد ماليا واقتصاديا وعسكريا لخوض جولة حرب شاملة طويلة الأمد.
واعتبر الداعري في تصريح لـ”للعرب” أن “هذه الإجراءات الحوثية التعطيلية للاقتصاد وموارد الدولة تأتي في ظل استمرار عجز الحكومة الشرعية عن القيام بأي إجراءات أو خطوات مماثلة للرد على الحرب الاقتصادية التجويعية المفروضة من قبل الميليشيات”، معتبرا أن إيقاف تدفق النفط والبضائع التجارية عبر ميناء الحديدة يشكل أقل رد يمكن للدولة اللجوء إليه.