جماعة الحوثي أخطأت تقدير الموقف السعودي
تصاعد التهديدات الحوثية هو محاولة للضغط على السعودية من أجل الرد على مطالب الجماعة وكسر جمود المفاوضات.
صنعاء – عادت جماعة الحوثي إلى لغة التهديد والوعيد ضد التحالف العربي، في ظل حديث عن جمود في المفاوضات بينها وبين السعودية، والتي تجري بوساطة عمانية. ويرى متابعون أن عودة مفردات الحرب في خطاب الجماعة الموالية لإيران مؤخرا تعكس حالة من التخبط والارتباك، مشيرين إلى أن قيادة الحوثي كانت تعتقد أن السعودية مستعدة لدفع أي ثمن مقابل انسحابها من اليمن، لكنها على ما يبدو أخطأت التقدير، وهو ما يظهر في خطابها المتشنج.
وجددت جماعة الحوثي تهديداتها مساء الخميس باستهداف مشاريع اقتصادية تعكف الحكومة السعودية على تطويرها في المملكة. وجاء ذلك في تصريحات نقلتها قناة “المسيرة” التابعة للجماعة، عن نائب رئيس الحكومة غير المعترف بها في صنعاء، جلال الرويشان.
وقال الرويشان إن السعودية لم ترد حتى اللحظة على “الملف الإنساني” بعد المفاوضات التي جرت في رمضان. وأضاف نائب رئيس حكومة “الإنقاذ” التابعة للحوثيين أن “المفاوضات الجارية مع الطرف السعودي بوساطة عمانية، في وضعها الحالي، تبقى محاولات لتحقيق السلام قابلتها صنعاء بإيجابية”، ملفتا إلى أن “الرياض تحاول كسب الوقت، كما تشير إلى ذلك تقديراتنا”. وقال المسؤول الحوثي “على الرياض أن تدرك أنه لا يمكن الجمع بين خطط التطوير الاقتصادي وبين غزو بلد مجاور”.
وهذه ليست المرة الأولى التي يطلق فيها الحوثيون تهديدات باستهداف المشاريع الاقتصادية التي تعمل عليها السعودية في إطار رؤية 2030؛ فقد هدد زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي، ضِمن خطاب له في مايو الماضي، المملكة قائلا “لا يمكن للسعودية تحقيق طموحاتها الاقتصادية، أو جلب الاستقرار والأمن لنفسها، إلا بسلام الشعب اليمني ورفع الحصار عنه”.
وأضاف زعيم الحوثيين “بقدر ما أعطينا مساحة لجهود الإخوة في سلطنة عمان، لكن لا يمكن أن نستمر إلى ما لا نهاية، فيما يظن الآخرون أنهم يكسبون الوقت لتنفيذ المؤامرات”.
وكان من المفترض أن تستأنف المفاوضات بين جماعة الحوثي والسعودية في أواخر أبريل الماضي، بعد لقاءات جمعت مسؤولين سعوديين وقيادة الجماعة الموالية لإيران في العاصمة صنعاء وبمشاركة وفد من مسقط.
وقد طرحت جماعة الحوثي خلال تلك اللقاءات جملة من الشروط، وقد تعهد الوفد السعودي حينها بدراستها والرد عليها، لكن لم يتحقق أي شيء منذ ذلك الحين. ويرى متابعون أن تصاعد التهديدات الحوثية هو محاولة للضغط على السعودية من أجل الرد على مطالب الجماعة وكسر الجمود الحالي في المفاوضات.
ويوضح المتابعون أن جماعة الحوثي كانت تعتقد أن الرياض مستعدة لتقديم أي تنازلات للخروج من المستنقع اليمني والالتفات إلى مشاريعها الاقتصادية الضخمة والطموحة.
ويلفت هؤلاء إلى أن الجماعة الموالية لإيران كانت ولا تزال تنظر إلى السلطة الشرعية في اليمن على أنها مجرد أداة تخادم إقليمي، وأنها لا تملك زمام أمورها، مشيرين إلى أن ما سجل في الأشهر الماضية من مرونة سعودية كرس القناعة السائدة لدى قيادة الحوثيين، وجعلها تعتقد أنها على أبواب تحقيق النصر المنشود، لكن هذه القناعة بدأت تتبدد مع طول انتظارها للرد السعودي على مطالبها ذات السقف العالي.
ويذكر المتابعون أن الجماعة تتخذ من ضرب المصالح الاقتصادية للمملكة ورقة تشهرها في وجه السعودية، لكن لا يبدو أن الأخيرة مهتمة أو مبالية حتى الآن بما يصدر عن الحوثيين، من منطلق أن طهران لن تسمح لهم بمثل هذا التصعيد في الوقت الذي يجري فيه ترتيب إعادة العلاقات الثنائية.
وكانت إيران والسعودية اتفقتا في أبريل الماضي بموجب وساطة صينية على تطبيع العلاقات بينهما وتبادل السفراء بعد قطيعة دامت سنوات، وهو اتفاق أثار ارتياحا في المنطقة من منطلق أنه قد يسهم في خفض التوترات، بما في ذلك التوتر في اليمن.
وجدد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي خلال لقاء جمعه الخميس بالسفير الأميركي لدى اليمن ستيفن فاغن، تأكيد التزام المجلس والحكومة بخيار السلام العادل والشامل والقائم على المرجعيات المتفق عليها وطنيا وإقليميا ودوليا، معتبرا أن دعم الإصلاحات الاقتصادية والخدمية الحكومية هو الطريق الأمثل لتعزيز فرص السلام وتخفيف المعاناة وتحقيق تطلع الشعب اليمني إلى استعادة مؤسسات الدولة والأمن والاستقرار والتنمية.
وأشاد العليمي في هذا السياق بجهود دول تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية والإمارات، وتدخلاتها الإنسانية والإنمائية على مختلف المستويات. كما أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي على أهمية اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته إزاء الانتهاكات الحوثية الجسيمة لحقوق الإنسان، بما فيها القيود المفروضة على انتقال الأفراد والسلع وأنشطة القطاع الخاص والحريات العامة، والتي كان أحدثها الإجراءات التعسفية بحق البنوك والغرف التجارية واعتقال العشرات من أبناء الطائفة البهائية.
وأثار العليمي مسألة تدفق العديد من شحنات الوقود المهرب إلى موانئ الحديدة الخاضعة بالقوة لسيطرة جماعة الحوثي، وتداعيات ذلك على فرص التهدئة المنشودة في اليمن، في إشارة إلى تقارير تحدثت عن إرسال إيران شحنات وقود إلى الجماعة عبر ميناء الحديدة.العرب