خالد أحمد: الألغام في اليمن معاول هدم للأحلام و أوتاد تشدنا للعجز
عدن اوبزيرفر:خالد أحمد عبد الحق من مديرية تعز باليمن، شاب يافع مسكون بحب الحياة والطموح، كان يكافح ليكون مهندساً معمارياً متميزاً، فخياله الخصب ومهاراته في عالم البناء والتشييد وحبه للمعمار عامة، كانوا يدفعون به نحو هذا الحلم الذي لم يكن بعيداً جداً عن معانقته وقطف ثماره.
لكن الألغام في اليمن، وكما راجت عنها قصص دموية عدة، لطالما دكت الأحلام وحطمت المطامح وضربت بشدة وقسوة وشدت ضحاياها الذين أفلتوا من أذرع الموت إلى زوايا العجز والانكسار.
وهذا حال الشاب خالد أحمد، الذي لم يستطع مقاومة حنينه لبيته الذي استحوذت عليه الميليشيات مع سائر قريته لفترة من الزمن، حيث قال خالد لمكتب مسام الإعلامي: “اشتقت لبيتي ولم أستطع أن أمنع نفسي عن الذهاب إليه وتفقده بعدما سمعت أن الميليشيات غادرت المكان، كنت أرغب بفحصه لأعود مع أسرتي إليه، فأن تكون نازحاً داخل وطنك، هو شعور صعب ووضع بائس لأسرة مشردة، لذلك كنت أبحث عن إعادة الاستقرار والأمان لأسرتي داخل بيتنا الذي عشنا فيه أحلى أوقاتنا وذكرياتنا، لكني لقيت مصيراً مراً”.
وهنا سكت خالد قليلاً وكأنه يلملم أفكاره ويبتلع غصة في صدره راسماً على شفتيه ابتسامة شاحبة لا تخلو من الحزن والتسليم لقدره، حيث واصل قائلاً لمسام “على تخوم بيتي انفجر تحت رجلي اليمنى لغم أرضي وبترها من تحت مستوى الركبة، ومن يومها تغير كل شيء في حياتي وضاعت أحلام الأمس وبات علي أن أعيش وكأني ولدت من جديد بعاهة جسدية ستلازمني ما حييت”.
ضاع كل شيء
“خالد الجديد” لم يعد ذاك الشاب المفعم بالحياة والنشاط، فبعد الحادث وجد نفسه عاجزاً محطم الوجدان أسير إعاقة كبلته إلى أبعد الحدود، حيث قال: “ما أصعب أن تضطر لاستبدال رجلك بقضبان من حديد، وما أصعب أن يكون هذا الحديد الجامد سبيلك الوحيد للمضي في دروب الحياة وعدم الوقوع في براثم العجز والخصاصة”.
فخالد أب ومسؤول على عائلة، ولم يكن بإمكانه الوقوف كثيراً على أطلال الماضي والبكاء على ما كان، فما مضى ولى ولن يعود أبداً، وهي نقطة حاسمة وضعها خالد نصب عينيه، وقد وجد من أسرته ورفاقه الدعم حتى أصبح قادراً على المشي بالاعتماد على عكازين ومن ثمة استعان برجل اصطناعية ومضى بخطوات متعثرة في مسارب الحياة، ولكنه لم يقنع بالعجز البتة.
وهنا قال خالد لمسام: “كنت أحلم أكون مهندساً معمارياً لكن الألغام حطت حلمي، فعدت بعد لملمة جراحي لأصنع حلماً جديداً يتماشى مع إمكانياتي الصحية، فصحيح أنا اليوم عامل بسيط في مجال البناء، لكني لم أغادر حقل العمل الذي كنت أحلم أن أكون اسماً بارزاً فيه، رغم ما فعلته بي الألغام، فلا يجب أن نستسلم أبداً ولا يجب أن نرفع الراية البيضاء لعلب الموت المتفجرة في اليمن، فنحن نجد الدعم والعطاء الجزيل من مشروع مسام المتفاني في نزع الألغام في اليمن، وهذا يعطينا دافعاً قوياً للصمود والمثابرة، فالألغام زائلة من اليمن مادام هناك مشروع إنساني مثل مشروع مسام، يصل الليل بالنهار من أجل إبادة هذه الألغام القاتلة، فأملنا في المستقبل كبير ويدنا ممدودة لهذا المشروع النبيل الذي نتمنى أن يستمر في كفاحه من أجل أن يعود اليمن خالياً من الألغام.
والجدير بالذكر أن مشروع مسام ومنذ أن بدأ عمله في اليمن نهاية يونيو 2018 وحتى اليوم تمكن من نزع 398.110 لغماً وقذيفة غير منفجرة وعبوة ناسفة، مطهراً خلال هذه الفترة نحو 46 مليون متر مربع من الأراضي اليمنية.
وتمكنت فرق مسام الهندسية منذ انطلاقة المشروع من نزع 245.288 ذخيرة غير منفجرة، و 138.908 لغماً مضاداً للدبابات.
https://wetransfer.com/downloads