بداية القصيدة … !
رواء عبدالله مجاهد
منذُ صدور قرار رئيس مجلس القيادة الرئاسي رقم 21 لسنة 2022 في الرابع من أغسطس 2022 م بشأن إعادة تشكيل مجلس القضاء الأعلى، التزمت الصمت ( المؤقت ) ، ولم أواجه أو أنشر علناً أي اعتراض على القرار بالرغم من أنه فاقد لابجديات الطرق القانونية والدستورية في إصداره ، وفضلت أن تصل العدالة إلى المواطن و يُرفع إغلاق مقرات المحاكم والنيابات و الذي استمر لمدة سنة ونصف ، وأن يتم سير العمل القضائي في بصيص من الضوء أملاً في الخروج من النفق المظلم .
لاحقاً .. لم أعلق أو أعترض على أي مسلك أو قرار من قرارات مجلس القضاء الأعلى الحالي راجية في أن نجد في قيادة مجلس القضاء الأعلى الجديدة آفاق وضاءة ينعكس طيفها على صلاح السلطة القضائية ، وإيماناً مني بأن عملية تقييم عمل المجلس لن تتم سريعاً إلا بعد مضي مدة كافية حتى يكون التقييم قد تم بشكل موضوعي ، و مبني على معطيات لها أساس راسخ من الواقع .
فبعد تعيين مجلس القضاء الحالي انخرط القضاة بحفلة صاخبة من التهاني والمباركات للمجلس الجديد ، وانتظرنا أن نقطف الأعناب والزيتون والرمان المتدلي من خير موازنة السلطة القضائية التي كان يعبث بها المجلس السابق والذي شُكِّل بشأن فساده في إنفاق الموازنة لجان لفحص الموازنة و أقيمت المؤتمرات وتعالت التصريحات والبيانات المنددة بالنفقات العبثية وغير المشروعة ، وغير المبوبة من موازنة السلطة القضائية ، و استبشر منتسبي السلطة القضائية خيراً في القيادات الجديدة و بنو آمالهم و طموحاتهم المشروعة في عرض شفاف عن وضع موازنة السلطة القضائية ،و في تحسن وضعهم المالي ، و حصولهم على التأمين الصحي ، لا سيما و أن من القيادات الحالية سبق و قدمت تقارير محاسبية تبين خروقات جسيمة في موازنة السلطة القضائية المهولة ، و كيف كان يتم العبث بها عن طريق صرفها في نفقات و وقود و زيوت و أغذية و ملبوسات و سيارات و ضيافة و انتقالات و سفريات و نثريات …الخ .
لذلك انعقدت آمال منتسبي السلطة القضائية على أن يعمل مجلس القضاء الجديد على معالجة الاشكاليات المحيطة بأوضاعهم المالية و الصحية طالما و أن موازنة السلطة القضائية تسمح بذلك .
و لكن .. جاء المجلس الجديد و تبين أن كل الحقوق المشروعة لمنتسبي السلطة القضائية موقوفة على زيادة الموازنة ! و ليس مجرد زيادة بسيطة بل زيادة مضاااااعفة ، و لم يتحصل منتسبي السلطة القضائية إلا على الفتات و الفتات فقط ، بينما القيادات الحالية تصول و تجول في مختلف دول العالم ، و تقتني السيارات الفارهة ، و تحصل على تأمين صحي مهول ، باختصار كانت بداية القصيدة …
فالمجلس الجديد استمر بذات المنهجية القائمة على تبديد موازنة السلطة القضائية ، و من ثم عمل على المطالبة بزيادة مضاعفة أضعافاً كثيرة عن الموازنة السابقة .
لذلك على قيادات المجلس الجديد أن تقر إقراراً صريحاً بأنها مثل السابقين فساداً و لا تختلف عنهم في شيء ، أو تنكر ذلك و تتقدم بعرض شفاف و أمين و تفصيلي لموازنة السلطة القضائية (( المبوبة )) ، و كيف تم إنفاقها تفصيلاً ، و تقر بأن كل ما قيل بشأن فساد المجلس السابق لم يكن إلا محض افتراء منهم للصعود على انقاضهم و تقديم اعتذارهم للمجلس السابق و لمنتسبي السلطة القضائية الذين مارسوا بحقهم التضليل . و بالمقابل سأتقدم حينها باعتذاري للمجلس السابق و الحالي عندما يثبت عدم تبديدهم للموازنة .
الآن .. سيتم مضاعفة موازنة السلطة القضائية و سيستلم منتسبي السلطة القضائية التأمين الصحي و زيادة غلاء المعيشة و ما شابه ، و لكني ارجو حينها ألا يقوم محترفي التطبيل و التزمير بتقديم عبارات الشكر والتقدير و يدخلونا بحفلة صاخبة جديدة عن الانجازات الوهمية لمجلس القضاء الأعلى الجديد !
القاضي .د / رواء عبدالله مجاهد