أول فرقة نسائية.. يمنيات يواجهن أوجاع الحرب بالموسيقى
محاولة جريئة لإخراج البلاد من صخب الحرب إلى فسحة الفن.
تزخر اليمن بمواهب كبيرة في شتى المجالات الفنية والإبداعية وخاصة الموسيقى، إذ تعد مهدا للكثير من الإيقاعات والمقامات والأنماط الموسيقية، لكن هذا العالم لطالما هيمن عليه الرجال بدرجة كبيرة وغابت عنه النساء لأسباب عديدة أغلبها اجتماعي وثقافي بالأساس، لكن هذا المشهد تسعى إلى تغييره فرقة موسيقية نسائية جديدة تتحدى العادات والظروف.
عدن اوبزيرفر- من بين أصوات الرصاص ودوي القذائف برزت في اليمن مؤخرا أول فرقة فنية نسائية تواجه أوجاع الحرب بالموسيقى والغناء واللحن الشجي.
وانطلقت هذه الفرقة النسائية في عدن جنوبي اليمن، وهي المدينة التي يغلب عليها طابع المدنية والفن والجمال منذ عقود.
وتعد هذه الفرقة التي تأسست نهاية فبراير 2023 أول فرقة فنية نسائية في اليمن. وتأسيس هذه الفرقة يشكل سابقة أولى من نوعها، ليس على مستوى مدينة عدن فحسب، بل في كامل اليمن، حيث يتم التدريب على العزف والغناء واستخدام الآلات الموسيقية بشكل فني بديع، في سبيل إخراج البلاد من صخب الحرب والوجع إلى فسحة الفن والموسيقى.
وتم تأسيس الفرقة من قبل مشروع “الفن مهنتي” في العاصمة المؤقتة عدن، وحظي هذا المشروع الفني بإعجاب الكثير من اليمنيين واهتمامهم.
الفرقة تحاول أن تصنع لها اسما في عالم الموسيقى اليمني وأن تسعد الجماهير التي سئمت من الألم والحرب
ويعمل مشروع “الفن مهنتي” على تدريب الفتيات في مجال الفنون الموسيقية والإدارة الثقافية، وقام بتشكيل أول فرقة موسيقية نسائية في اليمن، ونظم أول حفل موسيقي نسائي أمام الجمهور، واستهدف المشروع 14 فتاة تدربن على أربع آلات موسيقية.
وتم تنفيذ هذا المشروع الفني باسم “مؤسسة عدن للفنون والعلوم” بدعم من الاتحاد الأوروبي وبمشاركة معهد جوتة الألماني.
تعزيز وجود المرأة
ضمن مساعي الاتحاد الأوروبي المستمرة في دعم المرأة اليمنية وتعزيز وجودها في البلاد عبر عدة مشاريع، برزت هذه الفرقة كنوع من الاهتمام الدولي بالقطاع النسوي في البلد الذي يغلب عليه عنصر الرجال.
وتقول المغنية والعازفة فرح قائد، وهي إحدى عضوات هذه الفرقة النسائية، إن من دوافع إنشاء الفرقة هو تعزيز وجود المرأة في مجال الموسيقى خصوصا العزف كونها مغيبة تماما عن هذا الجانب.
وأضافت قائد في تصريح لها أن الفرقة لاقت انتشارا واسعا وصدى كبيرا في شتى أرجاء اليمن.
وأشارت إلى أنه في البداية انقسم المجتمع بين مؤيد ومعارض لإنشاء الفرقة الفنية النسائية، فهناك من رأى أنها بادرة جميلة وتغير إيجابي وأن الفرقة تذكّر الجميع من هي عدن المدينة الجميلة.
وكما يعرف بأن المشاريع الإيجابية لا تخلو من معارضين لها، فقد لاقت هذه الفرقة اعتراضا من البعض.
وتقول فرح “هناك من تحدث باسم الله والدين والأعراف، وأن الموسيقى حرام وغير ذلك من الحديث”.
وأوضحت بأن الفرقة مازالت حاليا في طور التعلم والتمكين، وتتطلع إلى تدريبات أكثر قوة، وبعدها سيتم التفكير بالمشاريع الفنية المستقبلية. وتابعت “فرقتنا الفنية حاليا تحاول الظهور للجمهور بصورة جميلة وتبحث عن الدعم”.
وتشدد فرح على أهمية الفن في صنع المحبة والسلام والوئام، خصوصا في البلدان التي تشهد حروبا وصراعات كاليمن.
وتفيد في هذا الجانب “لطالما كان الفن هو حاضن الجمال والحب، بل إن لغة السلام هي الفن كما هو معروف، والعلاقة بينهما وطيدة، ونستطيع أن نخلق تفاعلا جيدا من خلال الفن الذي عبره يحلق الإنسان إلى فضاءات الهدوء النفسي ويصبح أكثر قابليه للحب ونشر السلام”.
وحول طموحها الفني المستقبلي تقول فرح “أنا طموحي الوصول إلى العالمية. أحلم أن أكون عازفة ومغنية عالمية حتى أخبر العالم أن اليمن بلد فيه أشياء جميلة”.
وأردفت “أتوق إلى نشر الثقافة الإيجابية مثل الألحان والفن والموسيقى، والفرقة تسعى لأن تصنع لها اسما في عالم الموسيقى اليمني، وأن تسعد الجماهير التي سئمت من الألم والحرب”.
وتوجه فرح رسالتها إلى اليمنيين قائلة “أتمنى أن تتعلموا الوعي الجيد وصناعة الحب والتعايش، لأن الوعي يجعلنا نستطيع تمييز الأمور الصحيحة التي ينبغي علينا كمجتمع أن نقوم بها والتطلع إلى التقدم المعرفي والفكري، لأننا من خلالهما نصبح مجتمعا أرقى محبا ويضع له مكانا في عالم اليوم”.
حب وشغف
من رحم الوجع قد يأتي الحب، ومن الواقع القاسي قد يخلق الشغف بالفن والسلام، خصوصا لدى العنصر النسائي الذي يميل عادة إلى الهدوء والفن والجمال.
ويقول شعيب العفيف مدير مشروع “الفن مهنتي” إن “الفرقة الموسيقية النسائية لديها حب وشغف بهذا المجال، وتعمل بكل حب من أجل الاستمرارية والصمود في ظل الأوضاع الصعبة التي تمر بها البلاد”.
وأضاف العفيف في تصريح له أن الشعب اليمني ملّ من الحرب والعنف والدمار وخصوصا النساء. فاليمنيون لا لهم ناقه ولا جمل في هذا الصراع المستمر منذ سنوات.
وشدد على أنه “بهذه الفرقة نستطيع إيجاد جو ملائم للنساء لخوض مشوارهن الفني”.
وطالب الجهات المعنية بتنمية المواهب الفنية لدى النساء والفتيات، من أجل تعزيز الساحة الفنية بكوادر نسائية مدربة ومؤهله قادرة على العزف والغناء.العرب