مقالات
الحوار الجنوبي الجنوبي.
د. عبدالوهاب طواف/
الحوار الجنوبي الجنوبي.
توصيف للواقع في الجنوب اليوم
1. تعيش المحافظات الجنوبية حالة صراعات مناطقية شديدة، وتنافر حاد بين قياداتها، تهدد باندلاع حرب مناطقية جديدة في أي لحظة، والكل يعلم أن المشاكل الموجودة اليوم ليست بسبب الوحدة بل بسبب القصور في إدارة دولة الوحدة، والفشل في صياغة آلية عادلة لتقاسم السلطة بين الشمال والجنوب.
2. اليوم هناك أصوات عالية ومؤثرة داخل الجنوب، تدعو للعودة إلى ما قبل عام 1990، وعودة دولة اليمن الديمقراطية.
3. هناك أصوات وازنة في المحافظات الجنوبية تفضل بقاء الوحدة، خشية من عودة الصراعات المناطقية على السلطة.
4. هناك أصوات جنوبية أخرى تدعو لنظام الأقاليم تحت مظلة اليمن الكبير.
5. هناك مساع لنخب جنوبية أخرى ــ وإن كانت ما زالت خافتة ــ للعودة إلى ما قبل ثورة 1963، وعودة السلطنات والمحميات. 6. بلا شك تمكن المجلس الانتقالي من تحقيق نجاحات لافتة للجنوب، كإعادته بقوة إلى الواجهة سياسيا، وتمكنه من بناء جيش جنوبي وازن، وإن لم يكن بمرتكزات ومعايير تمثل كل المحافظات الجنوبية كما يجب. كما تمكن المجلس من الدفع بقيادات جنوبية إلى كل مؤسسات الجنوب، وإلى معظم مؤسسات اليمن الكبير، بدعم قوي من الرئيس السابق عبدربه منصور هادي خلال الأعوام 2012- 2022.
7. هناك رغبة حضرمية تتنامى باتجاه النأي بحضرموت عن صراعات أقطاب الجنوب، وعن البقاء تحت حكم الشمال، ولذا فهناك جهود حثيثة لتشكيل حامل سياسي حضرمي خاص لإدارة حضرموت.
8. تعاني المهرة هي الأخرى من تجاذبات وصراعات داخلية بدعم ووقود خارجي، لا يصب في مصلحتها أو مصلحة الجنوب أو اليمن الكبير، ونتيجة لذلك الوضع غير المستقر تم حرمان المهرة خاصة والجنوب عامة من فوائد ومداخيل كثيرة، كمرور خط نقل البترول السعودي عبر أراضي المهرة إلى البحر العربي والذي ذهب لصالح سلطنة عمان، وهذا خير مثال على ضياع فرص استثمارية عالية المردود لصالح المهرة وأهلها، بسبب الخلافات والارتهان لأجندات خارجية.
9. أصبح المجلس الانتقالي هو الأكثر حضورا في الجنوب، ولكنه ليس المكون الأوحد، فهناك قوى سياسية وقبلية مؤثرة ووازنة مازالت خارج دائرة وحسابات المجلس، ولهم قول الفصل في الصياغة النهائية لمستقبل الجنوب. المطلوب:
1. ضرورة مسارعة المجلس الانتقالي وبقية الكيانات الجنوبية والشخصيات البارزة في الجنوب لإطلاق دعوة صادقة لحوار جنوبي جنوبي، بلا سقوف ولا شروط، وبلا أعلام أو توجهات سياسية مسبقة، ويضم كل مناطق الجنوب، وبكامل ألوانه السياسية والقبلية؛ للبحث حول ما يصلح الجنوب والتوافق على مطالب موحدة لأهله؛ ينقذ مناطقه من الصدام، وأهله من الاحتراب، وحدوده من الاِختراق.
2. ضرورة توقيف طواحين الاستعداء الجنوبي الجنوبي والجنوبي الشمالي، لما لذلك من تأثير سلبي على اللحمة الشعبية في الجنوب وعلى الوحدة الشعبية بين الجنوب والشمال. نصيحتي لقيادات الجنوب أن يمضوا في حوار جدي لا يستثني أو يظلم أحد من أبناء الجنوب، لما في ذلك من أهمية للحفاظ على الجنوب خاصة واليمن الكبير عامة، فالفشل في ذلك سيمثل ضياع حتمي للجنوب وإضعاف كبير لمشروع دحر الإمامة من الشمال. رسالة لقيادات الشمال: يعلم الجميع أننا فرطنا بدولتنا لصالح الإمامة، وبصراعاتنا وأنانيتنا وخلافاتنا وتحزبنا، عادت بلادنا إلى ما قبل ثورة سبتمبر 1962، وإن كانت إمامة بثوب جمهوري وبمحرك إمامي وبوقود فارسي وبمشروع هاشمي. ولذا فنحن اليوم في الشمال في حالة ضعف وتشرذم أكثر بكثير من الجنوب، ونحن في حاجة ماسة لجنوب قوي ومتماسك، ولقيادة جنوبية موحدة تمثل كامل الجنوب، لمساعدتنا في دحر الإرهاب الطائفي عن المحافظات الشمالية، ولذا يجب أن ندعم وحدتهم وواحدية مطالبهم، فالفُرقة تبعثر الجنوب وتنهي آمال عودة الدولة في الشمال. كما أن الجنوب في حاجة ماسة لعودة الدولة إلى صنعاء، فعدن وصنعاء جناحي طائر، فإن كُسر جناح سقط الطائر فريسة سهلة للكلاب.
سفير بوزارة الخارجية *