ادب وثقافة

المنامة تكشف الأيام المجهولة لمحمود درويش في القاهرة


وثائق تاريخية تسرد حياة درويش في مصر والأثر الفكري الذي تشكل من بعدها.

شاعر مثير في قصيدته وحياته
المنامة – يستضيف بيت عبدالله الزايد لتراث البحرين الصحافي مساء يوم الاثنين الكاتب والصحافي المصري سيد محمود، في أمسية عنوانها “المتن المجهولة أيام محمود درويش المجهولة في مصر”، يحكي فيها عن ذاكرة الشاعر محمود درويش وتجربته الشعرية في القاهرة والتحولات التي ارتسمت في بداياته من أطروحات وتصورات للقضية الفلسطينية.

كما سيسرد عن الوثائق التي تم نشرها لأول مرة عن الأيام التي قضاها درويش في مصر والأثر الفكري الذي تشكل من بعدها، وذلك في إطار الموسم الثقافي “على قدر حلمك تتسع الأرض” لمركز الشيخ إبراهيم للثقافة والبحوث.

وللشاعر الفلسطيني محمود درويش حضوره المتميز في مصر، حيث احتل مكانة خاصة لدى الأجيال الشعرية على اختلافها منذ الستينات وحتى الآن، ففيها صادق نخبة الشعراء والكتاب كصلاح عبدالصبور وصلاح جاهين وأمل دنقل ورجاء النقاش وأحمد بهاءالدين وغيرهم.

محمود درويش استفاد بشكل كبير من إقامته في مدن مختلفة، منها القاهرة التي ما تزال فترة إقامته فيها غامضة

ويتتبع سيد محمود في كتاب له بعنوان “محمود درويش في مصر.. المتن المجهول” سيرة درويش في مصر، دارسا وموثقا لعلاقاته مع شعرائها ونقادها وصحافييها واللقاءات التي أجراها والمقالات النقدية التي تناولت شعره، وكذلك القصائد والمقالات التي نشرها هنا وهناك في الصحافة، متسائلا عن طبيعة تفاعل الشاعر الفلسطيني وتأثره بـ”البيئة الثقافية المحيطة” به في مصر ومدى تفاعله مع ما كان ينتج من الشعر المصري في تلك الفترة التي كانت حافلة أيضا بتحولات فنية أسهمت في تمييز بعض الأصوات الرئيسية في الشعر المصري، ليقدم لنا وثيقة مهمة لتاريخ وحياة أحد أبرز الشعراء العرب في مصر.

ويؤكد محمود في كتابه الصادر عن منشورات المتوسط، أن تجربة درويش ما تزال مثار اهتمام القراء في العالم العربي وخارجه، كما لا تزال حياته خارج الكتابة مجالا خصبا للنقاش والشائعات. ومن بين كل تجاربه، ظلت تجربته في الانتقال من الأراضي المحتلة والعيش في القاهرة خلال الفترة من 1971 وحتى 1973 أقرب إلى “المتن المجهول”.

وقد لفتت نظره خلال أبحاثه الصحافية مقالات كتبها صاحب “الجدارية” في جريدة “الأهرام”، ومجلة “الهلال”، وهي مقالات لم يقترب منها ولم يتم إخراجها من ظلمة الأرشيف ولا نشرها في كتب. والمثير أن درويش في كتبه النثرية التي توالت، لم يكن حريصا على إعادة نشرها باستثناء مقاله “تنويعات على سورة القدس”، الذي أعاد نشره في كتابه “يوميات الحزن العادي” (1973)، المنشور بعد أيام من مغادرته للقاهرة.

ويرى محمود أن هذه المقالات تتيح للقارئ فرصة التعرف على مجمل التصورات الفنية لمحمود درويش خلال تلك الفترة، وفيها يطور فكرته الشهيرة عن ضرورة تفادي “الحب القاتل” وتظهر نفوره من اختزال تجربته في الشعر النضالي إلى جانب إبراز تصوراته عن سلبيات أو إيجابيات المهرجانات الشعرية التي تنامت بغرض تأكيد الدور المقاوم للشعر، وتظهر معظم المقالات سخريته المريرة من حال الشعر في العالم العربي.

في كل ثقافة معاصرة شخصيات حلقت في فضاء شاسع، وأثبتت حضورا عالميا، وهنا لا يكفي أن يكون المرء صاحب قضية عادلة، بل يحتاج إلى الفرادة والتميز والقدرة الخارقة على ابتكار الجديد في عالمه الأدبي ليكون مؤثرا ومصدرا لقضيته وأدبه، وهذا ما ينطبق على الشاعر الفلسطيني محمود درويش (1941 – 2008) الذي يعد أحد أبرز الشعراء العرب المعاصرين تأثيرا وحضورا في العالم.

وقد نال درويش استحقاق الاحترام من أهم المؤسسات الثقافية الدولية حتى بات شعره نموذجا متفوقا لعالمية الأدب. يضاف إلى ذلك موسوعة الكتابات والدراسات النقدية التي اشتغلت على شعره، وانحازت إلى بيان إيجابيات ذلك الشعر، متغاضية عن التفكير بأي قصور فني محتمل، ومتحمسة بشكل سحري إلى جماليات الأساليب وأنماط البنية الفنية المتجددة في التشكيل الشعري عند درويش.

ويختلف الشاعر عن أقرانه من الشعراء الفلسطينيين إذ أنه لم ينحصر في القضية الفلسطينية وفي الصدامات أو البيانات الشعرية المشحونة بما هو سياسي بشكل مباشر، بل ذوب كل تصوراته وقضاياه في مزيج إنساني منفتح على الآخر وعلى الأساطير الإنسانية وعلى التفاصيل اليومية البسيطة، مستفيدا من تنويعات فنية وفكرية وجمالية تجول بقارئ شعره في أزمنة وأمكنة مختلفة لتصل به إلى المشترك الإنساني في النهاية.

وقد استفاد درويش بشكل كبير من إقامته في مدن مختلفة منها القاهرة، التي ما تزال فترة إقامته فيها غامضة نوعا ما، إذ لم يتم تسليط الضوء عليها بالشكل الكافي رغم أهميتها في مسيرته الحياتية والشعرية.

يذكر أن سيد محمود صحافي وشاعر مصري، حاصل على ديبلوم الدراسات العليا في التاريخ الحديث والمعاصر من كلية الآداب في جامعة القاهرة، وحاصل على جائزة دبي للصحافة العربية. وترأس تحرير جريدة القاهرة التي تصدرها وزارة الثقافة المصرية (2014 – 2017 )، وقد شارك في تحكيم الجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر)، وفي تحكيم جائزة ساويرس الأدبية، وجائزة الصحافة العربية بدبي، ويشغل حاليا منصب مدير تحرير بمؤسسة “الأهرام”، ومجلة “الأهرام العربي”.

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى