شؤون محلية
هيئة عمليات مشتركة في اليمن للتنسيق بين فصائل الشرعية بدلا من دمجها
العليمي يعين قائدا مقربا من المجلس الانتقالي على رأس الهيئة.
قرار لافت في توقيت حرج
قرر رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي تشكيل هيئة عمليات مشتركة، بعد استحالة جهود دمج الفصائل والوحدات العسكرية المنتمية إلى السلطة الشرعية ضمن جسم موحد.
عدن -عدن اوبزيرفر: لفت قرار رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي تشكيل هيئة للعمليات المشتركة وتعيين رئيس لها ونائبه أنظار المتابعين، لاسيما من حيث توقيته حيث يأتي في ظل جهود دولية وإقليمية للتوصل إلى تهدئة مطولة في البلاد تمهد للتسوية السياسية بين السلطة الشرعية والحوثيين.
وقال خبراء عسكريون إن قرار العليمي هو محاولة للتعامل بواقعية مع تعقيدات المشهد السياسي والعسكري والأمني في اليمن، بعد تعثر مهام اللجنة العسكرية والأمنية العليا التي تم الإعلان عنها في مايو الماضي بهدف إعادة هيكلة ودمج كافة القوات والفصائل العسكرية المنضوية تحت سلطة المكونات في معسكر المناوئين لجماعة الحوثي.
وأصدر رئيس مجلس القيادة الرئاسي الخميس، قرارا بإنشاء هيئة العمليات المشتركة ومقرها العاصمة المؤقتة عدن تحت إشراف وزير الدفاع، ونص القرار على أن يحدد وزير الدفاع مكونات وأهداف ومهام الهيئة ولائحتها التنظيمية، كما نص على أن تتبع الهيئة لوزارة الدفاع في كل مهامها وبما لا يتعارض أو يخل بالهيكل التنظيمي لوزارة الدفاع وهيئة الأركان.
وعين العليمي اللواء صالح علي حسن طالب رئيساً لهيئة العمليات المشتركة، وهو قائد عسكري مقرب من المجلس الانتقالي الجنوبي، كما عين الضابط المحسوب على حزب التجمع الوطني للإصلاح اللواء يوسف علي الشراجي نائباً لرئيس الهيئة، في مؤشر على تركيبة الهيئة التي يفترض أن تتولى التنسيق بين كافة الفصائل العسكرية التابعة لمكونات الشرعية خلال المرحلة القادمة.
وتباينت ردود الأفعال على تشكيل الهيئة، حيث اعتبر ناشطون وإعلاميون مقربون من الإخوان القرار سحبا لصلاحيات رئيس هيئة الأركان صغير بن عزيز، ونقلا لمقر العمليات المشتركة من مأرب إلى عدن، كما أبدى مراقبون تحفظاتهم حول طبيعة التقاسم داخل الهيئة واختيار نائب لرئيسها من الضباط الذين تورطوا في تسليم محور تعز العسكري للتيار الإخواني الموالي لقطر والعمل على تفكيك بقية القوات غير الخاضعة لسلطة هذا التيار مثل قوات اللواء 35 مدرع التي تعرض قائدها العميد عدنان الحمادي لعملية اغتيال أعقبها تفكيك قواته.
وفي أول تعليق له على القرار، قال رئيس هيئة الأركان العامة في تغريدة عبر حسابه على تويتر، إن الخطوة “تأتي في سياق جهود الرئيس العليمي المبذولة لتوحيد مختلف تشكيلات قواتنا المسلحة تحت قيادة وزارة الدفاع في إطار تحقيق أهداف شعبنا الإستراتيجية وفي مقدمتها استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب سلمًا أو حرباً”.
وقال الباحث العسكري اليمني العميد محمد الكميم إن قرار تشكيل هيئة العمليات مهم جدا بالنظر إلى وجود تشكيلات قتالية مختلفة وذات أجندات متباينة في معسكر الشرعية، وهو ما يعني أن وجود مثل هذه الهيئة هام لتلافي الكثير من القصور في إدارة العمليات العسكرية وسد الثغرات في وضع الخطوط القتالية، كما يعطي هذا القرار دفعة قوية لتوحيد العمل العسكري وتنظيم التواصل والاتصال ما بين القوات وقياداتها ما يضمن إدارة معركة ناجحة بكل المقاييس.
وأضاف الكميم في تصريحات لـ”العرب” أن “تشكيل هيئة العمليات أيضا له أهمية كبرى تتمثل في ارتباط كل تشكيل عسكري بوزارة الدفاع، وتعتبر الخطوة الرئيسية في إدارة المعركة، وإن كانت لا تخدم أو لا تحقق كل آمالنا في توحيد القوات المسلحة اليمنية أو دمجها”.
وأشار الباحث اليمني إلى أنه “نظرا إلى التباينات المتواجدة في الميدان فإن هذه خطوة مهمة جدا خصوصا أن جماعة الحوثي تخوض الآن معارك متقطعة ومعارك استنزاف كثيرة وتضرب هنا وهناك متكئة على المفاوضات والمقاومات ومستندة على عدم وجود ردة فعل للقوات المسلحة اليمنية”.
واعتبر الكميم أن التركيز منصب الآن على المهام والأهداف أو اللائحة الداخلية لهذه الهيئة والتي ستنظّم عملها وترتب مهامها على ألا تلغي هيئة العمليات الموجودة في وزارة الدفاع ولا تلغي هيئة العمليات المشتركة التي هي بقيادة رئيس هيئة الأركان العامة بن عزيز، وتنظم التشكيلات القديمة وتربطها بوزارة الدفاع في إطار العمليات القتالية وتلافي القصور المتواجد أثناء إدارة المعارك.
ولم يكشف أي مصدر حكومي حتى الآن عن المهام الموكلة إلى الهيئة الجديدة، في ظل وجود هيئة سابقة للعمليات المشتركة، يرأسها الفريق بن عزيز. وكان الرئيس اليمني السابق عبدربه منصور هادي أصدر في العام 2019 قرارًا بإنشاء “هيئة العمليات المشتركة”، وتعيين الفريق صغير بن عزيز رئيساً لها ومحسن الداعري نائباً له، وتتبع بشكل مباشر وزارة الدفاع اليمنية.
وفي تعليق على دلالات تشكيل هيئة العمليات المشتركة، وصف الباحث العسكري اليمني العقيد وضاح العوبلي الخطوة بالجيدة في إطار تراتبية الهيئات التسلسلية الرئيسية للعمل العسكري، معتبرا أنها حتى ولو جاءت في وقت متأخر إلا أنها تسهم بشكل كبير في إعادة تنظيم ودمج القرار القيادي العسكري وتوحيده بغرفة عمليات مشتركة موحدة لجميع القوى العسكرية التي يمثلها مجلس القيادة الرئاسي.
ولفت العوبلي في تصريحات لـ”العرب” إلى أن هذه الخطوة تأتي ترجمة لمقررات ومخرجات اللجنة العسكرية والأمنية العليا، والتي أقرت ضرورة دمج القوى العسكرية كافة، ولكن بالطريقة التي تراعي طبيعة الوضع الاستثنائي القائم، وهو وضع تشكلت معه جميع هذه القوى في فترة الحرب بدواعي المقاومة لمشروع الحوثي.
ولفت إلى أن الخطوة لا تخلو من اعتراف باستحالة الدمج الفعلي للأفراد والألوية والكتائب في الفترة الراهنة، لأن عملية كهذه تتطلب إمكانيات ضخمة وهائلة تتيح إعادة تشكيل الألوية والمحاور، كما تتطلب إعادة فتح وتدشين مراكز تدريب عسكرية موحدة لإعادة صياغة وتأهيل وتدريب هذه القوات.
وتابع “نستطيع القول إن قرار إنشاء هيئة العمليات المشتركة في العاصمة عدن يمثل خطوة مهمة لتوحيد القرار بحيث يتم اعتماد ضباط ارتباط وخطوط ساخنة لجميع القوى في هذه الهيئة، وبالتالي ربط جميع غرف العمليات الفرعية ومراكزها القيادية لكافة القوى بهذه الهيئة، وهو ربط قيادي عملياتي يقصد به أن تكون جميع القوى تحت سيطرة وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان، وهو ما سيمثل نقلة نوعية في التنسيق والتعاون العملياتي بين كافة القوى والمحاور والجبهات”.العرب