شؤون محلية
فوضى إعلامية مختلفة الدوافع في معسكري الشرعية اليمنية والحوثيين بحثا عن مكاسب خاصة
عدن -عدن اوبزيرفر: أرجع مراقبون يمنيون الفوضى الإعلامية التي تشهدها الساحة اليمنية، في الوقت الذي يتم فيه الحديث عن التهدئة، إلى تقاطع عدة أجندات داخلية وخارجية لا ترى في صيغ التوافق المعلنة -سواء داخل معسكر الشرعية أو بين الحكومة الشرعية والحوثيين- أي خدمة لمصالحها الخاصة.
ويشهد اليمن فوضى إعلامية غير مسبوقة في ظل مؤشرات متزايدة على تحولات عاصفة مرتقبة قد تطرأ على الملف اليمني واتفاق تسوية قادم بين الحكومة المعترف بها دوليا والحوثيين، برعاية إقليمية ودولية.
ولفت مراقبون إلى تصاعد حدة الصراع الإعلامي بين أطراف داخل الشرعية بعد فترة هدوء نسبي عقب انعقاد مشاورات الرياض اليمنية وتشكيل مجلس القيادة الرئاسي، معتبرين أن هذا الصراع يأتي نتيجة رفض أطراف يمنية داخل الشرعية -مدعومة من أطراف محلية- للخارطة التي أفضى إليها تشكيل مجلس القيادة الرئاسي وتحجيم نفوذ الإخوان وبعض الشخصيات المحسوبة على تيار قطر وعمان داخل الشرعية.
وحول تفسيره لتجدد ظاهرة الفوضى الإعلامية، أشار السياسي والإعلامي اليمني فهد طالب الشرفي إلى أن “العودة الى المربع الأول والفوضى الإعلامية مردها عدة نقاط، من بينها شعور بعض الأطراف بأنها خسرت بعض مصالحها وخسرت جزءا من أهدافها في المعركة بعد انتقال السلطة”.
ولفت الشرفي في تصريح لـ”العرب” إلى أن “هناك أطرافا تشعر بالملل من عملية التفاوض والهدنة، كما أن هناك أطرافا أخرى لها أجندات أحيتها عملية إيقاف الحرب وترى أن هذه فرصة مواتية للانقلاب وإحداث حالة من الإرباك، وبالتالي فإن مسألة الاصطفاف لم تعد ذات قيمة أو تحدد الأهداف والمصالح لتلك الأطراف”.
وعن حالة الارتباك الإعلامي داخل معسكر الشرعية أضاف الشرفي “الأطراف التي كانت تغذي عمليتَيْ الانقسام والإرباك داخل الشرعية وتؤثر أيضا على الشرعية وعلى مسار المعركة مارست دورا كبيرا جدا في الضغط على أتباعها”، مشيرا إلى “تسريب كبير لكوادر وقطاعات تم شراء ولاءاتها، إذ عاد الكثير منها إلى صنعاء وغيّر آخرون مواقفهم وأعلنوا الانتماء إلى الحوثيين بشكل واضح وجلي”. وأضاف أن “الهدنة وما صاحبها من عملية تهدئة مفترضة على مختلف المحاور والحديث عن السلام مع الحوثيين وتخفيض حدة الخطاب تجاه الحوثيين، عوامل أغرت هذه الأطراف لتعلن تمردها حتى على الشرعية والتحالف”.
وقال الشرفي “على مستوى الإقليم هناك متغيرات صاحبت هذا الموقف وحفزت معسكر ‘الربيع العربي’ أو معسكر الإخوان المسلمين الذي بدأ يعيد تشبيك أوراقه وخلاياه في المنطقة على أسس جديدة، مستندا إلى عدة أمور، منها المصالحة الخليجية والتهدئة مع تركيا، إلى جانب عدة أمور أخرى عززت تناغم أجندة هذا التيار الخارجي مع رديفه اليمني في الداخل الذي أغراه هذا الجو بأن يعود إلى مربعه الأول للحديث بالخطاب الإعلامي المتشنج ذاته الذي طال أطرافا فاعلة في الشرعية، بما في ذلك مجلس القيادة الرئاسي والتشكيك فيه، ومهاجمة دول التحالف وأيضا محاولة إثارة الفتنة وإظهار أن التحالف قد تفكك وأن السعودية أصبحت في واد والإمارات في واد آخر، وهذه كلها بعض مظاهر هذه الفوضى الإعلامية وأسبابها”.
ولفت الشرفي إلى أن غياب أي محاولة لمعاقبة التيار الذي يعمل على نشر الفوضى الإعلامية من داخل مؤسساتها كان من أبرز أسباب انتقال عدوى هذه الفوضى إلى مؤسسات الشرعية الإعلامية التي مازال تيار الإخوان يسيطر على الكثير منها.
وبعد المشاورات اعتقد أعضاء تيار الإخوان أن عملية التغيير ستطالبهم بالانضباط لذلك حاولوا أن يسايروا الوضع لفترة وجيزة لم تتعد شهرين أو ثلاثة، “لكن عندما شعروا بأن هناك ضعفا في القرار لإصلاح هذه المؤسسات السياسية والإعلامية استأنفوا ترديد نفس الأسطوانة… لأنهم الآن يعتبرون أنهم لم يعودوا طرفا واحدا في إطار الشرعية بعد أن كانوا هم الطرف الوحيد والمسيطر فيها قبل مشاورات الرياض”، وفق ما أكده الشرفي.
وترافقت الفوضى الإعلامية التي يشهدها معسكر الشرعية مع تصاعد التهديدات الإعلامية الحوثية تجاه الشرعية والتحالف على حد السواء، في ظل ما يفترض أن يكون مرحلة تهدئة إعلامية تسبق الإعلان عن توقيع اتفاق سياسي لتمديد الهدنة بين الحكومة اليمنية والحوثيين.
وقال الباحث السياسي والإعلامي اليمني محمود الطاهر إن “الفوضى الإعلامية من قبل الحوثيين مؤشر على أنهم غير مهيئين للسلام”.
وأضاف الطاهر في تصريح لـ”العرب” أن “الحوثيين يدركون ما يفعلون وهم ينفذون خططا إعلامية متقنة بهدف التأثير على الخصوم. ومن ضمن السياسات الإعلامية التي ينفذونها خلال الفترة الأخيرة، سياسة التأثير على المناوئين لهم، باعتبار أنهم انتصروا في هذه الحرب، وأن الوفود القادمة إليهم هي من أجل استجدائهم السلام وطلب الرضا منهم لوقف الحرب”.
وحول تقييمه لأداء الشرعية الإعلامي تابع “إعلام الشرعية يفتقد إلى السياسة الإعلامية، ويعمل وفق توجهات أفراد لا دولة مؤسسات، وهذا ما جعل الإعلام الرسمي في اليمن غير فاعل، بل وغير مؤثر في هذه الحرب”.العرب