الانتقالي الجنوبي يراوح بين المرونة والتشدد لمواجهة خيارات ما بعد الحرب
البحسني يعلق مشاركته في الرئاسي اليمني بسبب تهميش وضع حضرموت.
عدن اوبزيرفر- عاد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، مساء الأربعاء، إلى العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، برفقة عضو المجلس ورئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي، في مؤشر على تفاهمات مرحلية تمت لتبديد مخاوف الانتقالي والمضي قدما في ترتيبات تمديد الهدنة الأممية وما يتصل بها من إجراءات سياسية خلال الفترة المقبلة.
واستقبل الرئيس رشاد العليمي لدى وصوله إلى عدن قادة عسكريين موالين للمجلس الانتقالي، في تأكيد على موافقة المجلس الانتقالي على نتائج المفاوضات التي أجراها وفد سعودي مع الحوثيين في صنعاء خلال الأيام الماضية، غير أن منصات إعلامية وناشطين مقربين من الانتقالي شددوا على رفضهم لأي اتفاق قد يفضي إلى تقاسم إيرادات النفط والغاز في المحافظات الجنوبية المحررة.
وتشير مصادر سياسية يمنية إلى أن الانتقالي لم يكوّن رؤية مكتملة بعد حيال التعاطي مع جهود التسوية السياسية المرتقبة في الملف، وأنه مازال يجري مشاورات داخل الفريق الجنوبي المكون من أعضاء مجلس القيادة الرئاسي الأربعة المنتمين إلى الجنوب، لبلورة تلك الرؤية، بالتوازي مع حوارات يجريها عبر فريق خاص من المجلس لتقريب وجهات النظر مع المكونات والقوى والشخصيات الجنوبية الأخرى.
وفي بيان حديث يعبر عن حالة الترقب والقلق إزاء التطورات المتسارعة في الملف اليمني، كشف الناطق الرسمي باسم المجلس الانتقالي علي الكثيري عن إطلاع المجلس على ما قال إنه “مضمون رسالة اللواء الركن فرج سالمين البحسني عضو مجلس القيادة الرئاسي التي وجهها إلى رئيس وأعضاء المجلس، والتي تضمّنت قراره تعليق مشاركته في اجتماعات مجلس القيادة الرئاسي احتجاجا على عدم البتّ في القضايا المهمة والملفات العاجلة في محافظة حضرموت، وتجاهل مجلس القيادة للكثير منها”.
وأكد الكثيري على تضامن المجلس الانتقالي مع البحسني ودعوته مجلس القيادة الرئاسي إلى الإسراع في “مناقشة القضايا والملفات ذات الصلة بمحافظة حضرموت، خاصة ما يتعلق منها بالجانب الأمني والعسكري، وفي صدارة ذلك نقل قوات المنطقة العسكرية الأولى التي باتت مأوى لعناصر الإرهاب والتطرف، من وادي حضرموت وتسليم مهمة تأمين وإدارة الوادي والصحراء لأبناء المحافظة بأسرع وقت ممكن، كما نؤكد في الوقت ذاته أن ذلك الأمر يتطلب معالجة وقرارات عاجلة لتمكين أبناء الجنوب من إدارة شؤون الجنوب إدارة كاملة بأنفسهم، مجددين دعمنا للسلطات المحلية بمحافظة حضرموت تحت قيادة محافظ المحافظة مبخوت بن ماضي”، بحسب ما جاء في البيان.
ويراهن المجلس الانتقالي على توسيع قاعدته السياسية من خلال ضم فصائل وشخصيات جنوبية إلى المجلس، وترقب التحولات المحلية والإقليمية والدولية في ظل مؤشرات على تحديات قادمة يمكن أن تعرقل مسار التسوية السياسية مع الحوثيين أو تبطئه، بالنظر إلى حجم التعقيدات التي تحيط بملف الحرب في اليمن.
ووفقا لمصادر سياسية مطلعة يتمسك المجلس الانتقالي بمطلب التوافق على منح الجنوبيين حق تقرير مصيرهم في أي تسوية شاملة ونهائية للملف اليمني، وضرورة تشكيل وفد لحوار الحل النهائي يضم عددا من أعضاء المجلس للتوافق حول القضية الجنوبية في أي مشاورات قادمة بعد الحرب.
وقالت المصادر إن الانتقالي يبدي مرونة واضحة لإنجاح مهام تفكيك عقد الحرب في اليمن وإحياء المسار السياسي من خلال دعم المجلس الرئاسي كطرف ثان في أي تسوية قادمة، غير أنه يشدد على وجوب توفر ضمانات تمنحه حق تمثيل الجنوب في تلك التسوية المرتقبة، والحيلولة دون إنشاء قوى سياسية وعسكرية موازية في جنوب اليمن.
وحول خيارات الانتقالي في المرحلة المقبلة، قال الباحث السياسي اليمني ياسر اليافعي إن الانتقالي الجنوبي صار جزءا من العملية السياسية في اليمن منذ مشاركته في حكومة المناصفة ثم مجلس القيادة الرئاسي، وبالتالي ليس في خياراته الانفراد بالقرار في هذه المرحلة.
وأشار اليافعي في تصريح لـ”العرب” إلى أن “الانتقالي سيضع القضية التي يتبناها -وهي قضية شعب الجنوب- ضمن الأولويات وأعتقد أن موقفه من عملية السلام سيتحدد بمدى احترام الأطراف اليمنية الأخرى لتعهداتها والالتزام بمخرجات مشاورات الرياض التي تضمنت وضع إطار لحل قضية الجنوب وإشراك الانتقالي في مفاوضات الحل النهائي”.
وعن الضمانات التي يمتلكها المجلس أضاف اليافعي “يملك الانتقالي الكثير من عوامل القوة، منها سيطرته الميدانية والقوات المسلحة التي يمتلكها، والتأييد الشعبي الذي يحظى به جنوبًا لكونه الطرف الذي حقق انتصارات على الحوثي، كل هذه أوراق قوة في صالح الانتقالي سيدخل بها أي مفاوضات قادمة. وفي حال لم تلتزم الأطراف الشمالية، سواء كانت في الشرعية أو ضمن الحوثيين، بتعهداتها ستكون للانتقالي خيارات أخرى تتناسب مع طبيعة المرحلة”.
وعمل الانتقالي على تعزيز تواجده السياسي والعسكري في المحافظات الجنوبية منذ تأسيسه في 2017، كما أطلق مسارا للتواصل مع كافة القوى والمكونات الجنوبية الفاعلة، بالتوازي مع عملية إصلاح داخلي لمؤسسات المجلس السياسية والعسكرية والأمنية، لمواجهة التحديات التي تلوح في الأفق وفي مقدمتها سعي بعض الأطراف اليمنية لتقويض المجلس عبر تحريك قوى جنوبية واختلاق أخرى بهدف إحياء الصراع الجنوبي الداخلي.العرب