للسلام شروطه وقواعده الحاكمة وليس هروباً إلى الأمام
/ صالح شائف
كل الحروب تنتهي بالضرورة عندما تصمت المدافع على مسرح العمليات ووفقاً لتفاهم وتوافق الأطراف المتحاربة؛ أو عندما ينتصر طرف من الأطراف ويحقق سيطرته ويفرض شروطه منفرداً على الأطراف الأخرى وبصيغة السلام التي تلبي أهدافه ومصالحه؛ وهو ما لا تتوفر شروطه اليوم في إطار الدعوة لإحلال السلام في اليمن أو على الأقل هذا ما نراه.
وفي مثل هكذا حالات وقد تكررت كثيراً في تاريخ الصراعات والحروب؛ فقد أثبتت الحياة فشلها ولم يصمد أي سلام من هذا النوع؛ فالسلام الذي يراد تحقيقه وعلى طريقة ( السلق ) السياسي؛ فإنه لا يعد سلاماً بل هو نوع من الإستسلام من قبل من يحاول إقناعهم به وفرضه عليهم وإجبارهم عليه وله اليد الطولى في الحرب وبيده المال والنفوذ في الساحة اليمنية؛ ويضغط على الجميع للقبول بصيغة السلام المطروحة ويحثهم على القبول به؛ وهو الذي تحول إلى مجرد ( وسيط ) بين الأطراف اليمنية؛ وكأنه أتى من كوكب آخر ولا دور له ولا ذنب أرتكبه في كل ما حصل للبلاد والعباد؛ وهذا ما لايليق بالمملكة ولا نتمنى أن تمضي قدماً في خطتها هذه التي لن يكتب لها النجاح الذي تتوخاه؛ بل سيبقى النار تحت الرماد مؤقتاً فقط؛ مالم تعالج الأمور بصورة جذرية وصحيحة وفي مقدمتها وعلى رأسها قضية شعب الجنوب الوطنية.
لأن السلام الحقيقي الدائم؛ هو السلام العادل والمنصف والشامل والمستجيب لمصالح وأهداف كل الأطراف؛ والذي يؤمن لها الحصول على كامل حقوقها المستحقة ويليق كذلك بكرامتها وينتصر لأهدافها وتطلعاتها ويصون تضحياتها ويفتح الأبواب واسعة نحو المستقبل الذي تنشده وبالخيارات التي حددتها لنفسها وبصورة مستقلة.
ولذلك فإن ” السلام ” الذي تسعى لتحقيقه دول التحالف العربي وتحديداً المملكة العربية السعودية وبضغط من المجتمع الدولي ورغبته كذلك؛ والذي بات منشغلاً بساحات وملفات أخطر وأكبر؛ فأنه أبعد من أن يتحقق على ذلك النحو الذي يعتمد على شروط واضحة وقواعد محددة تسهم في وضعها والقبول بها كل الأطراف؛ لا أن يضعها طرف بعينه ويفصلها على مقاسه؛ ولا تخدم غير مصالحه التي عجز عن تحقيق بعضها بالحرب؛ فيريد الحصول عليها عبر بوابة السلام الذي يشبه الهروب إلى الأمام بغية التنصل من مسؤولياته المستحقة لغيره مادياً وأخلاقياً ومعنوياً وتاريخياً كذلك.