كتاب عدن

الرضا بالاستفتاء وتقرير المصير بداية الوهن الجنوبي



د.عبده يحيى الدباني
عندما اجتمع المهاجرون والأنصار في سقيفة بني ساعدة عشية وفاة النبي _صلى الله عليه وسلم _ من أجل الاستخلاف ، قال الأنصار : إنهم أحق بالخلافة ، وقال المهاجرون : إنهم هم الاحق بالخلافة ، وكان لكل مسوغاته وحججه في ذلك ، إلى أن قالت الأنصار منكم أمير ومنا أمير حينها قال المهاجرون نحن الأمراء وأنتم الوزراء ،فقال سعد بن عبادة للأنصار : “هذه بداية الوهن” يعني بدأ التنازل عندما قالوا منا أمير ومنكم فكان ذلك بداية الوهن حقا فيما يخص الانصار .

لكن الإخوة الشماليين لا يشبهون المهاجرين ولا الأنصار بينما الجنوبيون كانوا أقرب إلى وضع المهاجرين لأنهم تركوا عاصمتهم ودولتهم وكل شيء وذهبوا إلى صنعاء مهاجرين من أجل الوحدة ، لكن صنعاء لم تستقبلهم ،كما استقبلت المهاجرين المدينة ، لقد استقبلتهم صنعاء بالاغتيالات والمفخخات وغير ذلك ..
عموما بالعودة إلى عنواننا فإن الرضا أو الاستسلام لمبدأ الاستفتاء وتقرير المصير في حل قضية شعب الجنوب هو بداية الضعف ، مع أن شعبنا لم يكن في موقف ضعف ، ولا قواه السياسية والعسكرية في حالة ضعف
فإذا حدث هذا فإنما هو ضعف دبلوماسي تفاوضي لا ينبغي أن يحدث ، لأن هذا المبدأ قد ربطه شعبنا منذ سنوات عند انطلاق ثورة شعب الجنوب التحررية عندما قام مؤتمر القاهرة ودعا إلى ذلك ، ذلك المؤتمر الذي فشل في مهده مع أننا نحترم أصحابه ، وقد تراجع عن ذلك الخيار عدد كبير من الذين حضروا ذلك المؤتمر الذي أخفق سياسيا قبل أن يعود الذين شاركوا فيه إلى أرض الوطن ، فلا ينبغي إن نجرب المجرب ولا ينبغي أن نرضى بإنصاف الحلول ، هذا الحل لن يؤدي إلى إلا مشاكل ، إنه حل غير مضمون مفخخ وسلاح ذو حدين ، وهو عبارة عن قنبلة ستنفجر في مسيرة شعبنا الثورية التحررية ، بعد كل هذا العناء والنضال وتضحيات الإنسان ، وبعد هذه المكاسب التي تحققت كيف نرضى أن نعود إلى المربع الأول .
هذا الخيار هو خيار هزيل وضعيف
ولا يحترم كرامة شعبنا ولا كرامة قضيته وثورته ، فهو سيؤدي من ناحية إلى شق الصف السياسي والشعبي للجنوب هذه اللحمة التي تتخلق وتتكون سياسيا وشعبيا، فمثل هذا الخيار سوف يضرها ويؤثر فيها .
ثم إن تجاربنا مع الشمال مرة وقاسية ولم تعد هناك ثقة على الاطلاق بيننا وبينهم ، من اتفاق الوحدة إلى وثيقة العهد والاتفاق وغيرها ، مواثيق وعهود كثيرة لم ينفذ منها شيء ، فما بالكم بهذا الأمر ثم إنهم سيزجون بابناء الشمال في الجنوب كما يفعلون الآن، وسيجدون مبررا لهم أن يشاركوا في هذا الاستفتاء المزعوم .
نحن سنأخذ دولتنا بقوة قضيتنا وبقوة شعبنا وإرادتنا لا ننتظرها من أحد ، ولكننا نريد من الأشقاء والأصدقاء ومن المجتمع الدولي أن يقدر حقنا باستعادة دولتنا التي دخلت في وحدة فاشلة ظالمة تحولت إلى حرب واحتلال واستيلاء .
[٩/‏٤, ١١:١٠ م] د.عبده يحيى الدباني: ثم من هو رشاد العليمي الذي يتخذ قرارا ويكلف قيادات الجنوب بأن يرفعوا تصورا إليه عن حل قضية الجنوب؟ ،انه جزء من قادة الاحتلال مهما كان منصبه الآن فهو طرف وجزء من المشكلة ، هذا التصور قد كتبه شعبنا بمليوناته الكثيرة وقد كتبه الشهداء بدمائهم بحروف من نور وكتبه الجرحى وكتبه حق الشعوب وبحق الدول التي تتوحد ثم تفشل وحدتها فمن حقها أن تعود الأمور كما كانت من قبل ، فلماذا يلبسون القضية ثوبا غير ثوبها ؟ فليس هذا تكييفها القانوني الدولي، تكييفها أنها دولة دخلت مع دولة أخرى فتحولت هذه الوحدة إلى حرب وفشلت فشلا ذريعا ، فليس هناك إلا الفصل بين الدولتين وفك الارتباط ، نحن مثل ذلك الذي سألوه: “أي أذنيك أقرب إليك فمد يده اليمنى ومر بها فوق رأسه إلى أذنه اليسرى .
الطريق أمامنا واضحة والحال واضح فإذا رضينا بهذه الحلول الملتوية فإنما هي افخاخ ومؤامرات وذر الرماد على العيون ، فليس هذا تكتيك بل تفكيك للقضية والشعب وتفكيك للقوى السياسية التي تطالب باستعادة دولة الجنوب.
إننا من هنا ندعو من يمثل قضية شعب الجنوب في الرياض وندعو وفدنا التفاوضي والقيادات التي في الانتقالي إلى الحذر من هذا الخيار الملغوم ، فضربة سيف ولا ضربة قلم ، الحذر الحذر فلا تفريط بالمكاسب الوطنية والانجازات والثوابت .

ومثلما حذرنا القيادة أيضا نحذر الشعب ويجب أن تكون له ردود أفعال ازاء ذلك وكذلك القوى السياسية الجنوبية والمنظمات الجنوبية وغيرها .
فهذه ساعة حاسمة ينبغي اسناد الوفد التفاوضي الجنوبي حتى لا يقع تحت الضغوطات الإقليمية والدولية، نحن نحترم مصالح العالم ، لكن لا تكون تلك المصالح على حساب قضيتنا وكرامتنا وعلى حساب الانتقاص من قضيتنا ، فلنا مصالح ولهم مصالح ، أما فرض حل بالقوة فهذا ليس حلا ولكن احتلالا

د عبده يحيى الدباني

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى