ثلاث شقيقات على رف الكتب
رواية “الموتشو” للكاتب المغربي حسن أوريد تقوم على التقصّي في بعض القضايا الإشكالية الحادة.
لوحة: جبران هداية
“أرض الطاحونة” للروائية ميرة غربي عبارة عن سيرة اجتماعية معقدة تروي حياة نور وأميرة ورغدة بعد فقدانهن لوالدهن المتوفى بسكتة قلبية تعرض لها بعد أن خانه صديقه المقرب، الذي قرر التكفير عن ذنبه بالتكفل بالبنات في ظل غياب والدهن.
وتقول الكاتبة “تتحدث الرواية عن ثلاث شقيقات يذقن مرارة اليتم مبكرا، وترحل عنهن مشاعر الأبوة والأمومة دون سابق إنذار، فيكفلهن صديق والدهن الذي كان له يد، كما يبدو، في رحيل والدهن، وتمر الفتيات خلال أيامهن بمصاعب كثيرة، وتعصف بعقولهن غير الناضجة بعد أسئلة كثيرة قد يعجزن عن الإجابة عنها في الكثير من الأحيان، من دون أن يكون لهن ما يصبرن به على فراقهما، ويكون لهن عونا وسندا رغم الفراق”.
وتسرد غربي أحداث روايتها الصادرة عن دار خيال للنشر، بلغة سلسة تلائم تطورات الحدث الروائي والرسائل الإنسانية والاجتماعية التي أرادت صاحبة العمل تقاسمها مع القارئ.
تأمل في الهويات
t
تقوم رواية “الموتشو” للكاتب المغربي حسن أوريد على التقصّي في بعض القضايا الإشكالية الحادة، والتي لم تألفها الأذن العربية أو تتعود عليها، وهي أزمة الهوية في عمقها وفي حمولتها الفكرية، سواء كانت من حيث الهويات الإثنية أو الدينية، التي تقاذفتها أمواج أزمان مختلفة وأقوام مهاجرة أو غازية أو داعية، لتبقى هذه الهويات متصدعة وفي بحث عن ملاذات للحماية والتمترس.
أنشأ الكاتب لروايته، الصادرة مؤخرا عن منشورات المتوسط، بناء معماريا مختلف الأضلاع، وجاءت الرواية متعددة في أصواتها، رغم أن بعضها طارئ وثانوي، ولكن هذه الأصوات طرحت أكثر من مأزق، ليس من أجل معالجتها أو وضع حلول لها.
وما الحوار الذي دار بين أبطال الرواية سوى أسئلة تدعو إلى التأمل، وتدعو أيضا إلى مراجعة الذات. إن رواية “الموتشو” عمل فني يحتاج إلى قراءة متأنية وواعية، فهو ممتع في طرح أوجاعنا، كما هو ممتع في بلاغته وعمق أفكاره.
شخصيات تبنى ببطء
تتخذ رواية “طرقات بمزاج سيء” للكاتب المغربي مصطفى النفيسي، شكل مقاطع طويلة لكل منها عنوان من وحي أحداثه، وتظهر الشخصيات فيها بلا أسماء، إذ يكتفي بالإشارة إليها ضمن حالتها الاجتماعية أو الوظيفية (حارس المرمى، زوجة حارس المرمى، حارس العمارة، الأم، الجد… إلخ).
وظل المكان في الرواية، الصادرة عن الآن ناشرون، مجهولا إلى ما قبل منتصف الرواية، ولا يوجد ما يدل على البيئة التي تجري فيها الأحداث إلا أسماء بعض الأماكن التي تشير إلى “المغرب العربي”، وبعض التفاصيل البسيطة التي تعطي ملامح بسيطة عن تلك البيئة.
يقدم الكاتب البناء النفسي للشخصيات ببطء نوعا ما، لكن ذلك يجعلنا ندرك ضرورته بعد أن تكتمل الصورة الكلية للتداعيات الداخلية لكل شخصية على حدة، وما يتضافر خلال ذلك من تداخلات عاطفية واجتماعية والتباسات نفسية تجعل من تقلبات كل شخصية مبررة في سياق الأحداث وتطورها ودلالاتها التي يرسخها الكاتب.