عدن وخطر المهاجرين المؤرّق
د.علي صالح الخلاقي
لم تُبَلَ مدينة مثل عدن بالمهاجرين الأفارقة الذين ينتشرون في كل أحياء عدن.. إنها تحِن وتئن من ثقل معاناتها وكثرة شكاوى الأهالي ويزداد خوفهم وقلقهم من تواجدهم في زوايا الأحياء يقتاتون وينامون قرب مساكن المواطنين..
قابلت مساء أمس صديقا لي يسكن في شارع الكثيري، وإذا به (يشكي ويبكي) كما يقال، من جور المعاناة التي يعيشها هو وسكان الحي من كثرة أعداد المهاجرين الأفارقة.. قال أنه وقع ضحية لسرقة خلال دقائق معدودة، إذ نسي باب سيارته دون إحكام الاغلاق ولمجرد بضع دقائق فرجع وإذا بكيس فيه مبلغ مائتي ألف ريال يمني وبعض ثياب الاولاد التي اشتراها للتو قد سرقت منه..وباللجوء إلى كاميرا المحل المقابل اتضح أن السارق من المهاجرين الاثيوبيين الذين تمتلئ بهم عدن، ووقال إن تجمعهم يكثر بشكل ملفت على جوانب شارع الكثيري..وخاصة خط الكثيري_الفردوس وحول الشوارع والمباني قيد الإنشاء بجانب مستشفى عدن الألماني إذ يتكدسون بكل الزوايا وعلى الأرصفة..وتكررت حوادث سرقة فضلا عما يتسبب به وجودهم بهذه الكثافة من خوف ورعب لدى النساء والاطفال في التجمعات السكنية القريبة.
قلت له أن تلك المعاناة تشمل معظم مناطق عدن بشكل رئيسي، وسبق إن كتبنا عنها ونبهنا إلى خطورة استمرار تدفق المهاجرين دون حسيب أو رقيب، ومثلكم يعاني كثيرون مثل معاناتكم وربما أكثر ، بل وحدثت منهم قضايا اعتداء وسرقات وغيرها في أكثر من مكان..ووجودهم أصبح مرئياً وواضحاً في مناطق كثيرة في أحياء عدن..منها وجودهم الدائم في خط سوق عدن _القاهرة الذين اتخذوه محل إقامة دائمة يسكنون ويقضون فيه حوائجهم وينشرون غسيل ثيابهم على الأشجار التي بدأت تذبل أوراقها في نفس المكان ومن لا يصدق يمر هناك مشياً على الأقدام وسيعرف و(يشم) حقيقة ما نقول.
لا أدري كيف ولماذا يتاح هذا التدفق المستمر من مختلف المنافذ لهؤلاء المهاجرين الذين تتزايد أعدادهم باستمرار، رغم ما سمعنا عن ترتيبات سابقة لعودتهم على دفعات، إلا أن شيئاً لم يحدث كما تدل شواهد الواقع، بل أن أعدادهم في ازدياد، ويثار سؤال عن من المستفيد من الصمت أمام هذا الخطر.
ولكم تحدثنا عن خطر استمرار هذا النزوح ولا بد من وضع حد له، وطالبنا أن يكون هناك مخيم خاص بهم خارج عدن يتم تجميعهم إليه، كما كان الحال مع من سبقهم من النازحين الصومال الذين تم حصرهم في مخيم (جحين) بأبين..وما يزال هذا الأمر مطلوباً ونأمل أن تتحرك الجهات المعنية، وفي المقدمة الأخ محافظ عدن والجهات الأمنية التي تأتي هذه المهمة في صميم عملها بالسعي مع المنظمات الأممية المعنية بشئون النازحين لإيوائهم في مخيمات خاصة بهم خارج عدن وتحت الرقابة والاشراف المستمرين، ويترافق مع ذلك نشر الدوريات الأمنية المتحركة في الشوارع والأحياء لتعقب من يتواجد منهم وإعادته إلى المخيم، ومثل هذا الأمر ليس صعباً أن وجدت النوايا والإرادة، ففي كل العالم فأن المهاجرين لا يتنقلون أو ينتشرون بحرية وعلى هواهم دون أن تعنى بهم أي جهة مع ما ينتج عن ذلك من مخاطر اجتماعية وسرقات وأسواق نخاسة، ولا يجب السكوت أمام ذلك، ولا بد من التحرك والعمل لوقف هذا الخطر المتنامي.