عالم الفن

الأميرة ديانا تلفت الأنظار إلى مسلسل “دفعة لندن” الكويتي

 

صناع “دفعة لندن” حاولوا الدفاع عن طريقة تناوله للأحداث لكن لا تزال حملة الهجوم مشتعلة (حساب الممثلة ليلى عبد الله الرسمي على إنستغرام)

لم يهدأ موقع “تويتر” منذ عرض اللقطات الأولى من المسلسل الرمضاني “دفعة لندن”، الذي يحل ثالثاً في سلسلة بدأت بـ”دفعة القاهرة” 2019 و”دفعة بيروت” 2020 للمؤلفة عينها الكويتية هبة مشاري حمادة، لكن إذا كانت الاتهامات للعملين السابقين اللذين عرضا أيضاً في موسمين رمضانين متتابعين تتعلق بإشارات تاريخية غير دقيقة أو بعض المشاهد التي وصفت بالجريئة أو حتى تلميحات بالاقتباس، فإن الأمر اتخذ منحى مختلفاً تماماً هذه المرة.

“دفعة لندن” الذي بدأ عرضه مع أولى أيام شهر رمضان 2023 عبر منصات mbc وهي جهة الإنتاج أيضاً، متهم بإرسال تلميحات سياسية مرفوضة، والتضليل المقصود الذي يثير السخرية ولا يفيد الإبداع، بعد إقحام ظهور شخصية ملكية بارزة في الأحداث. العمل لا يزال يفجر مناقشات يومية مع كل مشهد جديد، وهو من إخراج المصري محمد بكير، بينما “الدفعتان السابقتان” أخرجهما البحريني علي العلي.

حتى الآن يعتبر المسلسل الذي يضم عدداً من الممثلين يتصدرهم المحسوبون على الدراما الكويتية، من الأكثر رواجاً في ما يتعلق بالتغريدات الاستهجانية وأيضاً تلك المتشوقة للأحداث والمدافعة عن التناول، ففي حين يرى بعضهم أن “دفعة لندن” يحمل من الهزلية أكثر مما يحمل من المنطق، لا سيما في ما يخص ظهور شخصية الأميرة الإنجليزية ديانا، يأتي الرد بأن الخيال هنا يثري الدراما.

وفي حين تتهمه حسابات شتى بأنه يشوه بشكل متعمد صورة الشعب العراقي، يرد آخرون بأن المشاهد التي أثارت تساؤلات بهذا الشأن طبيعية للغاية وأن معالم القصة أعمق مما تبدو، فيما يرى فريق ثالث بأنه من الأفضل انتظار عرض مزيد من الحلقات قبل الحكم على الدراما التي تدور غالبية أحداثها في عاصمة الضباب.

ظهور غامض للأميرة ديانا

أحداث “دفعة لندن” تدور في أوائل ثمانينيات القرن الماضي، حول مجموعة من الشباب العرب المغتربين بالعاصمة الإنجليزية وهم في السنة الثالثة لدراسة الطب بإحدى الجامعات هناك، حيث تتعدد جنسياتهم فيما أغلبهم منحدرون من دول خليجية وتحديداً الكويت، والجميع يحاولون اكتشاف الحياة في لندن من خلال الاحتكاك بجاليات إيرانية وهندية وغيرها.

 

 

وقد انطلقت المشاهد المثيرة للجدل والاستغراب بفتاة شقراء تتحدث الإنجليزية تهرول للاختباء من ملاحقة الصحافة لها، ولا تجد مكاناً سوى شقة الشباب العرب، تلك الحسناء لم تكن سوى الأميرة ديانا عروس الأمير تشارلز التي يتهافت الإعلام على أية لفتة منها، وفي حين لا يوجد سند تاريخي لتلك الواقعة، فبعضهم اعتبر إقحام الأميرة الإنجليزية التي لا تزال الأكثر شعبية حتى بعد رحيلها بأكثر من ربع قرن، ما هو إلا محاولة استغلال لصنع “تريند” ولتصدر المشهد الدرامي، وصنع ضجة أولاً قبل الانتصار للحقائق، حيث يدور بينها وبين المغتربين حديث طويل لمحاولة التعرف على أحوال المبتعثين الذين يدرسون في بلدتها.

استقطاب سياسي أم خيال درامي؟

لكن في النهاية لم يفجر هذا المشهد حال استقطاب سياسية، إذ اعتبره عدد من المتابعين أيضاً خيالاً مقبولاً ولا يسيئ للحبكة من الأساس، إلا أن اتهامات الإساءة لم تتوقف حينما توالت الحلقات وظهرت شقة الفتيات بمشكلاتها، بخاصة تلك المتعلقة بالصورة التي ظهر عليها المواطن العراقي المهاجر إلى لندن في تلك الأثناء، وأبدى كثير من المعلقين غضبهم من هذا الطرح الذي أظهر الشخصية العراقية حاقدة وشريرة.

في أحد المشاهد التي تعرضت فيها الفتيات المغتربات للسرقة بقلب الشارع تذهب إحداهن إلى رجل عربي وتخبره عن جنسيتها الكويتية وتطلب منه مساعدة مالية بسيطة لتتمكن من العودة مع صديقاتها لمقر الإقامة، لكنها تفاجئ به يوبخها ويسخر منها ويذكر لها اسم الرئيس العراقي الراحل صدام حسين الذي كان يواجه في ذلك الوقت رفضاً لتطلعاته التي تثير القلق في المنطقة وبينها حرب اليمن آنذاك، فما كان من الفتاة إلى أن ردت له السباب وبصقت علي

المغردون وجدوا الموقف مبالغاً فيه وأنه جاء تبرير إهانة المبتعثة للرجل الكهل عراقي الجنسية، واتهموا العمل بإهانة الشعب العراقي بسبب هذا الموقف، لكن الأمر لم يتوقف هنا، حيث ظهرت في مشهد آخر “ميسون” وهي فتاة عراقية تعمل خادمة للمغتربات في محل سكنهم، وهي تحاول الدفاع عن نفسها بعد اتهامها من قبلهن بسرقة خاتم ماسي، فطلبت منهم أن يقوموا بتفتيشها.

المشهد فجر كثيراً من التعليقات الغاضبة، التي أكد بعضهم خلالها أن العراقيات في ذلك الوقت لم يكن يعملن بتلك المهن وأن الاقتصاد العراقي حينها على رغم حرب إيران كان لا يزال قوياً للغاية، بالتالي وجدوا أن العمل خرج من خانة الخيال والدراما إلى تشويه التاريخ بغرض الفتنة بين الشعبين، والإساءة لدولة مجاورة، وكل هذا والأحداث تدور تاريخياً قبل نحو عشر سنوات من حرب الخليج الثانية التي غزا فيها صدام حسين الكويت.

حملات غاضبة

لكن المتابع للمسلسل سيجد أن الدراما حاولت الاقتراب من الواقع بصورة كبيرة في هذا المشهد بالذات، إذ تبنت الخادمة التي أصبحت محل اتهام بالسرقة الخطاب الشائع آنذاك وبعد ذاك، بأن والدها هو من علم أبناء الشعب الذي تكيل لها فتياته كل تلك الإهانات، بل قالت إنهم لا يعلمون شيئاً عن الحضارة، وهو أمر جعل المشهد أكثر توازناً بغض النظر عن أنه لا يزال يندرج في إطار السباب المتبادل.

في لقطة أخرى تضمنها الموقف المثير للجدل وقعت ممثلة ثانية تحت مقصلة الحملات الغاضبة، وهي رهف محمد قماشة حيث عبرت عن رأيها بأن ميسون ربما تخفي الخاتم في قطعة من ملابسها الداخلية.

واعتبر المنتقدون أن اللفظ الذي تلفظت به “خارجاً ولا يليق”، وجعل الحوار متدنياً، وهنا خرجت إحدى بطلات العمل عن صمتها في محاولة لدرء الهجوم الذي لم يتوقف، حيث قالت الفنانة اللبنانية ليل عبدالله “مضاي” التي عرفت بأدوارها في الأعمال الكويتية بحكم إقامتها هناك، من خلال فيديو نشرته عبر السوشيال ميديا أنها تجد هذا اللفظ عادياً، وأن ملابس النساء ليست عيباً أو حراماً، وأن الغاضبين من المشهد يبالغون في نفاقهم.

إلا أن جاءت الردود عليها لتؤكد لها أنها تناقض نفسها من خلال الفيديو الذي تدافع فيه عن العمل لكنها مع ذلك لم ترغب في ذكر الكلمة واكتفت بتعبير “أغراض نسائية”، كما استهجنوا اتهامها للمتابعين بالنفاق، ومن بين من ردوا عليها المؤثر الكويتي طلال البحيري الذي طالبها باحترام آراء الجمهور، مشدداً على أنها لو كانت ترى أن الكلمة عادية مثلما تدعي كانت ستلفظها كما هي في الفيديو الذي نشرته.

مناوشات إعلامية

على جانب آخر دخل عدد من الإعلاميين في شد وجذب بسبب توجه العمل، حيث كتبت الإعلامية المصرية الكويتية مي العيدان عبر “تويتر” تنتقد الغاضبين من بعض اللقطات التي تظهر بها الشخصيات العراقية “إشفيهم إخوانا العراقيين زعلانين إن في وحدة عراقية تشتغل بالخدمة عند خليجيات في لندن بالثمانينيات بكل الدنيا في فقير وغني حتى بالكويت بالعصور القديمة الكويتية الفقيرة تشتغل في بيوت التجار العمل الشريف مو عيب ولا يخجل ولا حرام”.

لكن ردت عليها إعلامية عراقية شهيرة أيضاً هي سهير القيسي، وحاولت أن توضح لها بعض الحقائق التي تجدها موثقة وواضحة، وأيضاً لتعبر عن وجهة نظرها في رفضها للأعمال التي تشتت الشمل بدلاً من أن تقرب بين الشعوب.

وقالت القيسي “الحقيقة عزيزتي الإعلامية مي أن الثمانينيات من القرن الماضي كانت فترة ذهبية على الرغم من حرب العراق ضد إيران وقتها كان الدينار العراقي يعادل ثلاثة دولارات المسلسل بعيد عن الواقع ونحن بحاجة إلى قصص تزيد المحبة بين الجارين لك مني وافر المحبة والتقدير”.

كما دخل الكاتب والإعلامي الإماراتي إبراهيم بن حاتم على الخط بسلسلة من التغريدات ومن بينها “عاشرت العراقيين 20 عاماً في دولة الإمارات، فلم أجد منهم سوى الحب والتقدير، تعلمت منهم كثيراً، ونهلت من معين معارفهم ما لا يعد ولا يحصى، نشأت في بلدي الإمارات على حب العراق، وكذلك شعبي الإماراتي، يحمل في قلبه للعراقيين حباً كبيراً وتقديراً أكبر”.

كما أكد أن التاريخ العراقي حافل بالنماذج المضيئة، لا سيما النسائية، ودعا الجميع إلى البحث أولاً لمعرفة نتاج المرأة العراقية بعيداً من التزييف، على حد تعبيره، مرفقاً التغريدة بكتاب يحمل عنوان “مبدعات من العراق”.

المتلقي “قصير النظرة”

من جهتها ردت المؤلف هبة مشاري حمادة على متابع اتهمها بالحقد على العراقيين وبتزوير الأحداث لخدمة أفكار معينة، معتبرة أن سوء الفهم مصدره المتلقي السطحي قصير النظرة المعبأ بفكرة المؤامرة.

وأشارت إلى أنها تعتبر التاريخ العراقي إرثاً كبيراً ويخص جميع العرب ويتباهون به، وقالت “العراق أكبر من تخليص حسابات لكن أخذكم الحماس والغيرة، والله يعلم أننا نغار على العراق أكثر منكم، لكم الظنون ولنا النوايا”.

اللافت أن ردها نال إشادات كثيرة، لكن هناك أيضاً من تحفظ على فكرة اتهامها للمشاهدين بعدم الوعي والسطحية، وقد عرفت حمادة خلال السنوات الأخيرة بتفضيلها تقديم أعمال تدور في أزمنة وحقب تاريخية سابقة وحتى المعاصرة منها تكون جدلية للغاية، عرض لها مطلع هذا العام “دكة العبيد” الذي تناول قصة تقع في بداية القرن الـ20.

 

 

وكانت قد أثارت ضجة كبيرة العام الماضي بمسلسلها “من شارع الهرم إلى…” للمخرج المثنى صبح، الذي لم يسلم من الانتقادات واتهم حينها بتشويه صورة المصريات عن طريق الراقصة كريمة التي حضرت إلى الكويت من القاهرة لتشتت شمل العائلة المستقرة. حيث قامت بالدور الممثلة المصرية المقيمة في الكويت نور الغندور، وهي كانت قاسماً مشتركاً في عمل آخر للمؤلفة نفسها.

كما أثار “دفعة بيروت” الذي عرض 2020 ودارت أحداثه في ستينيات القرن الماضي، لغطاً ووصفت حينها مشاهده بالجريئة التي لا تتناسب مع المجتمع الخليجي، لا سيما في قصص الحب بين أبطاله، كما انتقد مشهد تبول أحد الأبطال على شخص آخر في الأحداث ووصف بغير اللائق ولم يكن له داع، وكانت الأحداث تدور في العاصمة اللبنانية وتتضمن علاقات متداخلة بين المغتربين الذين يكملون دراستهم الجامعية هناك.

أما مسلسل هبة مشاري حمادة الذي كان قد أثار ضجة على مستوى العالم العربي فكان “سرايا عابدين” 2014 و2015 بموسميه الذي دارت أحداثه حول صراع النساء في قصر الخديوي إسماعيل واتهم أيضاً وقتها بتشويه تلك الحقبة التاريخية وبتشويه الشخصية الرئيسة.

سجل من الجدل

لكن الاتهام الأكثر بروزاً كان يتعلق بمسلسل “دفعة القاهرة” وتمحور حول فكرته من مؤلف للروائي والدبلوماسي غازي السعودي “شقة الحرية”، لكن وقتها ردت المؤلف هبة مشاري حمادة بالتأكيد أن هذا تشريف لا تستحقه، كما شددت على عدم وجود أي تشابهات بين العملين وطالبت المنتقدين بقراءة رواية القصيبي أولاً الذي وصفته بالعميد الكبير، كما لم يسلم العمل من ملاحظات أخرى تتعلق بأن هناك بعض الأخطاء التاريخية تتعلق بأنه في الخمسينيات وهي الحقبة التي يتناولها المسلسل، لم يكن جهاز التلفزيون قد انتشر في البيوت والمؤسسات المصرية بعد، ومع ذلك ظهر في العمل بأكثر من لقطة، وكان تبرير حمادة أن جهاز التلفزيون ظهر في مصر بالفعل في الخمسينيات ولكن توقف انتشاره بسبب العدوان الثلاثي ليعود مجدداً مع بداية الستينيات.

قبل أسابيع قليلة كانت الأعمال الفنية الكويتية أيضاً على موعد مع أزمة وجدت صداها، حيث تعرض مسلسلين للإيقاف دفعة واحدة، وهما “الجابرية – الرحلة 422” عبر منصة “شاهد” وهي حلقات توثيقية مشتقة من حادثة اختطاف طائرة كويتية جرت في نهاية الثمانينيات، والآخر حمل عنوان “السجين النصاب” عبر منصة “شاشا”، الذي تدور قصته حول سجين شهير تمت محاكمته في الكويت بعد أن نجح في الاستيلاء على ملايين الدولارات من مشاهير السياسة والمجتمع، كما كان يحاول الإيقاع بالنساء، حيث خاطبت وزارة الإعلام الكويتية جهتي عرض العملين لتوقفهما، مشيرة إلى أن الأول يسيء لرموز المجتمع الكويتي والثاني يمس سمعة النساء الكويتيات، كما تمت إحالة طاقمي المسلسلين إلى النيابة العامة انديبنديت

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى