نتانياهو محاصر باشتراطات حلفائه وضغوط خصومه
عدن اوبزيرفر- رويترز
أرجأ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو النظر في التعديلات القضائية التي أثارت الاضطرابات في إسرائيل، لكنه ما زال محاصراً بين حلفائه من اليمين المتطرف الذين يحتاج إلى دعمهم للبقاء في منصبه وبين موجة شديدة من المعارضة لخططهم.
وأمس الإثنين، رضخ نتانياهو أمام الاحتجاجات والإضرابات ومناشدات من قادة سياسيين وحلفاء أجانب لتأجيل الخطط السياسة الرئيسية لائتلافه القومي الديني والمتمثلة في قانون يعزز سلطة الحكومة على القضاء.
لكن لا يوجد ما يشير إلى استعداد أي من الجانبين للتراجع عندما يجتمع البرلمان مرة أخرى الشهر المقبل، أو أن زعيم حزب ليكود البالغ من العمر 73 عاماً سيكون بوسعه التوصل لحل وسط يبقيه في السلطة دون زيادة الانقسامات داخل المجتمع الإسرائيلي.
وقال أنشل فيفر، كاتب السيرة الذاتية غير الرسمية لرئيس الوزراء الإسرائيلي، إن “نتانياهو محاصر، إنه يواجه مستوى من المعارضة والاحتجاجات لم يتخيله قط”.
وهذا يوضح المعضلة التي تواجه رئيس وزراء إسرائيل الأطول بقاء في المنصب والذي تمكن من العودة إلى السلطة العام الماضي رغم فضيحة فساد لا تزال تلاحقه، وما بدا أنها نهايته كسياسي بعد انهيار ائتلافه السابق عام 2020.
وعند إعلانه تأجيل النظر في التعديلات القضائية على شاشات التلفزيون، استشهد نتانياهو بحكمة النبي سليمان التي تشير إلى ضرورة مد اليد للحوار. وقال: “أنا لا أرغب في تقسيم الأمة إلى قسمين، نحن لا نواجه أعداء بل إخواننا”.
لكن على الرغم من مسعاه لتنفيذ سياسة تظهر استطلاعات الرأي أنها تلقى رفضاً شعبياً على نطاق واسع، سخر نتانياهو من خصومه باعتبارهم أقلية متطرفة تعمل على “إذكاء حرب أهلية”.
ولا يقتصر ما يوضحه مثل هذا الخطاب على المخاطر الكبيرة التي تواجه رئيس الوزراء فيما يتعلق بآماله في تمديد سلطته بعد 15 عاماً قضاها في المنصب عبر ستة تحالفات منذ التسعينيات.
بل إنه يوضح أيضا المشكلات التي تواجهها إسرائيل في غمرة أزمة أمنية جديدة في الضفة الغربية وتحالف أثار القلق بين الحلفاء القدامى بعد وصوله إلى السلطة في الانتخابات العامة الخامسة في أقل من أربع سنوات.
وتظهر استطلاعات الرأي أن ائتلافه سيخسر أي انتخابات جديدة، ويستطيع نتانياهو في الوقت نفسه الاعتماد على القليل من حسن النية من الأعداء القدامى، وحلفائه السابقين الذين ما زال في حلقهم غصة من المواجهات السابقة.
وقال زعيم المعارضة يائير لابيد، الشريك السابق في ائتلاف لنتانياهو، عن تأجيل النظر في التعديلات أمس الإثنين “لدينا تجربة سيئة من الماضي ولذا سنتأكد أولا من عدم وجود ألاعيب أو خداع هنا”.نتانياهو عضو سابق في وحدة من قوات النخبة الخاصة وقُتل شقيقه الأكبر، يوني، أثناء قيادة عملية إنقاذ ركاب طائرة مختطفين في عنتيبي عام 1976. ولم يبد نتانياهو اهتماماً يذكر بالرؤية القائمة منذ عقود والخاصة بإقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل.
وتوقفت المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية التي ترعاها الولايات المتحدة عام 2014 في ظل قيادته ولا يوجد أي احتمال حالياً لاستئنافها.
ويعتبر نتانياهو من المتشددين أمنياً، ويعتمد على مخاطبة المخاوف الغريزية لقاعدته الانتخابية في البلدات والمستوطنات المتناثرة بعيداً عن تل أبيب العصرية البراقة.
لكن خياراته محدودة، وقال فيفر إنه يتعين عليه الاختيار بين محاولة كسب مزيد من الوقت لجعل شركاء التحالف العنيدين يتراجعون، أو هزيمة المعارضة بأغلبية برلمانية أو إقناع بعض قادتها الحذرين بأن يحلوا محل شركائه في حكومة جديدة.
ومما يزيد من تعقيد الأمور، فإن نتانياهو نفسه يواجه اتهامات بالفساد بزعم أنه تلقى هدايا بشكل غير قانوني ومنح امتيازات تنظيمية مقابل تغطية إخبارية إيجابية.
ويصف نتانياهو الدعاوى ضده بأنها ذات دوافع سياسية وينفي ارتكاب أي مخالفات ويقول إن تعديلاته القضائية ليس لها صلة بتلك الدعاوي.
وعلى عكس تحالفاته السابقة، لم يعد نتانياهو قادراً على أن يجمع بين فصائل اليسار واليمين، بل أن الرجل الذي اعتبر شوكة في جنب الرأي الليبرالي لأكثر من عقدين من الزمن، أصبح يقف الآن في الجناح اليساري لحكومته.
ومن بين شركائه في الائتلاف أنصار اليمين المتطرف للمستوطنين اليهود الذين أزعجوا حلفاء إسرائيل الأجانب بتصريحات غير مقبولة عن الفلسطينيين.
وفي محاولة لخطب ودهم، منحهم نتانياهو مناصب وزارية عليا مسؤولة عن المالية والأمن، ووعد بإنشاء وحدة حرس وطني يخشى منتقدون أن تتحول إلى ميليشيا يمينية.
لكن مع ازدياد صعوبة المضي في الطريق، فربما لم يعد لديه الآن سوى القليل من الوعود التي يقدمها لهم.