شؤون محلية
على قاعدة الكل مقابل الكل.. مفاوضات جنيف تدخل أسبوع الحسم وسط تفاؤل حذر.
لا تخلو الأنباء الواردة من جنيف بشأن المفاوضات اليمنية – اليمنية حول ملف الأسرى من إيجابية، وإن اختلفت التقديرات بشأن حجم التقدم الذي تم إحرازه حتى الآن. ويرى متابعون أن الأيام المقبلة ستكون حاسمة بالنسبة إلى هذا الملف الإنساني الحيوي.
عدن اوبزيرفر -العرب: تدخل المفاوضات الجارية بين جماعة الحوثي والسلطة الشرعية في اليمن السبت أسبوعها الثاني والحاسم، وسط رهانات كبيرة على إمكانية تحقيق توافق على قاعدة “الكل مقابل الكل”.
ويأمل اليمنيون في أن يكون حل ملف الأسرى خطوة في مسار تفكيك عقد الأزمة المستمرة في البلاد منذ العام 2014، على ضوء التحولات التي يشهدها المشهد الإقليمي في علاقة بالاتفاق السعودي – الإيراني على استئناف العلاقات الدبلوماسية في غضون شهرين.
ومن شأن التوصل إلى اتفاق حول هذا الملف الإنساني أن يهيّئ الأرضية لإعلان وقف مطول لإطلاق النار يجري العمل عليه ضمن مسار مواز ومن المفترض أن يعلن عنه مع بداية شهر رمضان.
وقد اختلفت التقديرات بين السلطة الشرعية وجماعة الحوثي حيال التقدم المحرز في المفاوضات التي تجري برعاية أممية في مدينة جنيف السويسرية، ويعود ذلك إلى تمسك الأولى بإطلاق سراح جميع الأسرى على قاعدة “الكل مقابل الكل”، في المقابل فإن الجماعة الموالية لإيران تسعى للتهرب من الأمر، عبر عدم الكشف عن مصير عدد من الأسرى يفترض أنهم لديها.
ويشير متابعون إلى أن جماعة الحوثي لا تزال تعتمد أسلوب المراوغة، لكنهم يرجحون تدخلا من قبل إيران للضغط على الجماعة بغرض إثبات حسن النوايا حيال رغبتها في إنهاء الأزمة اليمنية والتوصل إلى سلام في هذا البلد، حيث أن فشل المفاوضات سيحسب على طهران بالنظر لتأثيرها على القرار الحوثي.
من جهة ثانية يقول المتابعون إن بعض القوى في صفوف السلطة الشرعية لا تبدو هي الأخرى متحمّسة للتوصل إلى اتفاق، وتحاول وضع العصي في دواليب التسوية، مشيرين إلى موقف حزب التجمع الوطني للإصلاح الذي يمثل الذراع السياسية لجماعة الإخوان.
وتعرض حزب التجمع بعد التحولات التي شهدتها السلطة الشرعية في علاقة بتشكيل مجلس القيادة الرئاسي في أبريل الماضي إلى تحجيم نفوذه، وهو يسعى لاستغلال أيّ موقف من أجل إثبات الحضور والتأثير.
ويستبعد المراقبون نجاح مناورات البعض في الحيلولة دون التوصل إلى اتفاق، في ظل وجود حرص إقليمي على تحقيق تسوية في الملف، للبناء عليه في تفكيك باقي عقد الأزمة.
وتحدث القيادي البارز في جماعة الحوثي علي القحوم الجمعة عن تقدّم ملموس في المشاورات مع الجانب الحكومي بشأن تبادل الأسرى بين الطرفين.
ويتناقض تصريح القيادي الحوثي مع تأكيد مسؤول يمني في وقت سابق على وجود تقدم بطيء في مشاورات جنيف.
وقال عضو المكتب السياسي لجماعة الحوثي إن “لجنة الأسرى توجهت من صنعاء وهي على استعداد كامل لتنفيذ صفقة التبادل، كصفقة كاملة.. الكل مقابل الكل”.
وأعلن المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ السبت الماضي عن بدء مشاورات جديدة بين الحكومة والحوثيين في سويسرا، لتبادل الأسرى من الطرفين، تستمر لنحو أسبوعين.
وأضاف القحوم أن “اللجنة تعمل بشتى الوسائل والطرق لإنجاح صفقة التبادل، ومتفائلة بنجاح هذه الجولة وإتمام عملية التبادل”.
ومضى القيادي الحوثي قائلا “المباحثات مستمرة، وهناك تقدم ملموس، وتجاوز لكل التعقيدات والمصاعب التي كانت موجودة في الجولات الماضية”.
وتابع “هذه الجولة تختلف كليا عن الجولات الماضية، حيث نلمس التفاعل والأجواء الإيجابية، وكل العوامل المساعدة لإنجاح المشاورات فيما يخص الأسرى”.
واعتبر القيادي الحوثي أن قضية الأسرى “ملف إنساني بامتياز، وأن أي تقدم فيه سيخفف المعاناة الإنسانية الممتدة لثماني سنوات”، معبرا عن أمله أن تنجح الجولة في إنجاز هذا الملف وحله نهائيا.
وشدد على أن” ربط ملف الأسرى بملفات أخرى يعد عرقلة لإنجاز هذا الملف الإنساني”. ورأى أن “نجاح وإتمام صفقة تبادل الأسرى يمثل نقطة ارتكاز أساسية في الدفع والتقدم صوب السلام المنشود لكل اليمنيين، وستكون لها فائدة كبيرة في تخفيف المعاناة الإنسانية وإزالة التوتر وبناء الثقة، والمضي قدما تجاه السلام المتمثل في معالجة الملفات الإنسانية بكل استحقاقاتها ووقف العدوان وفك الحصار”.
وكان مسؤول يمني مطلع على المشاورات المنعقدة بجنيف تحدث مساء الخميس قائلا إن “هناك تقدما بطيئا في مشاورات سويسرا، ولكننا حريصون على تبادل جميع الأسرى.. الكل مقابل الكل”.
وقال المسؤول، الذي فضل عدم ذكر اسمه كونه غير مخول بالحديث للإعلام، “للأسف الحوثيون يرفضون الإفراج عن الصحافيين الأربعة المحكوم عليهم بالإعدام ويمتنعون عن كشف مصير محمد قحطان (قيادي بارز في حزب التجمع اليمني للإصلاح الإسلامي)”.
وتظاهر المئات من نشطاء حزب الإصلاح الجمعة في تعز جنوب غرب اليمن للمطالبة بإطلاق سراح قحطان.
ورفع المتظاهرون لافتات كتب على بعضها “قحطان رمز سياسي دفع ثمن انحيازه للشعب”، و”التماهي مع جريمة الإخفاء القسري لقحطان انتهاك صارخ للقيم الإنسانية”.
واختطف قحطان من منزله بالعاصمة صنعاء في أبريل 2015، بعد أيام من فرض الحوثيين إقامة جبرية عليه، وتقول أسرته إنها لا تعلم مصيره ولا مكان اعتقاله، ولم يتم التواصل معه أبدا منذ احتجازه.
وأعرب رئيس دائرة الإعلام والثقافة بحزب التجمع اليمني للإصلاح في تعز أحمد عثمان عن “أسفه لاستمرار إخفاء قحطان والتقاعس عن بذل جهود كافية للكشف عن مصيره وإطلاق سراحه”.
وطالب عثمان، بضرورة العمل من أجل إطلاق سراح السياسي اليمني بشكل سريع.
جماعة الحوثي لا تزال تعتمد أسلوب المراوغة لكنهم يرجحون تدخلا من قبل إيران للضغط على الجماعة لإنهاء الأزمة والتوصل إلى سلام في هذا البلد
وكان المسؤول الحكومي لفت إلى أن وفد الحوثيين المفاوض “طلب زيارة مأرب (وسط) لتفقد أسراهم، وقلنا لهم دعونا نزر الأستاذ محمد قحطان”.
وأوضح المسؤول وهو ينتمي لحزب الإصلاح “أبلغناهم بأننا سنسمح لهم بزيارة مأرب كلها مقابل زيارة قحطان، لكنهم رفضوا”. فيما لم يصدر تعليق من الحوثيين على ما ذكره المسؤول الحكومي.
ويرى نشطاء أن خروج حزب التجمع في مسيرات من أجل الضغط لإطلاق سراح قحطان، هو تناس وتجاهل للآلاف من اليمنيين القابعين في السجون الحوثية، وكان من المفترض على الحزب أن يكون تحركه الشعبي في سياق شامل.
وأواخر مارس 2022 وقّعت الحكومة اليمنية اتفاقًا مع الحوثيين برعاية أممية لتبادل أكثر من 2200 أسير من الطرفين، لكن عملية إطلاقهم تعثرت وسط اتهامات متبادلة بعرقلتها.
وفي 29 أغسطس الماضي أعلنت الحكومة اليمنية تعليق مفاوضاتها مع الحوثي في العاصمة الأردنية عمّان، ردًّا على هجوم حوثي في تعز (جنوب غرب) تزامن مع هدنة معلنة بين الطرفين.
وخلال مشاورات في السويد عام 2018، قدّم الطرفان قوائم بأكثر من 15 ألف أسير ومعتقل ومختطف، لكن لا يتوفّر إحصاء رسمي دقيق للأعداد بعد هذا التاريخ.
ويعاني اليمن حربا بدأت عقب سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء وعدة محافظات نهاية 2014، وازداد النزاع منذ مارس 2015 بعد أن تدخل تحالف عسكري عربي بقيادة السعودية لإسناد قوات الحكومة الشرعية، في مواجهة جماعة الحوثي المدعومة من إيران.