إيران تتعهد للسعودية بوقف إرسال الأسلحة إلى الحوثيين: فهل تفي بوعدها
وزير الخارجية السعودي: الاتفاق مع طهران قائم على عدم التدخل بشؤون الدول.
بدأت تتكشف تفاصيل الاتفاق السعودي – الإيراني الذي جرى بوساطة صينية، والذي كان من ضمن بنوده الملف اليمني، حيث ذكرت تقارير أن الاتفاق تضمن إيقاف طهران لأي دعم تسليحي لجماعة الحوثي.
عدن اوبزيرفر -العرب: كشف مسؤولون أميركيون وسعوديون أن إيران وافقت على وقف إرسال الأسلحة إلى جماعة الحوثي كجزء من اتفاق إعادة العلاقات الدبلوماسية مع السعودية، لكن مراقبين يشككون في إمكانية إيفاء طهران بتعهداتها بالنظر إلى ما يمثله دعم الجماعة الموالية لها في اليمن من أهمية إستراتيجية بالنسبة إليها.
ويشير المراقبون إلى أن قبول طهران بهذا الشرط ينطوي أيضا على اعتراف من قبلها بتهريب الأسلحة إلى الجماعة الموالية لها، وهي التي لطالما نفت ذلك تهربا من أيّ تبعات قانونية، في ظل وجود حظر أممي على السلاح في اليمن.
وقال المسؤولون الأميركيون والسعوديون لصحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية إنه إذا توقفت طهران عن تسليح الحوثيين “فقد تدفعهم إلى التوصل إلى اتفاق ينهي الصراع”.
وأضاف المسؤولون “نريد معرفة ما إذا كانت إيران ستتمسك بالصفقة، وهذا اختبار لها”، في حين تمضي طهران والرياض في الخطط المحددة في الاتفاق لإعادة فتح سفارتيهما في غضون شهرين.
وأكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان الخميس أن اتفاق بلاده مع إيران الذي جرى بوساطة صينية قائم على أسس احترام سيادة الدول وعدم التدخل بشؤونها الداخلية.
جاء ذلك في كلمة لوزير الخارجية السعودي في الاجتماع الوزاري لمنظمة التعاون الإسلامي بنواكشوط، بثتها قناة الإخبارية السعودية الرسمية.
وقال وزير الخارجية السعودي إن بلاده “مع الحوار، ومن هذا المنطلق أجرت مباحثات لأكثر من عامين مع الأشقاء الإيرانيين في بغداد ومسقط وبكين”.
وأضاف أن الاتفاق “يقوم على أسس احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها وحسن الجوار”. وأعرب عن “تطلع السعودية إلى أن يعزز الاتفاق من أمن منطقة الخليج العربي واستقرارها”.
وأكد وزير الخارجية السعودي دعم المملكة للسلام في اليمن وللجهود الأممية الرامية إلى التوصل إلى وقف كامل ودائم لإطلاق النار وبدء العملية السياسية بين الحكومة اليمنية والحوثيين.
ويشكل الملف اليمني أحد أهم الاختبارات التي تواجهها إيران في الالتزام بالاتفاق مع السعودية، حيث تريد الرياض إنهاء هذه الأزمة المفتوحة، والتي تؤثر بشكل كبير على خططها الاستثمارية الطموحة.
وتعرضت السعودية على مدار السنوات الماضية للعديد من الهجمات بمسيّرات وصواريخ باليستية من قبل جماعة الحوثي، وقد وجهت المملكة مرارا اتهامات إلى إيران بالوقوف خلف إمدادات الجماعة من الأسلحة.
وكشف مسؤول سعودي الأربعاء النقاب عن كواليس المحادثات بين الرياض وطهران قبل الإعلان عن اتفاق إنهاء قطيعة دامت سبع سنوات برعاية صينية الأسبوع الماضي.
ووفقاً للمسؤول السعودي، الذي طلب عدم ذكر اسمه، فقد أرست عدة اجتماعات سابقة الأسس لمحادثات الأسبوع الماضي في بكين.
وتضمّن ذلك تبادل آراء موجزا بين وزيري الخارجية السعودي والإيراني خلال قمة إقليمية في الأردن أواخر ديسمبر الماضي.
كما جرت محادثات بين وزير الخارجية السعودي ونائب الرئيس الإيراني خلال تنصيب الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا، وخلال زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى بكين في فبراير.
وقال المسؤول السعودي إن محادثات بكين شهدت “خمس جلسات مكثفة للغاية” حول القضايا الشائكة بما في ذلك الحرب في اليمن. وأوضح المسؤول أن المحادثات أسفرت عن “التزامات ملموسة” بشأن اليمن لكنه لم يكشف عنها.
وتابع أن “إيران هي المورّد الرئيسي للأسلحة والتدريب والبرامج الدعائية للحوثيين ونحن الضحية الرئيسية لهذه الصواريخ والطائرات دون طيار وأشياء أخرى. لذا يمكن لإيران أن تفعل الكثير وينبغي أن تفعل الكثير”.
وأضاف “على إيران وقف إمداد الحوثيين بالسلاح”، لافتاً إلى أن الرياض تجري مفاوضات مع الحوثيين لإحياء الهدنة التي انتهت في أكتوبر الماضي، والدفع باتجاه تسوية سياسية تشمل جميع الفصائل اليمنية.
وتابع “نحن نتشارك أيضاً في حدود طويلة مع اليمن، وبالتأكيد لن نتسامح مع أيّ تهديد لأمننا من أيّ مكان. يمكن لإيران، ويجب عليها، أن تلعب دوراً رئيسياً في الترويج لذلك ونأمل أن تفعل ذلك”.
وقال إن محادثات بكين شهدت أيضاً تجديد التزام الجانبين بعدم مهاجمة بعضهما البعض في وسائل الإعلام، وإن الخطوة التالية في تنفيذ اتفاق التقارب هي اجتماع بين وزيري الخارجية السعودي والإيراني، لكن لم يتم تحديد موعد لذلك بعد.
وخلال الأشهر الأخيرة أحبطت البحرية الأميركية وأيضا نظيرتها من الدول الأوروبية العديد من عمليات تهريب الأسلحة الإيرانية التي يعتقد أنها موجهة إلى الحوثيين.
وكانت البحرية البريطانية أعلنت في وقت سابق عن ضبط شحنة أسلحة إيرانية جديدة كانت في طريقها إلى الجماعة، وتتكون من صواريخ موجهة مضادة للدبابات إيرانية الصنع، ومكونات صواريخ باليستية متوسطة المدى.
وقبل ذلك استولت القوات الفرنسية على زورق محمّل بالأسلحة والذخائر قبالة الساحل اليمني على متنه أكثر من ثلاثة آلاف بندقية هجومية ونصف مليون طلقة وعشرون صاروخاً موجهاً مضاداً للدبابات. وأعلن الجيش الأميركي مشاركته في العملية.
وقد شكل الدعم الإيراني للحوثيين بالأسلحة حافزا للجماعة على مدار السنوات الماضية للتملص من أيّ جهود لتحقيق السلام في اليمن، ويرى متابعون أن تعهد إيران بوقف التسليح، مشكوك فيه إلى حد بعيد، حيث أن ذلك سيعني تخلي الحرس الثوري عن أهم أذرعه وهذا غير منتظر.
ويقول المتابعون إن إيران قد تلجأ إلى إيقاف تزويد الجماعة مؤقتا بالمزيد من الأسلحة خلال الفترة المقبلة، خصوصا وأن هناك مفاوضات تجري على أكثر من مسار لإعلان هدنة مطولة قد تصل إلى عام وتمهد لمفاوضات سياسية في اليمن.
وستراهن إيران خلال هذه الفترة على تحصيل أكبر قدر من التنازلات السياسية لصالح الجماعة الموالية لها لضمان نفوذها في اليمن.
ويشهد اليمن، أفقر دول شبه الجزيرة العربية، نزاعا داميا منذ 2014 بين القوات الموالية للحكومة المعترف بها دوليا والمتمردين الحوثيين. وتصاعد النزاع مع تدخل السعودية على رأس تحالف عسكري في مارس 2015 لوقف تقدم الحوثيين بعد سيطرتهم على العاصمة صنعاء.
وأودى الصراع بحياة عشرات الآلاف من اليمنيين وتسبب بأزمة إنسانية وصفتها الأمم المتحدة بأنها الأسوأ في العالم مع نزوح الملايين من الأشخاص.
وأدى وقف إطلاق النار الذي توسّطت فيه الأمم المتحدة ودخل حيّز التنفيذ في أبريل 2022 إلى خفض العمليات القتالية بشكل كبير. وانتهت مدّة الهدنة في أكتوبر الماضي من غير أن يتوصل الأطراف إلى اتفاق لتجديدها، لكن وقف إطلاق النار لا يزال صامدا إلى حد بعيد.