كتاب عدن

حكامنا أمورهم في اللبن، والمواطن في قاع التنك




د. أنور الصوفي
لم نعد ندري نخاطب من من مسؤولي هذا البلد، فهم كثير، ولكنهم غثاء، فلم نجد أمامنا إلا أصحاب الجلالة والسمو لنخاطبهم، لأنه هم من يدير هذا الوطن التائه، لهذا يا أصحاب الجلالة والسمو: لقد سُلِبت سيادتنا، وأصبحت رقابنا بأيديكم، لأنه قد أذلنا حكامنا، وقللوا من قدرنا، وشأننا، بسبب مماحكاتهم السياسية، وصراعاتهم على كرسي الذل والمهانة، فلم يحكمونا كما يحكم الحاكم العادل شعبه، ولم يتركونا نختار حاكمًا عادلًا، لهذا ومن باب الأخوة وحق الجوار، أو حتى من باب الإنسانية، فإننا نطالبكم بمعاملتنا كشعوبكم، فنحن شعب كريم، وشعب كانت لنا التيجان، أيام كانت العربان تسفها رمال الصحراء، فارحموا عزيز قوم ذل.

أصحاب الجلالة والسمو: لقد كانت لنا منعة، وقوة في الأزمنة الغابرة، عندما كانت العربان تخيفها صولات وجولات اللصرص بين الخيام، وتعرفون هذا الشعب جيدًا، فهو شعب يصبر وربما يطول صبره، ولكنه إذا فاض صبره جعل وليمته من يعطلون حياته، فهذا الشعب حكيم، حليم، فانصروه على من أجلستموهم على كراسي ليست لهم، بل لا تناسبهم، لأنهم سعوا لذاتهم، وللذاتهم، فأمورهم في اللبن، ومواطنيهم في قاع التنك، فقد جعل حكامنا هذا الشعب الكريم يموت جوعًا، فاحذروا غضبة الحليم إذا غضب.

أصحاب الجلالة والسمو: نحن شعب يموت جوعًا هذه الأيام في حين كنا شعبًا نأكل من فوق رؤوسنا بعزة وشموخ، فأصبح حكامنا الذين أجلستموهم على كراسي ليست لهم، يكادون يموتون من التخمة، ويأكلون مدعممين وبذل وهوان، ولم يفكروا في هذا الشعب، بل لا يدرون عن شعبهم شيئًا، فرمضان على الأبواب وبعده العيد، والراتب لا يكاد يغطي حليب الأطفال، ورواتب حكامنا وما يلتهمونه يكاد يوازي ما يحصل عليه المواطن مئات الآلاف من المرات، فهذا الشعب تكاد تقتله الفاقة، ولم يبق أمامه إلا التكشير عن أنيابه، والزمجرة في وجه من سلب حقوقه، فحذار حذار من جوع هذا الشعب، وحذار حذار من غضبه، فإنكم لا تستطيعون إسكات غضبه إذا غضب، فنحن شعب حكامه أمورهم في اللبن، ولكن الشعب في قاع التنك.

أصحاب الجلالة والسمو: نحن شعب أجداده ملوك الأرض، وحضارته حضارة الأرض، ورجاله نصروا الدين، فارحموا عزيز قوم ذل، وإلا سينفض هذا الشعب من على عاتقه كل ذليل، وسيدك حضارات لا تقوى على زفرة غضبه، فاركضوا الحكام الهاربين في قصوركم، وفنادقكم، وهنا سيكون هذا الشعب قوتكم، ومنعتكم، بشرط أن تكرموه، لأنه شعب يأبى الذل، ولن ترى الدنيا على أرضي وصيًا.

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى