على مهلك أيها الموت…
رحيل قطعة تبر من قلب هذه المدينة
في وداع القاضي الفاضل فهيم الحضرمي
———————————————
بقلم# عفراء خالد الحريري
ألا يموت مهلاً … صرت تأتي على عُجالة فكم من الأحباء إختطفت بالأمس وكم من الأحباء اليوم قد رحلوا.
توقّفت الحياة في عينيّ وأنا أقرأ خبر وفاة أخي وصديقي ق. فهيم، في لحظات الحزن وحدها تشعر بنهاية كلُّ شيء وأنّه ليس هناك في هذا العالم من هو أتعس منك، قاسية هي الحياة علينا حين يتساقط كثير من الأحباء وراء بعض بلا تردّد، لا أحد منهم ومنهن يتأخر عن الأخر.
تنتزع الحياة من القلب وأنت ميت قبل كلُّ الأخرين، حين تتذكر رحلة حياتك معهم ومعهن.
تمر لحظات لقاء كثيرة يا أبا عفراء كم كنت سعيدة بكنيتك تلك يا ق. فهيم
وأزداد نشوة وأنت تُعرف الغير أمامي بأن اسم ابنتك البكر عفراء، وتفتخر بالاسم
وبما حققته من إنجازات وتتذكر دائمًا أمام الجميع ( مركز الإيواء السجينات المفرج عنهن وضحايا العنف وأطفالهن) ومقالات كثيرة و مواقف وقضايا وكنت أعتز بشهادتك ليّ، وأحدثك عن ظلم أهل الأرض وتخبرني عن عدالة السماء.
لم يكن يجمعنا الأسم وحده، بل أشياء كثيرة أماكن لقاء ومواضيع مشتركة وقضايا ممنوعة عن العرض والنشر.
حتى حين كُتب عنك مقال وذيل باسمي واتصلت بي معاتبًا، وقبل أن يأتيك ردي بالنفي باشرت القول: وإن كنتُ لا أظنكِ من كتبه! كيف ليّ بأن أكتب مايجرح الغير، فما بالك بما يجرحك أنت؟!
كثيرون ممن جاءوا إليك ممن يتمنّون الموت في لحظات الانكسار، ظنّاً منهم أنّ الموت هو الحلّ الوحيد، وكنت ناصح لهم بأن الحياة أجمل، فمن يجرؤ الآن بأن يقول لك: مهلًا، فليست جميع النهايات سعيدة على الأحياء.
يتقزم الفرح في هذه المدينة كلُّ لحظة، صار نقطة من ضمن نقاط كثيرة يصعب علينا رؤيتها، ومن شدة محاولاتنا على رؤية نقطة الفرح تتجرح مقلتينا دمعًا، فنجدنا نبكي الأحباء دمًا ودموع. فخبر الفاجعة صعب علينا وأنت الذي سيحل تاريخ يوم ميلادك قريبًا في نهاية هذا الشهر(٢٨/مارس)، و مستحيل أن يستطع أحد بأن يتظاهر بالتجاهل، حتى وأن كان لايحبك، فمعظم القلوب ستنزف ألمًا ووجعًا، لأن الصدمات صارت أكبر من قدرة إحتمالاتنا بالكاد نخفي دموعنا إلاّ أن كثير من الذكريات معك بخيرها وشرها لدى الأخرين تبكيهم وتبكينا.
عليّ أن أخبرك فضيلة القاضي: صرت أدرك الان أكثر من أي وقت مضى بأنه لم يعد المعنى الوحيد للموت هو الرحيل عن هذه الحياة التي كنت تشيد بها. فقد جعلونا نمارس الموت بطرق مختلفة و نعيش كل تفاصيل وتضاريس الموت ونحن مانزال على قيد الحياة، ويريدون إقناعنا بأن هذا هو عدل السماء في الأرض، وهم مخولين بتطبيقه تعذيبًا بنا.
وداعًا يا قطعة تبر من قلب أرض هذه المدينة الحزينة اليوم وكلُّ يوم.
( معنى كلمة تبر: سبيكة ذهب خام)
تعزية لأسرته(زوجته وابنتيه وابنه) لأهله وذويه:
لا أعرف ماذا أقول لكم والكلام كله في هذا الوقت خواء الله يصبر قلوبكم، أسأل الله لكم أن يلهمكم الصبر والسلوان
وإنا لله وإنا إليه راجعون