» بحر الظُّلمات« وقصص أخرى قصيرة جدّا /حسن سالمي
هذيان
أضع يدي على جبينه المتّقد فينفطر قلبي… وتطوف بذاكرتي صور من ماضينا السّعيد فأزداد وجعا وأقول ها هي سُنّة الحبِّ تمضي فينا…
ويأخذني البكاء…
سمعته يرطن بكلام غريب جاءت به الحمّى. يذكرني ويذكر امرأة أخرى. وبدا لي كأنّه يناجيها، فتيقّظ في داخلي حدس الأنثى بخطر ما…
” في بيتي أفعى. دعيني أتخلّص منها أوّلًا!”
بحر الظُّلمات
دفعوني في قوّة فمضيت أتعثّر في جوف الحبس حتّى كدت أنكفئ على وجهي… كان خافت الإنارة يقطع سكونه الثّقيل أنين متقطّع… رأيت أحدهم متهاويا كخرقة بالية وتحته خليط دم وبول وغائط… قلت في نفسي: “هذا مصيري إذن؟”
وحينما دخلوا عليَّ كذئاب جائعة درت في وسطهم كعاصفة عمياء، فجعلتهم يفرّون من وجهي وهم يتلاطمون أمامي ويتعثّرون ويسقطون…
سنة 1985
مدّ بصره الجائع نحو أجسام بضّة تتحمّم بماء حارٍّ جاء به الوادي من أعلى الواحة… وشعر بدمائه تُحشى ببارود غاشم وخياله المحموم يرحل نحو إحداهنّ…
بيد أنّ التفاته حواليه خشية أن يُضبط بجرمه لم يفلح في جعله يتفطّن إلى تلك اليد التي هزّته هزّا وكادت تقذف به من أعلى…
والتقت نظراته المرتبكة بنظراتها. نظرات زوجته…
“خائن! هذا آخر يوم في حياتِك!”
ويحلو السّمر
اللّيل بهيم بلا نجوم، والسّكون شامل محيط، وكلّ شيء في الجبّانة يدلّ على أنّها في بُعد آخر…
تحسّس الأديم من حول القبر بيد مرتجفة، وهو لا ينفكّ عن تخيّل مخلوقات غامضة تشمله بنظراتها الشّرّيرة… وما كاد يعثر على برهان شجاعته حتّى نفر كما ينفر الأرنب المذعور. بيد أنّه انجذب إلى الخلف في شدّة وعنف ليسقط مغشيّا عليه…
وهنالك ثارت عاصفة من الضّحِك…