قيود الحوثيين على النساء تثير سخط اليمنيين
صنعاء – عدن اوبزيرفر:وسط سخط شعبي كبير، تواصل جماعة أنصار الله الحوثية في اليمن فرض قيود متعددة على النساء بالعاصمة صنعاء والمحافظات الواقعة تحت سيطرتها منذ نهاية العام 2014.
وفي تطور لافت يوحي بتنامي الانتهاكات والقيود التي يفرضها الحوثيون ضد اليمنيات، أقرت الجماعة مؤخرا ضوابط خياطة وارتداء العبايات النسائية في مناطق سيطرتها.
وجاء ذلك خلال اجتماع عقدته الجماعة في المركز الثقافي بصنعاء ضم مسؤولين مدنيين وأمنيين كبارا في حكومة الحوثيين غير المعترف بها دوليا، من بينهم وكيل وزارة الداخلية بصنعاء وحاكم العاصمة ومدير أمنها، ووكيل وزارة الثقافة، إضافة إلى مالكي معارض بيع وخياطة العبايات النسائية.
وأبلغت الجماعة حينها مالكي معارض الخياطة وبيع العبايات النسائية بالضوابط التي فرضت في ما يخص شكل العباية.
وحذرت الجماعة مالكي المحلّات من مغبة عدم الالتزام بتلك الضوابط التي واجهت رفضا واستنكارا كبيرا من قبل العديد من الحقوقيين والناشطين في مواقع التواصل الاجتماعي.
وألزم الحوثيون أصحاب المحال ببيع العبايات الفضفاضة ذات الخمار فقط، وأن تكون ذات لون واحد، مع منع ارتداء وخياطة العبايات ذات الألوان المتعددة أو الجذابة، أو تلك الضيقة والقصيرة واللافتة للنظر.
وجاءت هذه الإجراءات بعد قيود مستمرة فرضتها الجماعة ضد النساء بشكل عام، خصوصا العاملات في المنظمات والجمعيات الإغاثية.
وفي السادس من فبراير الجاري قالت منظمة هيومن رايتس ووتش الدولية المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان إن “الحوثيين ينتهكون حقوق النساء والفتيات في اليمن، ويفرضون بشكل متزايد القيود على حريات النساء منذ سيطرتهم على صنعاء في 2014”.
وكشفت المنظمة في بيان أن “حقوقيين تابعين للأمم المتحدة أرسلوا كتابا إلى الحوثيين يعرضون فيه بالتفصيل الانتهاك المنهجي لحقوق النساء والفتيات من قبل الجماعة، بما في ذلك حقهن في حرية التنقل وحرية التعبير والصحة والعمل، بالإضافة إلى تفشي التمييز ضدهن”.
وأضاف البيان “يلزم الحوثيون أكثر فأكثر النساء على السفر مع محرم (قريب ذكر أو زوج) أو بموجب موافقة خطية من ولي الأمر، وقد أصبح هذا الشرط قانونا بحكم الواقع في جميع المناطق التي يسيطرون عليها”.
وقبل أيام، حكمت محكمة تابعة للحوثيين بصنعاء بحبس عارضة الأزياء انتصار الحمادي خمس سنوات بعد أن قضت عامين في سجون الجماعة، رغم مطالبات دولية ومحلية بضرورة الإفراج عنها.
وفي تعليقها على هذه الانتهاكات، تقول الناشطة اليمنية نسيم عبدالله إن “الوضع الحقوقي للنساء في المناطق الخاضعة للحوثيين أصبح لا يطاق”.
وأضافت أن “الحوثيين يواصلون فرض الكثير من القيود على حرية النساء، بما في ذلك طريقة اللباس واختيار العبايات التي توافق عقول من يديرون الجماعة”.
وأشارت إلى أن الإجراءات الحوثية، خصوصا ضوابط العبايات، أصبحت محل رفض كبير وسخرية من قبل معظم السكان.
ورأت أن “الحوثيين فرضوا هذه الإجراءات غير القانونية، وكأن المرأة اليمنية غير محتشمة، وهو بمثابة اتهام ضمني محل استنكار واستغراب شعبي”.
ولفتت نسيم إلى أن “الحوثيين قيدوا حركة المرأة ونشاطها في المجتمع المدني، وأصبح أي نشاط مهما كان عاديا يتطلب تصريحا رسميا مسبقا من الجماعة”.
وأضافت أنه “في إحدى المرات اقتحم مسلحون إحدى الفعاليات النسوية بصنعاء بشكل مستفز، ضمن سلسلة مضايقات بحق اليمنيات”.
وعلى مدار السنوات الماضية، طالبت منظمات وناشطون حقوقيون جماعة الحوثي بضرورة احترام حقوق الإنسان وتجنب ممارسة أي انتهاك.
ومع ذلك تشير الجماعة بشكل متكرر إلى أنها تحترم حقوق الإنسان، وأن ما يثار ضدها هو من معارضين مؤيدين لما يصفونه بالعدوان (في إشارة إلى التحالف العربي الذي تقوده السعودية).
وتعلق نور سريب وهي مدافعة عن حقوق الإنسان، ورئيسة تحرير صحيفة “الوطن توداي” بالقول “ما يحدث في صنعاء ومناطق سيطرة ميليشيات الحوثي كارثة، بعد فرض التجويع وحرمان النساء من العمل في وظائف عدة”.
وأضافت سريب “أصبح الحوثيون اليوم يشددون الخناق على ملابس النساء بتحديد الألوان والأشكال”.
وأشارت إلى أن “هذه القيود الحوثية تأتي رغم أن زي اليمنيات محتشم، وهو عبارة عن عباية تغطي كامل الجسم، ولكن الخلل الحقيقي في عقول وقلوب تلك الجماعة التي ترى المرأة كعنصر غير أخلاقي وتحذو حذو حركة طالبان الأفغانية”.
ورأت سريب أنه “ليس مستغربا إذا قررت جماعة الحوثي في يوم ما فرض قيود جديدة على النساء مثل حرمان الفتيات من التعليم”.
وأفادت بأن “الوضع الحقوقي للنساء في المناطق الخاضعة للحوثيين متدهور جدا، حيث يتم انتهاك حقوق النساء بشراسة، وأبسط مثال على هذا الانتهاك والظلم المحاكمات الصورية التي تمت لعارضة الأزياء اليمنية انتصار الحمادي، رغم أن القانون لم يجرم هذه المهنة ولكن الجماعة قررت معاقبتها بالاعتقال والمحاكمة الصورية والحبس خمس سنوات ظلما وجورا”.
وحذرت سريب من أن “مستقبل حقوق النساء في ظل سيطرة الحوثيين سيكون مليئا بالظلم والاعتقالات لليمنيات اللواتي يحاولن العيش متمسكات بحقهن الوارد بالدستور والقانون”.
وطالبت سريب الأطراف السياسية الدولية الفاعلة في حل الأزمة اليمنية بأن تبادر بالضغط على ميليشيات الحوثي لرفع هذه الانتهاكات عن النساء، وجعل الملف الحقوقي النسوي نصب أعينهم، كون معاناة النساء كبيرة وهن الطرف الأكثر تضررا من هذه الحرب المستمرة.
سابقة خطيرة
ويشكو كثير من اليمنيين من تقييد حرياتهم من قبل الحوثيين، ويشددون على أن الجماعة تمارس أصنافا من الانتهاكات بحق النساء والرجال.
ويقول المواطن بلال عبدالحميد إن “انتهاكات الحوثيين تشمل اليمنيات واليمنيين بمختلف مكوناتهم ضمن خطة القمع التي تعتمد عليها الجماعة لتخويف السكان”.
وأضاف لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) أن “التدخل الحوثي في خصوصيات النساء يعد سابقة في تاريخ اليمنيين الذين يعتبرون المرأة خطا أحمر لا يمكن تجاوزه”.
ولفت إلى أن “إجراءات الحوثيين لا علاقة لها بالدين الإسلامي الذي يحرم ممارسة الانتهاكات بكافة أنواعها”.
وأشار إلى أن “عدم قدرة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا على هزيمة الحوثيين عسكريا شجعهم على ممارسة إجراءات قمعية مستمرة دون رقيب أو حسيب”.العرب