ادب وثقافة

العثور على كتاب مفقود لبيرم التونسي بعد 100 عام




مي إبراهيم



بعد مرور 62 عاماً على رحيل بيرم التونسي (1893 –1961) قادت المصادفة إلى العثور على كتاب غير معروف للشاعر الراحل في فرنسا، التي أقام فيها سنوات عندما كان منفياً عن مصر.

الكتاب يضم مقالات كتبها بيرم التونسي في عام 1922، أي منذ 100 سنة، وكانت نشرت في مجلة تسمي الشباب وكان ينشرها غالباً من دون التوقيع باسمه بسبب منعه من الكتابة في مصر وقتها لخلافه مع القيادة الحاكمة بسبب مقالات ينتقد فيها الملك آنذاك وترتب عليها صدور قرار بنفيه من استمر لقرابة الـ 16 عاماً.

الأصول التونسية لبيرم التونسي ترتب عليها أنه كان خاضعاً للحماية الفرنسية وليس لسلطة الإنجليز الذين كانوا يحتلون مصر خلال هذه الفترة، ولذلك فعند صدور قرار نفيه توجه إلى تونس وأمضى فيها فترة ثم انتقل بعدها إلى فرنسا ولم ينقطع عن الكتابة، وإنما كان يرسل مقالاته إلى مصر لتنشر من دون توقيعه، كما كتب خلال هذه الفترة مسرحيات وأغنيات.



غلاف المقالات التي كتبها بيرم التونسي منذ 100 سنة ولم يوثقها المؤرخون (مواقع التواصل)​​​​​​​


عرف بيرم التونسي بـشاعر الشعب وهرم الزجل واعتبره النقاد رائداً لشعر العامية في مصر، وتجربته في كتابه الشعر الغنائي ربما تعد من تجاربه الأبرز إذ كتب لكثير من مطربي عصره وتعد تجربته مع أم كلثوم علامة مميزه لكليهما، إذ يرى بعض النقاد أن بيرم التونسي نجح في تقريب أم كلثوم من عوام الناس بكلمات سهلة وبسيطة قريبة من البسطاء بعد أن كان اعتمادها الأساس على غناء القصائد والأشعار المكتوبة بالفصحى.

الكتاب المفقود

يضم الكتاب الذي تم العثور عليه أخيراً ويأتي تحت عنوان “السيد ومراته في مصر” ثماني مقالات و10 مقامات تعكس واقع وطبيعة الحياة الاجتماعية في مصر بأسلوب الكتابة الساخرة الذي تميز به بيرم التونسي وصدر في طبعة حديثة عن دار المحرر للنشر.

وقال مكتشف الكتاب الطبيب المصري والباحث في التراث والتاريخ عصمت النمر، “كنت أبحث مصادفة في المكتبة الوطنية الفرنسية التي تصنف كواحدة من أهم المكتبات في العالم، ووجدت هذا الكتاب بتنويه بأنه لمحمود بيرم التونسي، وهو عبارة عن مجموعة من المقالات التي كان ينشرها في مجلة الشباب خلال فترة وجوده في فرنسا إلى جانب مجموعة نادرة من المقامات التي اشتهر بها بيرم التونسي تكتشف للمرة الأولى، وغير موثقة في المقامات التي عمل على جمعها وتوثيقها طاهر أبو فاشا”.

وأضاف النمر لـ “اندبندنت عربية” أن “هذا الكتاب لم يذكره أحد من المؤرخين ولا توجد له نسخ في مصر أو في أي مكان، لكن يوجد لبيرم التونسي كتاب معروف على نهج هذا الكتاب نفسه بعنوان ’السيد ومراته في باريس‘ فهذا الكتاب غالباً لم يتم نشره في مصر لأن بيرم التونسي خلال هذه الفترة كان غالباً يكتب من دون التوقيع باسمه أو باسم مستعار، لأنه كان ممنوعاً من الكتابة بسبب نفيه خارج مصر، ومرت السنوات ولم يعلم أحد شيئاً عن هذا الكتاب، وبالطبع فإن اكتشاف هذه الكتابات يمثل إضافة إلى تراث بيرم التونسي الذي يعد من رواد فترة النصف الأول من القرن الـ 20”.

مقالات ساخرة لواقع الحياة الاجتماعية

كتب بيرم التونسي الأزجال والأغنيات وسيناريوهات الأفلام إضافة إلى المقالات التي كتبها بأسلوبه الساخر، ومن أشهر ما كتبه وعرف به المقامات التي برع فيها وكتبها بأسلوب ولغة سهله قريبة من الناس، ويضم الكتاب مجموعة منها تنشر للمرة الأولى.

وحصل بيرم التونسي عام 1960 على جائزة الدولة التقديرية في مصر ورحل بعدها بعام واحد عام 1961 عن 68 سنة، وجمعت الهيئة المصرية للكتاب أعمال بيرم التونسي في 12 مجلداً، ولكنها لم تضم الأعمال الكاملة لأن بعض إنتاجه لم يوثق بشكل كامل لظروف نفيه وكتابته من دون توقيع أو بأسماء مستعارة لتظهر بعض أعماله لاحقاً مثل الكتاب الأخير.



غلاف الكتاب المنشور حديثاً بعد 100 سنة على كتابة محتواه (مواقع التواصل)


وأوضح النمر، “يضم الكتاب مقالات ومقامات عرفت بأنها مجموعة مقالات انتقاديه نشرتها مجلة الشباب تتناول مواقف بين السيد وزوجته وتعكس طبيعة الواقع الاجتماعي وتتقاطع مع الوضع السياسي خلال هذه الفترة بشكل غير مباشر، ويمكن من خلالها التعرف على شكل الحياة والعادات الاجتماعية السائدة خلال هذه الفترة، إذ كتبت المقالات عام 1922 أي منذ 100 سنة، وهي تحمل أسلوب بيرم المعروف نفسه لجمهوره، سواء في كتاباته أو في المقامات التي اشتهر بها وكانت تجمع بين الفصحى والعامية في تركيبة فريدة ميزت كتابات بيرم التونسي عن أي شاعر آخر”.

وأضاف، “كانت الكتابة بالعامية غير شائعة على الإطلاق خلال فترة العشرينيات بخلاف وقتنا هذا، واشتهر بيرم بكتاباته العامية ولغته السهلة التي تصل لعوام الناس، لأنها تعبر عنهم سواء من حيث اللغة أو من حيث المضمون الذي يمثل واقع الحياة الاجتماعية بشكل ساخر، وفي الوقت ذاته حققت الأغنيات التي كتبها نجاحاً ساحقاً فتجربته في الشعر الغنائي شديدة التميز، إضافة إلى تجربته في الكتابة للسينما، إذ كتب السيناريو والأغاني لبعض أفلام أم كلثوم في ذلك الوقت”.انديبنديت

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى