شؤون محلية

صحيفة دولية:حكومة معين عبدالملك أمام فرصة للإنقاذ.. فهل تحسن استغلالها


فرص الحكومة اليمنية في الحصول على دعم إقليمي ودولي تتراجع بشكل مستمر.
عدن اوبزيرفر-العرب: أكد خبراء اقتصاديون أن الوديعة السعودية التي تم إيداعها في البنك المركزي اليمني والتي بلغت مليار دولار سيكون لها أثر إيجابي على الاقتصاد اليمني خصوصا في المناطق المحررة، لكنهم شددوا على ضرورة أن تتخذ الحكومة اليمنية حزمة من الإجراءات الاقتصادية لتحقيق الاستفادة المرجوة، وحتى يكون الانعكاس الإيجابي للدعم الخارجي فاعلا ودائما وليس لحظيا.

وتواجه الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا جملة من التحديات الاقتصادية، يأتي في مقدمتها الإجراءات الحوثية العلنية والخفية التي تستهدف القطاع الاقتصادي والمالي في المحافظات المحررة، إلى جانب قضايا الفساد وسوء إدارة الموارد التي اعتبرها مراقبون ثقبا أسود يبتلع كل الدعم الإقليمي والدولي المقدم للشرعية.

وعن الآثار المتوقعة جراء إيداع السعودية مليار دولار في البنك المركزي اليمني في عدن، قال الخبير الاقتصادي اليمني مصطفى نصر رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي أن الوديعة السعودية ستكون لها انعكاسات ايجابيه على أسعار الصرف تحديدا كون هذه الوديعة مخصصة كما أعلن لتعزيز احتياطيات البنك المركزي من العملة الصعبة، وهو ما سيمكن البنك المركزي من لعب دور فاعل ومهم لتحقيق الاستقرار في سعر العملات خلال الأشهر المقبلة.

وأعتبر نصر في تصريحات لـ”العرب” أن هذه الخطوة إيجابية فيما يتعلق بتهدئة السوق وتحقيق استقرار في سعر العملة، لكنها تظل حلا مؤقتا وليست حلا مستداما على اعتبار أن المليار الدولار يغطي احتياجات السوق لعدة أشهر أو قد يغطي تلك الاحتياجات خلال العام الراهن وبعض الأشهر خلال العام المقبل.

وأشار إلى أن الحكومة اليمنية في حاجة إلى البحث عن مصادر مستدامة وفي حاجة أيضا إلى إصلاحات فيما يتعلق بالسياسة المالية والبحث عن موارد مستدامة لخفض العجز في الموازنة العامة للدولة، وإيجاد مصادر للنفقات الحكومية لاسيما النفقات الأساسية كالمرتبات والبرنامج الاستثماري وغيرهما.

وتابع “الحكومة أيضا في حاجه إلى تجفيف منابع الفساد المرتبطة بموضوع الإنفاق العبثي الذي لا بد أن يتوقف سواء كان في القطاع العسكري أو في المجال المدني وتعزيز منظومة مكافحه الفساد والشفافية”، مشددا على أن “كل هذه متطلبات أساسية وهي جزء من البرنامج الذي تم الاتفاق عليه مع صندوق النقد العربي وأعتقد أن إنفاق هذه الوديعة يفترض أن يكون على درجة عالية من الشفافية ومن الوضوح وأيضا أن تخدم الأهداف التي وضعت لأجلها”.

وتعاني الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا من شح غير مسبوق في الموارد المالية بعد توقف تصدير النفط نتيجة الاعتداءات الحوثية التي طالت موانئ تصدير النفط والغاز في محافظتي حضرموت وشبوة، وربط الحوثيون توقف تلك الهجمات والسماح باستئناف تصدير النفط بتقاسم الموارد مع الشرعية.

مراقبون يشيرون إلى نشوء شبكات مصالح متبادلة بين أطراف حوثية وأخرى محسوبة على الشرعية اليمنية ساهمت في تعميق الأزمة الاقتصادية للحكومة

وعزز الحوثيون حربهم الاقتصادية المفتوحة ضد الحكومة اليمنية باتخاذ سلسلة من الإجراءات التي استهدفت تحويل السفن التجارية من ميناء عدن إلى ميناء الحديدة، بالإضافة إلى فرض سياسات نقدية تسببت في استنزاف الاقتصاد الهش في المحافظات المحررة.

واعتبر عبدالحميد المساجدي رئيس منتدى الإعلام والبحوث الاقتصادية أن الوديعة السعودية جاءت بمثابة حافز مؤقت يساعد الحكومة على البدء في الإصلاحات الاقتصادية المتفق عليها مع صندوق النقد العربي، وهي تمكن البنك المركزي من تفعيل أدوات السياسة النقدية بما يحافظ على سعر صرف العملة الوطنية، مشيرا إلى أن الحكومة تواجه في الوقت الحالي عددا من التحديات في ظل المستجدات الاقتصادية التي طرأت على الساحة منذ أكتوبر 2022، وتوقف تصدير النفط، والمخاطر التي أتت بعدها من إمكانية تعثر الحكومة عن الوفاء بالتزاماتها بصرف مرتبات الموظفين في المناطق المحررة، إضافة إلى مخاطر عدم قدرة القطاع الخاص على استيراد السلع والخدمات مع عجز في تأمين موارد النقد الأجنبي.

وأشار المساجدي في تصريحات لـ”العرب” إلى أن الوديعة ليست حلا إستراتيجيا بقدر ما ستوفره من مساحة للحكومة للتحرك في اتجاه خطوات بناء وتطوير منظومة اقتصادية في جانبيها المالي والنقدي لحشد الموارد وترشيد النفقات وتفعيل الوحدات والمؤسسات الاقتصادية وتنفيذ القرارات ذات الصلة.

وأضاف “أعتقد أن البداية إما بتفعيل المجلس الاقتصادي الأعلى وإشراك السلطة المحلية في عضويته والقطاع الخاص والجهات الأمنية أو تفعيل الفريق الاقتصادي المنبثق عن اتفاق نقل السلطة في أبريل 2022، أو تشكيل هيئة جديدة تكون بمثابة غرفة طوارئ اقتصادية برئاسة رئيس مجلس القيادة لوضع إستراتيجية اقتصادية وتنفيذها”.

ويتهم ناشطون الحكومة اليمنية بعدم اتخاذ إجراءات مقابلة لمواجهة القرارات الحوثية، مؤكدين أن الكثير من إيرادات قطاع الاتصالات وبعض القطاعات الاقتصادية الأخرى مازالت تذهب إلى خزينة الحوثيين في صنعاء.

ويشير مراقبون يمنيون إلى نشوء شبكات مصالح متبادلة بين أطراف حوثية وأخرى محسوبة على الشرعية اليمنية ساهمت في تعميق الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها الحكومة، إلى جانب امتناع عدد من القوى والأطراف في الشرعية من تحويل إيرادات المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى البنك المركزي اليمني في عدن.

وتسبب التراجع في الثقة بإجراءات المؤسسات الرسمية التابعة للشرعية في إبطاء تحويل الودائع المالية التي أعلنت عنها دول التحالف العربي في وقت سابق، كما تم ربط الودائع الجديدة بضرورة اتخاذ إجراءات مالية واقتصادية للحد من الفساد وتعزيز الشفافية، وإشراك مؤسسات مالية إقليمية ودولية في الرقابة في صرف تلك الودائع مثل صندوق النقد العربي.

وكشفت مصادر يمنية مطلعة عن تعثر عدد من القرارات التي كان من المفترض أن تصدر عن مجلس القيادة الرئاسي لتفعيل مؤسسات الرقابة وإعادة تشكيل الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وهيئة مكافحة الفساد، نتيجة خلافات بين مكونات الشرعية حول آلية تشكيل تلك المؤسسات.

ويؤكد خبراء أن فرص الحكومة اليمنية في الحصول على دعم إقليمي ودولي تتراجع بشكل مستمر، نتيجة سوء التعامل مع الدعم المقدم دون انعكاس ذلك بشكل فعال على المنظومة الاقتصادية والمالية التي تعاني من استشراء الفساد والاستقطابات السياسية والحسابات الخاصة وانعدام الرقابة وغياب الإرادة السياسية لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي المستمرة.

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد ايضا
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى