عقدة الحرب والسلام في اليمن
ثابت حسين صالح
هناك قاعدة عامة في تاريخ الحروب تؤكد أنه مقابل الضحايا ومآسي الحرب ودمارها لدى عامة الشعب…هناك حفنة من الناس كانت دائما هي المستفيدة وصاحبة المصلحة الأولى في استمرارها. هذه الحفنة تضم امراء الحروب وتجارها وأبواقها.
الحرب في اليمن الجارية منذ عام ٢٠١٤م حينما أقتحم الحوثيون العاصمة اليمنية صنعاء هي أطول الحروب اليمنية وربما العربية وأكثرها دمارا وخرابا ومآسيا.
التحول النوعي والدراماتيكي في هذه الحرب بدأ حينما طور الحوثيون هجومهم باتجاه الجنوب في مارس ٢٠١٥م بعد استسلام محافظات الشمال وانضمام الجيش والحرس الجمهوري لهم.
هذا الغزو اليمني للجنوب، الذي قاده الحوثي هذه المرة، هو الغزو الثاني للجنوب ، حيث كان الغزو الأول عام ١٩٩٤م بقيادة الرئيس الأسبق علي صالح وبالتحالف مع حزب الإصلاح و”المجاهدين الأفغان العرب”.
ومثلما قاوم الجنوبيون غزو ١٩٩٤م…قاوموا ايضا غزو ٢٠١٥م، رغم فارق وميلان ميزان القوى والوسائل لصالح الشمال،…لكن هذه المرة تدخل التحالف العربي بقيادة السعودية بعد أن رأى أن عدنا يمكن أن تلحق بصنعاء وتسقطان معا بيد إيران كما سقطت قبلهما بغداد ودمشق وبيروت.
من ساعد التحالف العربي على الانتصار في بداية الحرب هو شعب الجنوب الذي التقت ارادته في التحرر من الاحتلال الشمالي مع إرادة التحالف في مواجهة الخطر الايراني في جنوب شبه الجزيرة العربية.
كانت النتيجة أن تحررت عدن وكل محافظات الجنوب على أيدي ابنائها المقاومين وبدعم من التحالف العربي في خلال أشهر معدودات…بينما ظلت صنعاء وكل محافظات الشمال تقريبا تحت سيطرة الحوثيين رغم الدعم الكبير والسخي الذي قدمه التحالف العربي لل “الجيش الوطني” و”المقاومة الشعبية” في الشمال…التي استولى على قيادتهما حزب الإصلاح بصفة خاصة وبعض القيادات والمشائح والأحزاب بصفة عامة.
هذه القيادات اعتبرت الحرب مجرد فرصة للتكسب والابتزاز والاغتناء على حساب التحالف وعلى حساب آلام ومآسي السواد الأعظم من الناس في مشهد يعيد إلى الاذهان مشهد الحرب الأهلية بين “الجمهوريين” و”الملكيين”في الشمال ١٩٦٢-١٩٧٠…هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى هذه القيادات كانت حربها الحقيقية موجهة لافساد نصر الجنوب وعرقلة تطبيع الاوضاع فيه…بدلا من توجيه مجهودها الحربي والمالي والاعلامي الضخم لتحرير صنعاء ومحافظات الشمال من الحوثيين- ذراع ايران المخلص والقوي في المنطقة العربية-.
بعد ما يقارب التسع سنوات ما تزال عقدة الحرب في اليمن هي هي…بقاء الشمال تحت سيطرة الحوثيين الذين يهددون أيضا أراضي المملكة وأراضي الجنوب ايضا، مقابل إصرار قوى الشمال سواء المنضوية منها تحت قيادة الحوثيين أو المنضوية منها تحت مظلة الشرعية…إصرارها على استمرار احتلال الجنوب وتقاسم ثرواته!
بمعنى ابسط قوى الشمال “الشرعية” لا تريد أو لا تستطيع تحرير الشمال ولا تريد للجنوب أن يتحرر ويستقر.
فهل آن للتحالف العربي أن يفكفك هذه العقدة المرضية المزمنة ويحسم أمره؟