تقارير

سد حسان.. يسلط الضوء على مشكلة المياه في اليمن


عدن اوبزيرفر-منير بن وبر – كيوبوست:
يعد مشروع سد حسان في محافظة أبين، جنوب البلاد، أكبر مشروع زراعي مائي على مستوى المحافظة، وأكبر المشروعات الاستراتيجية في مجال الري على مستوى البلاد، حسب ما تفيد به تصريحات المسؤولين. تكمن أهمية السد الاستراتيجية في موقعه المهم في دلتا أبين، التي يكونها كل من وادي بنا ووادي حسان، اللذين تنتشر بهما مساحات زراعية شاسعة.

الحكومة اليمنية الشرعية أعلنت قرب تدشين مشروع سد استراتيجي في محافظة أبين، بتمويل من دولة الإمارات العربية المتحدة، خلال الأيام المقبلة؛ وذلك بعد سنوات من التعثر بسبب ظروف الحرب التي تمر بها البلاد منذ عام 2011.

يأتي مشروع سد حسان في ظل ظروف مناخية وبيئة قاسية يمر بها اليمن؛ حيث تم تسجيل عام 2022 باعتباره ثالث أكثر الأعوام جفافاً خلال الأعوام الأربعين الماضية، بعد كل من عامَي 2014 و2000. كما تشير الدلائل الحديثة إلى زيادة الأحداث المناخية المتطرفة والمفاجئة؛ والتي تؤدي إلى تهديد الأمن الغذائي المتردي في البلاد. يعد اليمن أحد أفقر بلدان العالم وأحد أكثرها عرضة لتأثيرات تغير المناخ، بالإضافة إلى ذلك، لدى البلاد وصول ضئيل أو معدوم إلى التمويل المتعلق بالمناخ بسبب النزاع.



سيول غزيرة تقطع الخط الرئيسي في محافظة أبين- وسائل التواصل

مشروع استراتيجي

تنتج محافظة أبين ما نسبته نحو 4.4 في المئة من الإنتاج الزراعي في اليمن؛ وهي موطن للعديد من الأودية، منها وادي حسان، ووادي بنا الشهير الذي ينحدر من محافظة إب الخضراء، وسط اليمن، ليصب في بحر العرب. تُعد الزراعة وصيد الأسماك النشاطَين الأساسيَّين لأبناء محافظة أبين.

يُسهم مشروع سد حسان، المزمع تدشين العمل به الشهر الجاري، في تغذية المياه الجوفية لمحافظة أبين والمحافظات المجاورة لها، وري الأراضي الزراعية وتقليل السيول الجارفة. بالإضافة إلى مكافحة التصحر والحد من تدهور الأراضي وحمايتها من الانجراف في ظل تغيرات مناخية قاسية تشهدها البلاد. يمكن أن يكون لكل ذلك دور حاسم في توفير العديد من فرص العمل في المحافظة، والمساهمة في تحسين الأمن الغذائي في البلد الذي يوصف بأنه يواجه أكبر أزمة إنسانية في العالم.

علاوة على أهمية السد في تنمية القطاع الزراعي بالمحافظة، ومكافحة آثار تغير المناخ، فإن لسد حسان دوراً استراتيجياً في تغذية محافظة عدن، العاصمة المؤقتة للبلاد، بالمياه. يُذكر أن السعة التخزينية للسد تزيد على 19.5 مليون متر مكعب، ويروي 22000 فدان من الأراضي الزراعية.

أزمة المياه في اليمن

يشهد اليمن تغييرات مناخية تؤثر بشدة على الأمن الغذائي وتوافر المياه والزراعة في البلاد. في اليمن، يزيد معدل استهلاك المياه عن معدل تجددها بكثير، كما يعتمد على الزراعة والرعي ثلاثة أشخاص من كل أربعة من السكان. بالإضافة إلى كل ذلك، تؤثر تقلبات الطقس والمناخ على متغيرات بيئية أخرى؛ مثل إنتاجية التربة، مما يجعل إدارة قطاع الزراعة والمياه في البلاد بشكل فعَّال أهم أكثر من أي وقت مضى.



طفل ينتظر ملء الدلاء في صنعاء- AP

شهد اليمن أحد أكثر السنوات جفافاً عام 2022 خلال أربعة عقود، كما شهد تناقصاً أيضاً في هطول الأمطار وحالات متزايدة من الجفاف والفيضانات المفاجئة التي يُتوقع تكرارها مستقبلاً. يعاني اليمن بشكل عام ندرة المياه؛ في بعض المناطق؛ يفوق استهلاك المياه معدل التجدد السنوي (تغذية الأحواض المائية) بأربع مرات ونصف تقريباً. تتسبب التغيرات المناخية وندرة المياه في أضرار بالغة للزراعة التي توفر 80 في المئة من الغذاء في اليمن.

تقدر مساحة الأراضي الزراعية في اليمن بنحو 6,1 مليون هكتار، يتم ري ستة في المئة منها من خلال السدود و10 في المئة من مياه الفيضانات. يعاني نحو 17 مليون شخص من سكان اليمن من محدودية الوصول إلى المياه الصالحة للشرب، كما يؤدي تناقص المياه إلى تخلي المزيد من المزارعين عن أراضيهم الزراعية والبحث عن مجالات عمل أخرى. في عام 2022، قفزت نسبة الأشخاص غير القادرين على تلبية احتياجاتهم الغذائية إلى نحو 63٪ من إجمالي السكان بعد أن كانت 53٪ في عام 2021.

نقص التمويل

تعاني الدول المتأثرة بشدة من تغيرات المناخ، مثل اليمن، نقصاً حاداً في تمويل المشروعات والمبادرات التي يمكنها الحد من تلك الآثار المدمرة؛ حيث يتسبب النزاع المستمر في اليمن في مخاطر جمة على مثل تلك الاستثمارات المصيرية.

تنطبق مشكلة نقص التمويل أيضاً على المشروعات الإغاثية الأكثر إلحاحاً في قطاع المياه والقطاعات ذات الصلة؛ في العام الماضي -على سبيل المثال- أفادت كتلة المياه والنظافة والإصحاح البيئي أن نسبة تمويل مشروعاتها في اليمن بلغت 27 في المئة فقط من مقدار الاحتياج، والبالغ 302.2 مليون دولار، والذي يستهدف 13.1 مليون شخص من سكان اليمن.



الشيخ زايد -طيَّب الله ثراه- وجَّه بتنفيذ مشروعات تنمية عديدة في اليمن- أرشيف

بالعودة إلى مشروع سد حسان في أبين؛ فقد تعثر هذا المشروع الحيوي في البلاد بسبب النزاع الدائر منذ عام 2011. تبلغ التكلفة الإجمالية للمشروع نحو 100 مليون دولار، ويأتي بتمويل من صندوق أبوظبي للتنمية.

يُذكر أن دولة الإمارات العربية المتحدة تبدي اهتماماً كبيراً بمشروعات المياه والزراعة في اليمن؛ ففي عام 1986 على سبيل المثال، تبرع رئيس الإمارات، الشيخ زايد آل نهيان، رحمه الله، لإعادة بناء وتأهيل وتوسعة سد مأرب التاريخي الشهير، وفي عام 2003 بدأ العمل في مشروع تأهيل آخر للسد بتمويل من صندوق أبوظبي للتنمية.

تجنب ما هو أسوأ

تُعد ندرة المياه مشكلة متنامية في أجزاء كثيرة من العالم. مع تزايد عدد السكان وزيادة الطلب على المياه، تواجه العديد من البلدان تحدياً صعباً لتوفير ما يكفي من المياه النظيفة لجميع مواطنيها. البلدان الفقيرة معرضة بشكل خاص لآثار ندرة المياه؛ بسبب افتقارها إلى الموارد اللازمة لبناء بنية تحتية مناسبة وتوفير إمكانية الوصول إلى المياه النظيفة للجميع، ويزيد التحدي صعوبة عندما تكون مثل تلك البلدان الفقيرة في حالة نزاع ما.

هناك عدد من الطرق التي يمكن أن تواجه بها البلدان الفقيرة مشكلة ندرة المياه، إحداها الاستثمار في بنية تحتية أفضل؛ حتى يتمكن المزيد من الناس من الوصول إلى المياه النظيفة. وهناك طريقة أخرى هي تحسين إدارة الموارد المائية الموجودة؛ حتى يمكن استخدامها بشكل أكثر كفاءة، بما في ذلك تطوير أنظمة ري أفضل؛ بحيث يصبح المزارعون أكثر قدرة على استخدام كميات أقل من المياه عند ري مزارعهم.

وعلى الرغم من أهمية كل تلك الخطوات؛ فإن الدول التي تشهد نزاعاً مثل اليمن تحتاج أيضاً إلى المزيد من الدعم والقدرة على الوصول إلى مصادر التمويل المنقذة للحياة، جنباً إلى جنب مع جهود مضاعفة لإحلال السلام الذي يبدد مخاطر ذهاب كل المساعدات أدراج الرياح.

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى