الحكومة اليمنية تعرض على مصر موقعاً استراتيجياً لتخزين النفط الخام
عدن اوبزيرفر-متابعات:
يشهد اليمن حراكاً واسعاً، يطالب بوضع حد للاختلالات والتشوهات التي يعاني منها قطاع النفط والغاز، الذي يشكل المورد الرئيسي الوحيد للموازنة العامة للدولة، في ظل أوضاع صعبة يمر بها الاقتصاد اليمني، بفعل التبعات الأخيرة في الصراع الدائر وتركزه مؤخراً في هذا القطاع.
ويسعى اليمن أيضاً إلى إعادة ترتيب الاستثمارات في هذا القطاع، وما يتعلق به من عقود واتفاقيات وتحديد الاحتياجات الفعلية في هذا القطاع وبناء شراكات استثمارية جديدة لاستغلالها والاستفادة من الشركات العربية في هذا الجانب.
وفي هذا السياق، أكد مصدر حكومي مسؤول، في تصريح لـ”العربي الجديد”، أن وزير النفط والمعادن اليمني سعيد الشماسي عرض في اجتماع، وصفه بالمهم، مع نظيره المصري وزير البترول والثروة المعدنية المهندس طارق الملا، على هامش مؤتمر ومعرض مصر الدولي “إيجبس 2023″؛ موقعاً استراتيجياً يمكن من خلاله تخزين الخام والمنتجات البترولية وإقامة مصافى التكرير، والاستفادة من خبرات الجانب المصري في مجالات الغاز الطبيعي وخاصة الغاز الطبيعي المضغوط كوقود للسيارات، إلى جانب التعاون في مجال المعادن.
لكن الباحث الاقتصادي عبد الواحد العوبلي، استبعد في تصريح لـ”العربي الجديد”، أن يكون هناك أي اهتمامات استثمارية لمصر بالنظر لوضعها الاقتصادي الراهن، إضافة إلى حاجتها بالأساس لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية بالذات في الجانب النفطي، مشيراً إلى أن مصر بوضعيتها الراهنة لا تستطيع أن تقوم بالمشاريع التي تنفذها الصين على سبيل المثال في هذا الجانب، غير أنه بالإمكان أن يكون هناك تعاون في مجال نقل الخبرات للكوادر اليمنية في الزراعة والصناعة والخدمات المصرفية.
وتسعى الحكومة اليمنية في إطار توجهاتها الهادفة لتطوير الاتفاقيات البترولية في اليمن، باعتبارها من المجالات المهمة التي تطلبها صناعة البترول والغاز، إلى تواجد الشركات المصرية العاملة في مجالات المشروعات والخدمات مثل شركة “بتروجت” التي لها تجربة يمكن الاستفادة منها في هذا الجانب.
ويعتقد الباحث الاقتصادي جمال حسن العديني أن ذلك يأتي في سياق الأزمة التي يمر بها القطاع النفطي في اليمن، ووضعية الشركات النفطية الأجنبية المستثمرة في الحقول الإنتاجية، ومشكلة العقود التي تطاول عدداً من الشركات، والتغييرات التي تنتهجها الحكومة اليمنية فيما يتعلق بالعقود وانسحاب بعض الشركات والتوجه الرسمي في اجتذاب استثمارات وشركات جديدة، لكن الأهم أن لهذا الموضوع، وفق حديثه لـ”العربي الجديد”، جانباً آخر يتعلق بالمستثمرين المحليين الوسطاء، والذين قد يكون لهم ارتباطات واهتمامات مع قطاعات وشركات خارجية، ومحاولة تكوين شراكات استثمارية معهم.
ومع انتشار السيارات والمركبات العاملة بالغاز في اليمن، توضح بيانات رسمية المشكلة المزمنة التي تعاني منها البلاد في ارتفاع الفاقد من النفط والغاز من بعض الحقول المنتجة، وهو ما تطلب إعادة ترتيب قطاع النفط والغاز، حيث يعاني من مشاكل عديدة، منها نفط الكلفة والفاقد النفطي والاختلالات الادارية والمشاكل المتعلقة بالتخزين.
من جانبه، يرى فكري قاطن، مهندس بترول، كما جاء في حديثه لـ”العربي الجديد”، أن الموضوع يتعلق بتقديم وتطوير الخدمات الاستثمارية في قطاع النفط والاستفادة من الشركات العربية في هذا الجانب، إضافة إلى انسحاب بعض الشركات الأجنبية، كما يلاحظ من الاستثمار في قطاع النفط اليمني، وهناك توجه لتغطية هذا الجانب باستثمارات وشركات أخرى مصرية وغيرها من الشركات العربية والأجنبية.
ويضيف قاطن أن اليمن يعاني من مشكلة كبيرة في فقدان نفط الكلفة، وفي الغاز الطبيعي المضغوط وتكرير النفط، بسبب تدهور وضعية المصافي الحكومية، الأمر الذي يتسبب بالعديد من الأزمات في الوقود، وتشغيل محطات توليد الطاقة الكهربائية من فترة لأخرى.
ويرى خبراء اقتصاد أن الوقت قد حان في اليمن، مع الحراك السياسي الأخير، لتوحيد المواقف حول الحقوق السيادية لليمن في ثروة الغاز، وضرورة المطالبة بمراجعة اتفاقيات العقود مع الشريك المشغل “توتال”، لضمان بيع الغاز وفقاً للأسعار الدولية، إضافة إلى تعويض الحكومة عن الخسائر الناجمة من تصدير الغاز على حساب النفط في المكامن، ورسوم منشآت المنبع التي يجب أن تؤول ملكيتها إلى الحكومة وليس لشركة أجنبية غير قانونية.
وظهرت أيضاً مؤخراً حاجة اليمن في الوقت الراهن لتوسيع الاستكشافات في مجالات النفط والغاز والمعادن الأخرى، حيث أن الخارطة النفطية لليمن تشمل 84 قطاعاً، يتم إنتاج النفط من 9 قطاعات فقط منها، وهذا يعني أن بقية القطاعات مفتوحة وتحتاج إلى الترويج لاستقطاب الشركات العالمية للاستثمار فيها.
الجدير بالذكر أن وزارة النفط والمعادن اليمنية في عدن دشنت، الأسبوع الماضي، برامج تدريبية حول إدارة الاستثمارات العامة ونطاقها وأسبابها وتحليل تكاليف المنافع وفعالية التكاليف، وكيفية تصميم نظام تقييم واختيار للمشروعات.