كتاب عدن

الجنوب .. غياب الرؤية الإستراتيجية



أحمد سعيد كرامة
مارأيتُ شخصاً تنازل أكثر من اللازم …إلا وتم التنازلُ عنه . جبران خليل جبران

الرؤية الإستراتيجية هي عملية تقديم لمحة عامة عن المكان أو الموقع الذي تريد أن تكون فيه في وقت محدد من المستقبل ، أن من أبجديات أي رؤية جنوبية يجب أن يكون الشعب الجنوبي وتطلعاته وأهدافه والنهوض به من واقعه المأساوي المتردي ، وهذا مالم يحدث منذ ثمان سنوات عجاف مرت علينا كسبعمائة عام .

أن الاستفراد بالقرارات المصيرية والتخبط والارتجال والمناورات الفاشلة لغرض الابتزاز وبطانة السوء والنفاق لمعظم الزعماء والقادة الجنوبيين سمة هذه المرحلة الراهنة للأسف الشديد ، التي دفعنا ثمنها باهظا جدا جدا كشعب وأرض دون أي أن يتحقق لنا أي من الأهداف الانية أو المستقبلية الإستراتيجية رغم كل تلك التضحيات الجسام ، والغالبية منهم سقطوا سقوط مدوي أمام المناصب والمال المدنس بكل أنواع الباطل والظلم .

فرطنا بدماء الشهداء والجرحى الذين قدموا حياتهم وعافيتهم من أجل هدف واحد وهو إستعادة دولتهم الضحية التي جنى عليها ساسة وقادة لم يكونوا أمناء على شعبهم ودولتهم ، واليوم للاسف الشديد قد يتكرر نفس المشهد السياسي والعسكري والدبلوماسي السابق في نفس المكان مع إختلاف الزمان والشخوص .

أستغلوا طيبة أو سذاجة الغالبية العظمى من الشعب ، الذي ينجر دائمآ وبسهولة تامة خلف أي شعارات أو هتافات أو إشاعات ليمجد ذلك الصنم وينسى واقعه المأساوي ، إستغلوه أبشع إستغلال وبصورة إنتهازية وصولية للوصول إلى مآربهم الخاصة فقط .

وهناك بعض من الأقلام المأجورة الرخيصة التي دافعت وتدافع عن مصالحها الخاصة المتجسدة في ذلك الصنم الذي لا يرى ولا يسمع ولا يتكلم ولا يفكر إلا بلغة أنا ، وبعد خراب مالطا وضياع الفرصة التي لن تعوض ، لن يعتذروا للشعب الجنوبي كسابقيهم أولئك الأثوار الذين تقمصوا ويتقمصون زورا وبهتانا جلباب الثائرين الشرفاء .

سيذهبون وسيغادرون إلى الإقامة الاختيارية في عواصم الشتات ورغد العيش الكريم ، ويتركون شعبهم البائس الجائع الفقير ووطنهم المنكوب دائمآ وأبدا يواجهون لوحدهم مصيرهم المجهول كالعادة ، وسيهتف ويطالب مرة أخرى ذلك الشعب الساذج كالعادة بأولئك الإنتهازيين الوصوليين للعودة مرة أخرى لقيادتهم ، لم أجد أي تفسير منطقي أو عقلاني لهكذا ظاهرة غريبة وعجيبة .

التأريخ يعيد نفسه في جنوب اليمن فقط ، لأننا لم نتغير أو نغير من فهمنا للواقع والبحث عن مخارج وحلول عملية وواقعية للخروج من هكذا دوامة ، نكرر أخطاء الماضي في حاضرنا دون تقييم أو تصحيح ، وكأنها جينات وراثية تسيطر على تفكيرنا وسلوكنا وطريقة عيشنا ، على الإنتهازيين الوصوليين العودة إلى وطنهم وأسرهم إلى العاصمة عدن والاستقرار بها أو تقديم إستقالتهم وإعتزال النشاط السياسي إلى الأبد ، لا يوجد نضال ومناضلين عبر الأثير ووسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية .

كما أن الإسناد الجوي مهما عظم لا يصنع النصر بدون قوات برية تحكم قبضتها على الأرض ، أيضا لا يمكن لقيادات هاربة أو مهاجرة أن تقود شعبها ووطنها الى بر الأمان أو تستقل بقرارها وفق مصالح شعبها ووطنها ، بعض العواصم فتحت أبوابها في مرحلة حرجة وصعبة لأسر تلك القيادات فقط ، لكي تتفرغ تلك القيادات لمواجهة ومجابهة تلك المخاطر في وطنها بأريحية تامة ، لم تتوقع تلك العواصم أن تتخذ تلك القيادات عواصمها كوطن بديل للأبد ، ولم تتوقع أن يتاعظم ذلك الهروب الكبير لمعظم الزعماء والقادة وأسرهم وأقربائهم وبطانة السوء والنفاق ، وبالتالي دفعت تلك العواصم ثمنا باهظا جدا جدا لتلك الخطوة غير محسوبة النتائج والعواقب ، هل تعيد تلك العواصم حساباتها وتتخذ قرار صعب للغاية ومؤلم .

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى