الحل المطلوب في اليمن..مع من يتفاوض الجنوب؟
باسم فضل الشعبي
اذا كان الحوثيون يرفضون حتى الان كل المبادرات الخارجية والداخلية لإيقاف الحرب، وتجديد الهدنة، والذهاب إلى مفاوضات الحل النهائي، فمع من يتفاوض الجنوب؟
الوضع القائم في اليمن هو وضع منقسم سياسيا، الشمال اكثره وبنسبة 90بالمئة بيد الحوثي، والجنوب المحرر أغلبيته أمنيا وعسكريا بيد المجلس الانتقالي والتحالف، الا منطقة سيئون في حضرموت الصحراء ما تزال محل صراع ونزاع، بالإضافة إلى المهرة التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية والتحالف، وهذا يعني أن وجود المجلس الرئاسي وحكومة المناصفة اللذان يديران إداريا الجنوب بالشراكة مع المجلس الانتقالي، وكذا المناطق المحررة في الشمال وهي اجزاء من تعز ومأرب، لا يلغي من الواقع الانقسامي بين الجنوب والشمال شيئا، فكثير من الكتاب والمحللين السياسيين اليمنيين والعرب يرون أن استقلال الجنوب عن دولة اليمن أصبح أمرا واقعا لا ينقصه سواء الإطار القانوني، وهذا ما يبحث عنه الجنوبيون عبر المفاوضات، وليس عبر التسوية أو الحوار، فالمفاوضات هو المصطلح الحقيقي والواقعي الذي يصلح لحل قضية الجنوب كدولة دخلت في شراكة مع دولة اخرى، ثم فشلت الشراكة بعد سنوات ثلاث أو أربع من قيامها، اما التسوية والحوار فهما يعنيان بشكل رئيسي معالجة قضية السلطة بين أطراف الصراع، وهذا ينطبق على القوى الشمالية، الحوثيون والقوى المتواجدة في السلطة الشرعية، لان الجنوب -كما سبق- مشكلته ليست مع السلطة، وانما مع الدولة بدرجة رئيسية ومنطقية، لذا من حق الجنوبين أن يكون لهم وفدا تفاوضيا مستقلا عن المجلس الرئاسي والحكومة الشرعية، وهذا ما نؤكد عليه، وما ينبغي أن تعمل كل المكونات والقوى السياسية الجنوبية من أجله.
اعتقد ان المعلومات الأخيرة التي تحدثت عن حل الدولتين أو الكنفدرالية بين الجنوب والشمال، وهو المقترح الذي طرحه خبراء عسكريون أمريكيون، وقيل إنه نوقش من قبلهم مع القيادة السعودية، واكد عليه السفير البريطاني لدى اليمن في تصريحات إعلامية، وعدد آخر من السفراء الأجانب، فهذا يعني أن العالم بدأ يتفهم بشكل أكبر قضية الجنوب وحقيقة المشكلة في اليمن، فالجميع بات يعرف أنه لا يمكن العودة للوضع السابق في اليمن، ولا يمكن أن يتم منح الحوثيون فرصة حكم اليمن بأكمله، لن يقبل الجنوبيون بالحوثي اطلاقا لاعتبارات عديدة، فالحوار مع الحوثي تم عبر البنادق والرصاص في الجنوب، وتم تحرير الجنوب وطرد الحوثي منه إلى غير رجعة، لذا فإن الواقع يقول بضرورة إجراء مفاوضات بين الجنوب والشمال، وعلى الإخوة في الشمال استيعاب هذا الموضوع تماما، عليهم حل أزمة السلطة فيما بينهم ثم الاستعداد بكافة قواهم السياسية إلى مفاوضات مع الجنوب، هذا هو الأمر المنطقي والعقلاني، لان الحديث عن مشاركة الجنوب ضمن وفد المجلس الرئاسي في الحوار مع الحوثي، لن يكون مجديا، ولن يأتي بنتائج يقبل بها الشعب في الجنوب، وستظل المشكلة قائمة من دون حل في تقديري.
الحل ياتي من الداخل، وما ياتي من الخارج من حلول هو انعكاس لمطالب الداخل، فالشعب في الجنوب صامد على مطالبه وسقفه السياسي المرتفع، ولم تفلح كل الاستفزازات والممارسات التي تقوم بها الحكومة وغيرها على تركيعه وجعله يقبل بشروط الآخرين أو يعدل من سقف مطالبه.
الشمال هو الأكثر تشتتا، والحوثي يريد حوار وتسوية بشروطه، لذا على الأمم المتحدة والوسطاء العرب والدوليون، أن يلموا شتات القوى السياسية في الشمال اولا، بالضغط على الحوثي للقبول بالتسوية مع القوى الشمالية الاخرى، او دعم استمرار الحرب لتحرير صنعاء، وهذا أمر بات في حكم المستحيل بسبب تداخل الحسابات الإقليمية والدولية، لذا فالجنوب أصبح أكثر استعدادا وتماسكا لتشكيل وفده التفاوضي المستقل عن القوى الشمالية في المجلس الرئاسي والحكومة، وهو إلى الآن لم يجد-اي الجنوب- طرفا شماليا موحدا للتفاوض معه، وهذا يعقد المشكلة، ويفاقم حالة الانقسام والمعاناة الإنسانية والمعيشية بين أوساط السكان.
لن تستطيع أي قوة خارجية أو غيرها على أجبار الشعب في الجنوب للقبول بحلول منقوصة أو مشروطة مهما كان حجم التآمر أو الالتفاف او الضغوط التي تمارس عليه، سواء أكانت سياسية أو اقتصادية أو غيرها، واي حل لا يأخذ في الاعتبار مسألة التفاوض على أساس الدولتين، هو حل فاشل ولن يكتب له النجاح مطلقا.
-رئيس مركز مسارات للاستراتيجيا والاعلام
-رئيس المركز الاعلامي في مجلس الحراك الثوري
– عضو لجنة الرقابة في نقابة الصحفيين والاعلاميين الجنوبيين