» آثام البنادق « وقصص أخرى قصيرة جدّا /حسن سالمي
آثام البنادق
حين شردت عنزتي عن القطيع كانت الشّمس تسقط وراء التّلال. وكان لا بدّ أن أصعد الجبل حيث هي…
ذات منعطف تناهى إليّ صريرٌ جرحَ أذنيَّ مخلوطا بزمجرة مخيفة… تذكّرت أنّ هذا المكان قبل ثلاثة أيّام كان مهوى لمدافع العدوّ… مددت بصري، وهناك سقط على جثّة ثائر تعمل في عظامه أنياب الذّئاب بعد أن جرّدتها من اللّحم…
صُنِع في…
شقّوا على صدره. انتزعوا تلك المضغة. رأوا فيها صورة بعيرٍ وحسناءٍ ونفط… غمسوها في قدح عليه صورة شمعدان… غسلوها بمحلول غريب وركبّوا فيها صورا جديدة: شعبا يُذبح، وأرضا تسلب، وترابا يَحُدُّه أزرقان…
وأعادوها إلى مكانها فخفقت خفقانا له رنين المعدن وقعقعة الصّخر…
وعندما أقعى على عرشه والسّحرة بين يديه نبح كثيرا فبكى الشّعب…
من الزّمن الغابِر
– ارحل من هُنا!
– بلغ العطش مِنّي ومن بعيري. أرجوكم.
– غادر البئر وإلّا…
من بعيد يلوح فارس له غبار…
– لا مروءة لكم. كيف تمنعوه الماء؟
ويلوّح بسيفه فيصيب منهم…
– سِر أمامي حتّى أُبلغك مأمنك.
– (…)
– لم تنس طعنك لي غدرا. أنا نسيته!
– يا بن العمّ…
– لا عليك. إنّما أنا أنصرُ القبيلة!
العشاء الأخير
عندما رأيتك هرعتُ إليك كعادتي. تشمّمتك. حرّكتُ ذيلي فرحا بك. وكنت أتوقّع أن تعطيني العَلَف كما عوّدتني، لكنّك صرعتني فظننتك تلاعبني. لم أنتبه إلى زوجتك التي شدّتني من طرف حلقومي، ولا إلى تلك السّكّين التي كنت تخفيها وراءك…
عندما رُفِعت عنّي أعجميّتي وعُلِّمتُ منطق الأشياء، لم يؤلمني مثل غدرك بي… وتألّمت أكثر حينما رأيتك تأكل من لحمي وذاك الملك في السّماء ينظر إليك ويقول:
“كُل فهذا عشاؤك الأخير!”